(ما لدينا من مخزون مائي هو ملك الاجيال القادمة بقدر ما هو ملكنا) هذا القول استوقفني كثيرا عندما قرأته ضمن رسالة وجهها معالي الدكتور غازي القصيبي بمناسبة تدشين حملة التوعية والترشيد الوطنية للمياه، والتي بدأت على اكثر من صعيد إعلامي وهو قول جدير بالتوقف لانه يجسد الوعي بخطورة عدم الوعي في التعامل مع هذه الثروة الحيوية الناضبة التي تتعرض لهدر كبير وعلى نطاق واسع دون إحساس بالقيمة الحقيقية لهذه الثروة. عندما تعود بنا الذاكرة الى الوراء قليلا نستحضر المعاناة التي كان الآباء والاجداد يتكبدونها لإحضار المياه من أماكن ليست قريبة من مساكنهم وكان الحفاظ عليها في ذروته أما وقد توافرت للجميع وبأقل التكاليف والجهود فقد تلاشت صور الحرص على المياه ليحل محلها الإهمال والهدر المتواصل لا من أصحاب الحدائق والمغاسل والمطاعم فقط، بل من عامة الناس وخاصتهم.. من ربة البيت والعاملات فيه وافراد الاسرة جميعا فالكل يتعامل مع المياه بشيء غير قليل من الاهمال وعدم المبالاة وغياب المسئولية وتلاشي الوعي بخطورة ذلك، وانعكاسه على الحاضر والمستقبل. هل طرأ على ذهن أحد هاجس نصيب الاجيال القادمة من مخزون المياه المتوافر لنا؟ لاشك ان من يملكون هذا الوعي هم القلة، في خضم السلوكيات الاستهلاكية التي طغت على حياتنا، وانستنا الكثير من الحقائق التي يجب الا تغيب عنا ان اردنا الحفاظ على هذه النعم الكثيرة المتوافرة لنا ولله الحمد والمنة، ومنها المياه التي أصبحنا ننعم بها بعد تنفيذ مشاريع التحلية الضخمة ومحطات النقل وانشاء السدود في اكثر من موقع، مما يجعل معدلات تكاليف انتاج المياه اكثر مما هي في بلدان كثيرة بفضل العوامل الجغرافية لبلادنا التي تقل فيها المصادر الطبيعية للمياه كالأنهار ومصبات المياه وكثافة الامطار. اذا اخذنا في الاعتبار نصيب الاجيال القادمة من مخزون المياه المتوافر لدينا قد نعيد النظر في هذا التسبب الذي يتسم به تعاملنا مع الماء والاسراف في اهداره بشكل يبعث على القلق لدى من يشعرون بالقيمة الحقيقية لهذه الثروة التي لا تستقيم الحياة اذا شحت وبانعدامها تنعدم الحياة، وهذه من الحقائق التي لا تحتاج الى دليل. حفاظنا على المياه وترشيدنا لاستهلاكها، لن نجني ثماره في الحاضر فقط، بل وفي المستقبل ايضا، وهذا دين علينا للأجيال القادمة.