مع اقتراب يناير 2005 يحبس اصحاب مصانع النسيج والملابس في مصر على اعصابهم حيث يبدأ التطبيق الكامل لاتفاقيات الجات بما فيها الاتفاقية العالمية لصناعة النسيج. ويعني تطبيق الاتفاقية الالغاء الكامل للقيود الجمركية على المنسوجات والملابس وفتح السوق المصرية على مصراعيها امام هذه المنتجات لتنافس الصناعات النسيجية العريقة في مصر التي تمثل اكثر من40 بالمائة من اجمالي الناتج القومي ويعمل فيها اكثر من مليون عامل. ويرى خبراء الاقتصاد المصريون انه لابد من دعم الدولة لهذا القطاع حتى يساير هذه المرحلة الصعبة والا تعرض للانهيار. والمعروف ان القطاع العام المصري مازال يسيطر على 90% من صناعة النسيج. اما صناعة الملابس الجاهزة فمعظمها في يد القطاع الخاص وهي الاكثر عرضة للخطر عند تطبيق الاتفاقيات العالمية. ومما يزيد المشكلة تعقيداً امام صناعة النسيج المصرية ان القطاع العام الذي يزيد عدد مصانعه على اربعة الاف مصنع يرزح تحت عبء ديون ثقيلة تقف حائلاً امام تجديد قدراته التكنولوجية ويعاني ايضاً فائضا في العمالة تصل احياناً الى اكثر من ثلثي الايدي العاملة به. وتؤكد دراسة لمعهد التخطيط المصري ان ربع المصانع فقط تعمل بصورة جيدة في حين تحتاج 35% منها الى التطوير و 40% يجب التخلص منها. وفي الاشهر الاخيرة اجتاحت الملابس والمنسوجات الصنيية الاسواق الشعبية بعد قانون فتح الاسواق الذي بدأ العمل به في مارس الماضي.. بل ان البائعات الصينيات اصبحن يطرقن ابواب الشقق والبيوت في مصر عارضات بضائعهن الرخيصة والجيدة والمناسبة لدخول اغلبية الناس. وتعتبر الصين من اول المستفيدين من فتح الاسواق المصرية وتطبيق اتفاقيات التجارة الدولية كاملة مع قدوم عام 2005.. حيث تتصدر حالياً قائمة المصدرين بحصة تصل الى 28% من السوق العالمية مقابل 19% عام 1995. ويخشى رجال الصناعة المصرية ايضاً منافسة الهند وباكستان واندونيسيا الذين كانوا اكثر استعداداً لمواجهة السوق بعد الاتفاق الدولي الحالي حيث تستفيد هذه الدول من تجديد وتطوير معداتها ورخص الايدي العاملة المحلية مقارنة بمثيلتها في مصر. وكانت السوق المصرية لصناعة النسيج والملابس تتمتع بالحماية الجمركية في مواجهة منافسة المنتجات الاجنبية التي حظرت لاكثر من 40 عاماً وقد قوبل قرار فتح الاسواق امام هذه المنتجات بالارتياح من قبل المستوردين المصريين لكنه اثار القلق في اوساط رجال هذه الصناعة الذين يؤكدون انهم لم يحصلوا على الوقت الكافي لتجهيز انفسهم لهذه المنافسة الشرسة حيث ان سنوات الركود الاخيرة لم تمكنهم من تطوير معداتهم وتغيير ما يجب تغييره منها. والمعروف ان مصر قد حصلت على قرض بمبلغ 80 مليون يورو من دول الاتحاد الاوروبي لتطوير هذه الصناعة ولكن اغلب القرض لم يستخدم بعد. ومع ذلك فيرى بعض رجال الصناعة المصريين ان هذه المنافسة التي فرضت عليهم ستكون الدافع الاكبر لتطوير صناعات النسيج والملابس المصرية ودفعها للبحث عن الجودة عكس الحال في نظام الحماية السابق. اما القطن المصري فهو يعاني في الاسواق الخارجية منافسة القطن الامريكي المدعوم بشدة من الحكومة الامريكية.. وقد استفاد المصدرون المصريون عام 2003 من انخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة حوالي 40% وصدروا اكثر من مليوني قنطار من القطن طويل التيلة رفيع الجودة ليستوردوا في المقابل قطناً اقل جودة لتغطية حاجة المصانع المصرية. والمعروف ان مصر تصدر للولايات المتحدة والدول الاوروبية العديد من المنتجات القطنية عالية الجودة كالقمصان والتيشيرتات والمفروشات الا ان الولاياتالمتحدة ما زالت ترفض حتى منحها المزايا الجمركية التي منحتها للاردن حيث ان مصر وخلافاً للاردن ترفض حتى الان الانضمام الى اتفاقية مشتركة مع الولاياتالمتحدة واسرائيل تسمى باتفاقية الكويز التي تم بمقتضاها منح الامتيازات الجمركية للاردن.. وتنص هذه الاتفاقية على ان تكون 8% من مكونات المنتجات المصدرة الى الولاياتالمتحدة مستوردة من اسرائيل.