يقول أحدهم: "كم كيسا من إسمنت القبلات يكفي لبناء مؤسسة الحب؟ بالله عليك أليس السؤال وجيها؟ بلى أنه وجيه، ولكني لا أعرف من وجه هذا المتشاعر سؤاله إليه. هل وجهه إلى خبير في البناء لا يشبهه إلا سنمار؟ أم وجهه إلى عاشق صف أمامه أكياساً من إسمنت القبلات ليبيعها على من يخطو أولى خطواته في الحب على سبيل التجربة؟ أم وجهه إلى محبوبته الشمطاء التي تشاركه بناء مؤسسة الحب؟ لقد علق الكاتب محمد توفيق الصواف على هذا الشعر بقوله: "الحمد لله أن وهم التجديد لم يدفع هذا الشاعر إلى صوغ تصوراته في شكل مسألة رياضية كأن يقول: إذا كان كل كيس من إسمنت القبلات يزن طنا من غلاظة المشاعر، وإذا كان كل متر مربع من مؤسسة الحب يحتاج إلى كيسين من إسمنت القبلات فكم كيسا يحتاج بناء هذه المؤسسة إذا كانت مساحتها بلادة المشاعر؟". أليس هذا التعليق لائقاً؟ ترى بماذا نسمي هذا؟ هل نسميه اعتداء على اللغة أم جفافاً في المشاعر أم عمى في الذوق والوجدان أو نسميه بكل ذلك. إن الاعتداء على اللغة ليس جديداً، ويلبس أقنعة متعددة وألوانا مختلفة. وهنا أمامي مقال للشاعر عبده وازن في جريدة الحياة 3/ 10/ 2004م يستعرض بغيرة رائعة على اللغة كتابين هما (جناية سيبويه) لمؤلفه السوري زكريا أوزون والثاني ( لتحيا اللغة العربية.. يسقط سيبويه) لمؤلفه المصري شريف الشوباشي. إن كلا من المؤلفين بادعاء الغيرة على اللغة يحاول كل منهما هدمها: فهذا يدعو إلى إلغاء قواعد النحو، وذاك يدعو إلى تسكين الكلمات، ويتفقان على إدانة سيبويه والسخرية منه في قبره. لقد ابدع عبده وازن حين قال: "اللافت أن الكاتب المصري المتحمس لتطوير قواعد اللغة العربية يرتكب خطأ فادحاً في عنوان" كتابه وهو عدم حذفه الألف في فعل ( تحيا) الذي سبقته لأم الأمر الجازمة. وهي لا يمكنها أن تكون لام النصب، وعوض كتابة الفعل مجزوماً ( لتحي) كتبه ( لتحيا) وكأن اللام هنا لا عمل لها)) كأني بسيبويه يقول: ==1== وإذا أتتك مذمتي من ناقص==0== ==0==فهي الشهادة لي بأنني كامل==2==