إذا كنا نفهم التطور على أنه الآلية التي نستطيع التعامل بها مع المتغيرات المختلفة في الواقع والبيئة والمجتمع فسوف تسقط فكرة التطور باتجاه محاكاة الآخرين فيما تعاملوا به مع بيئتهم وظروفهم اذ يبقى لكل انسان تجربته الخاصة، وحينها يصبح التطور ضرورة ذاتية لطبيعة البشرية، ولكن لا مسوغ لإشكالية التطور ولا أهمية لتفعيله على مستوى الواقع اذا لم يكن أكثر من قشور ولا يلامس العمق باتجاه اعادة صياغة مضامين جوهرية وجذرية في نفسية المجتمع ونسيجه، وذلك بمحاولة فهم أنفسنا وما يختلج فيها وقراءة أفكارنا وتفهم انفعالاتنا والدفع باتجاه تفاعلنا مع متطلبات الواقع والتحديات واستحقاقاتها. ولذلك عندما كنت أتحدث في مقالة سابقة حول مسألة القانون والفهم الحقيقي له وما يشكله من أهمية في صياغة معادلة حقيقية فإن ذلك يشكل أهم بدايات التطور للعقلية العربية بما ينعكس على الواقع. وذلك عندما نفهم ماهية القانون. ومن هنا تبرز القيمة الانسانية لكل فرد.. فالدعوة الى التطور هي دعوة الى أن نمتلك فلسفة حقيقية موضوعية وواقعية للحياة وأن نسعى لإعادة النظر وتغيير رؤيتنا حول تعاطينا لمفاهيم وقيم جديدة ومختلفة فضلا عن حركة التطور والتقدم باتجاه أفق يمنحنا الرؤية الجوهرية لمصداقية الأمانة المودعة في النفس البشرية والكيان الانساني. فإذا كان في الطريق معوقات كثيرة فإننا زودنا بطاقات جبارة قادرة على مواجهة أقسى التحديات وأعتى المعوقات.