ستظل العلاقة الشائكة، بين الفنانين التشكيليين وصالات العرض الخاصة، واحدة من القضايا التي تثير حولها الكثير من الجدل، بسبب ما يكتنفها من غموض، وا لتباس، وسوء فهم، وفقدان للثقة، وانطلاقا من اهمية هذه القضية، وضعتها صالة (شدا) للفنون عنوانا تستهل به نشاطها لهذا الموسم، وبحضور مجموعة من التشكيليين والادباء والاعلاميين، نظمت امسية حوارية حول (العلاقة بين الفنانين وا لصالات الخاصة) في حلقة نقاش اتسمت بالمصارحة، والجدل، والحدة أحيانا. في هذه الامسية التي ادارها الدكتور عادل ثروت، تحدث الفنان سعد العبيد عن مسألة تهيئة الصالات للعرض قائلا: ان اصحاب الصالات يتصورون ان نجاح الصالة مرهون بتهيئة ظروف العرض فيها، في حين انهم يهملون الاعداد الجيد للمعرض، ولا يهتمون بادارته، اضافة الى ان النسبة التي تفرضها الصالات الخاصة على الفنانين عادة ما يبالغ فيها، مما يجعل الكثير من الفنانين يفضلون عدم المشاركة، او اذا شارك بعضهم يضطر الى رفع سعر لوحته حتى اذا بيعت يكون قد عوض النسبة المرتفعة التي وضعتها الصالة، وطبعا رفع السعر يؤدي الى مشكلة اخرى وهي صعوبة التسويق. وتداخل الفنان فهد الحجيلان فقال: علينا ألا نحمل صالات العرض الخاصة اكثر مما تحتمل، فنحن مازلنا متشبثين بصورة العرض عن طريق الجهات الرسمية، مثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، او جمعية الثقافة والفنون، ولان هذه الجهات تعطي الفنانين جوائز، وتقتني اعمالهم، نتصور ان الصالات الخاصة يجب ان تفعل نفس الشي،ء وهذه نظرة سطحية للامر، لانها لاتفرق بين المؤسسات الرسمية المدعومة، والمؤسسات الخاصة التي تعتمد على هامش الربح الذي يأتيها من خلال تسويق اعمال الفنانين. ومن جانبه تحدث الفنان ناصر الموسى عن اهمية وضع استراتيجية عمل لاي صالة من قبل صاحبها، او القائمين عليها، فاذا كانت الجهات الرسمية اهدافها نشر الوعي بالجوانب الثقافية، على اصحاب الصالات ان يحددوا اهدافهم، وهل هي ربحية مادية، ام محاولة لبناء الثقة مع ا لفنانين، ام ان صاحب الصالة يسعى لدور ثقافي يقوم به، وسيستمر حتى لو خسر، كل هذه الاسئلة تعني بضرورة ان تكون هناك اهداف واضحة ومحددة حتى يستطيع الفنان التعامل معها. وفي هذا السياق طرحت (اليوم) قضية (فقدان الثقة) التي اصبحت سمة التعاون المتوتر بين الفنانين والصالات الخاصة، والاسباب التي ادت اليها، ومنها ما يتحمل مسؤوليته الفنانون، وتتحمل الصالات الخاصة واصحابها جزءا منها، فعلى سبيل المثال، هناك بعض الفنانين تركوا اعمالهم لدى بعض الصالات لبيعها مقابل نسبة متفق عليها، لكن اصحاب تلك الصالات قاموا بنسخها عن طريق حرفيين فلبينيين ، وبيعها بشكل سري، وعندما يذهب الفنان بعد عدة اشهر يجد لوحته لاتزال معلقة على الجدار، ويقال له انها لم تبع حتى الآن، فيحزن ويحملها عائدا بها الى مرسمه، ولمثل هذا السبب وغيره من الاسباب المشابهة انعدمت الثقة بالتراكم بين الفنانين واصحاب الصالات الخاصة. ومن جهة اخرى طرح الكاتب هاني نديم موضوع اعادة صياغة الوعي بمفهوم التسويق قائلا: انه من الضروري ان ننظر لموضوع التربح منالعمل الفني بشكل ايجابي ولا نعتبر ان التجارة في هذا المجال تخل بالقيم الفنية والجمالية، لان هذا ما يحدث في معظم بلدان العالم، ومن هنا يجب التعامل مع هذا الجانب بوعي جديد ومختلف، ووضع خطط تسويقية جبارة للتغلب على مأزق التسويق. اما الفنان عبدالجبار اليحيى، فقد تطرق الى الموضوع من زاوية مختلفة، حيث قال: لا يمكن وضع استراتيجية للتسويق والبنية الاساسية للنشاط التشكيلي غير موجودة، فلا توجد صالات رسمية حقيقة للعرض، ولايوجد تدريس حقيقي للفن حتى تخرج اجيالا لديها ذائقة بصرية، فكيف سيتم تسويق بدون ابسط الاسس التي تقوم عليها حركة فنية ناضجة ، نحن عندما نناقش مثل هذه الامور بدون الرجوع الى الجذور الثقافية، نبدو كأننا نضع العربة امام الحصان. وعن الطرف الآخر الذي يمثل الصالات الخاصة، تحدث عبدالرحمن العليان، صاحب جاليري شدا عن هموم اصحاب الصالات مع الفنانين الذين يبدون اي تعاون، خصوصا في الرياض، وعن عقدة الخواجه التي تؤثر سلبا على مسألة التسويق مستشهدا بواقعة حقيقية حدثت معه قائلا اشترت مني سيدة في لندن مجموعة اعمال، بعت الواحدة لها بحوالي 300 ريال، وبعدثلاثة اشهر جاءني رجل بست وعشرين لوحة لعمل براويز لها، فاكتشفت انها نفس الاعمال التي بعتها في لندن، وعرفت انه اشتراها بحوالي 600 باوند. وعلى هذا النحو.. كانت الامسية غنية بالآراء والمحاور، وقد شارك فيها الى جانب المتحدثين الفنانون: على الطخيس ، عبدالرحمن العجلان، واحمد عبدالكريم، ابراهيم النغيثر وآخرون. علي الطخيس عبدالجبار اليحي