تشكل حالات الزواج التي تتم عن طريق الخاطبة في الرياض نسبة كبيرة تصل إلى 70% حسب رأي بعض الباحثين الاجتماعيين، في حين ترجع عدد من المطلقات أسباب طلاقهن إلى خداعهن من قبل الخاطبات اللواتي تصفن الرجل بصفات غير متوافرة فيه ثم يكتشفن أنه لا يمكن العيش مع أزواجهن، مما يجعل الطلاق هو الخيار الوحيد. معلومات كاذبة وقالت وفاء التي ارتبطت برجل عن طريق الخاطبة: إن زواجها لم يستمر سوى ثلاث ساعات فقط بعد اكتشافها أن زوجها مصاب بمرض جلدي معد لم تخبرها الخاطبة به. أما منى التي تزوجت عن طريق الخاطبة فقد اكتشفت أن زوجها مدمن وعانت معه، ولم تجد في النهاية مناصا من طلب الطلاق. الخاطبة "مظلومة"! ورغم ذلك فإن الخاطبة مازالت تمثل إحدى قنوات التواصل والجمع بين قلبين في مجتمع يمنع الاختلاط، ويشير أحمد سعيد إلى أنه لجأ إلى تزويج بناته عن طريق الخاطبة، رغم معرفته بأنها طريقة تقليدية نظرا لكثرة بناته وتخطيهن سن الزواج. في حين تعلل الطبيبة سلوى (35عاما) أسباب لجوئها للخاطبة بكونها أرملة ولديها طفل يحتاج إلى رعاية بالإضافة إلى نظرة المجتمع السوداوية للأرملة. ورأى يوسف طلعت (25 عاما) أن غلاء المهور كان وراء استعانته بخاطبة نظرا لأن المهور المدفوعة عن طريق هذا النوع من الزيجات قليلة مقارنة بالزيجات التي تتم بطرق أخرى. تختلف عن الماضي وتدافع الخاطبة "أم فهد" عن التهم الموجهة للخاطبة فتقول "إن الخاطبة هذه الأيام تختلف عنها في الماضي بما تحمل في جعبتها من جنسيات مختلفة الفتيات والسيدات، ومن أعمار متفاوتة تبدأ من 20-80 سنة إضافة إلى أنها تستخدم الكمبيوتر لتخزين المعلومات لكل من يرغب الزواج من الجنسين، وأحيانا تستخدم شبكة الإنترنت للاتصال وتسهيل مهمة الزواج". وشددت الخاطبة "حسنة" على أنها مارست هذه المهنة نظرا للعائد المادي الكبير الذي تجنيه من الطرفين بصرف النظر عن العواقب المترتبة على ذلك معتبرة أن الأمر يصب في باب القسمة والنصيب. وعن الفئات التي تستعين بخاطبات تقول الخاطبة أم فهد: إن أكثر من 70 % من الفتيات اللاتي يستعن بها لتزويجهن قد تجاوزن الثلاثين. مشيرة إلى أن تزايد عدد الفتيات اللاتي وصلن إلى أعتاب العنوسة في الأسرة الواحدة يدفعهن إلى قبول الزواج من غير السعوديين. وتقول الخاطبة "أم عبد الله": إنه في الفترة الأخيرة زاد الإقبال عليها من المراهقات وصغيرات السن من أجل تزويجهن، وتعزو ذلك إلى الخوف من شبح العنوسة، مما يجعل الفتاة السعودية لا تطالب بشروط كانت تضعها في السابق للزواج، بالإضافة إلى قبولهن تحمل نفقات منزل الزوجية ونفقاتهن الشخصية. المعلمة ب "20" ألف وتشير الخاطبة "أم عبدالعزيز" إلى أنه من خلال طلبات الزواج المقدمة من "عوانس" يتضح أن أكثرهن من الطبيبات والممرضات لأن فرص الاقتران بهن قليلة بخلاف من تعمل في مهنة التعليم التي يزيد الطلب عليها حتى وان كانت كبيرة في السن نسبيا. وبينت الخاطبة أم احمد أن السعر الذي تتقاضاه من الراغبة في العثور على زوج يختلف حسب عمرها وطبيعة عملها، إذ تتقاضى من المعلمة العانس ما بين 7 آلاف إلى 20 ألف ريال، أما الطبيبة أو الممرضة أو الصيدلانية فمن ألفي ريال إلى 5 آلاف ريال، مشيرة إلى أن هناك الكثير من راغبات الزواج لا يفرضن شروطا أو متطلبات غير أزواج مناسبين يقترنون بهن، بينما على عكس ذلك نجد شبابا يطالبون بزوجات يتقاضين مرتبات حتى ينفقن عليهم. واستغربت الخاطبة "أم علي" من الشروط التعجيزية التي تضعها بعض الفتيات للزواج، خاصة العوانس منهن، من دون إدراك أن فرص الزواج تعد قليلة بالنسبة لهن، مستشهدة بفتاة تجاوز عمرها 35 عاما طلبت منها أن تبحث لها عن زوج مناسب، "وتم كل شيء على ما يرام حتى موعد الزفاف الذي لم يتم بسبب رغبتها في السكن في حي يختلف عن حي سكن الزوج، مما أدى إلى انفصالهما قبل الزفاف". لا يهم وأوضحت الخاطبة أم عيسى أن زواج العانسات عادة ما يتم من أزواج عندهم زوجة أخرى أو رجل كبير في السن، حيث تقل فرص زواجهن ممن هم في سنهن لأن الشباب يفضلون الاقتران بفتيات أصغر منهم عمرا لاعتبارات عدة. وبينت أم عيسى أن أغلب من تجاوزن سن الثلاثين هن في الأساس فتيات عرض عليهن الزواج في وقت سابق ورفضنه بسبب التعليم أو الأهل أو غيرها من الأسباب، وهن الآن محطمات لا يجدن من يؤنس وحدتهن، متنازلات عن الشروط التي وضعنها سابقا في "العريس اللقطة". وذكرت لنا أم عيسى قصة امرأة تبلغ الآن 40 عاما وتعمل صيدلانية في أحد المستشفيات تقدم لخطبتها عريس قبل انتهاء فترة دراستها في الجامعة، ورفضت لأنها كانت تريد إكمال تعليمها، والآن هي نادمة وتبحث عن أي زوج حتى وإن كان لديه زوجة أولى أو ثانية أو ثالثة، ولا يهمها عمره أو طبيعة عمله. أما الخاطبة أم علي فقالت: إنه في العامين الأخيرين بدأ يظهر لدينا نوع من الزيجات لم تكن موجودة من قبل وهي زواج شباب في العقد الثاني من أعمارهم من فتيات يتجاوزن الثلاثين أو حتى الأربعين من العمر. رجال "خاطبون" ولم يقتصر عمل الخاطبة على المرأة فقط بل تجاوز ذلك إلى الرجل حتى إنها أصبحت مهنة لخريجي الجامعات العاطلين عن العمل، ويقول محمد النومان (43عاما) إنه امتهن مهنة الخاطبة منذ 7 أعوام بعد أن تم فصله عن العمل في إحدى الدوائر الحكومية، مبينا أنه لا يجد عيبا اجتماعيا في عمله كخاطبة لأنه أدرى بشؤون الرجال وماهيتهم أكثر من النساء، وأشار النومان إلى أنه ينوى أن يعلم أولاده الشباب مهنة الخاطبة بسبب عائدها المالي الكبير ومساعدة الطرفين في إيجاد شريك حياته. من جهة أخرى أكد الباحث الاجتماعي سعد الحسين أن ارتفاع نسبة سن التأخر عن الزواج لدى الفتيات في السعودية جعل عددا من العوائل يبحث عن طرق ومنافذ لزواج بناتهم حتى لو أدى ذلك إلى الاستعانة بخاطبات. وأوضح الحسين أن هناك مخاطر كبيرة تترتب على هذا النوع من الزيجات بسبب الإطراءات والثناءات التي تضيفها الخاطبة على كل من الزوجين والتي غالبا ما تكون غير دقيقة، وأشار الحسين إلى أن ما يقارب من 70% من حالات الزواج في السعودية تتم عن طريق خاطبات نظرا لما يتمتع به المجتمع السعودي المحافظ وبما أننا مجتمع إسلامي يمنع الاختلاط وندعو للزواج في إطار المودة والرحمة لذا يلجأ أولياء أمور الفتيات إلى الاستعانة بالخاطبات لزواج بناتهن حتى أصبحت ظاهرة اجتماعية داخل المنازل.