من المنتظر أن تكون المنافسة بين الرئيس الامريكي جورج بوش والسيناتور الديمقراطي جون كيري غدا الخميس حامية في أول مناظرة من بين ثلاث مناظرات من المقرر أن تجرى بينهما حيث يتوقع المحللون ان المنازلة الكلامية يمكن أن تساعد في اتخاذ قرار بشأن من سيدير دفة الحكم في البلاد خلال السنوات الاربع المقبلة. وتدرك إدارة الحملة الانتخابية لكل من المتنافسين أهمية المناظرات التلفزيونية وبالتالي لا تتركان شيئا للصدفة. فقد صاغ مديرو الحملة الانتخابية لكل من كيري وبوش مذكرة تفاهم تناولت كل شيء بدءا من شكل المناظرات إلى المكان الذي يمكن أن يقف فيه المرشحان وطبيعة الاسئلة التي يمكن أن يسألاها. وبكلمات أخرى فإن هذه المناظرات كما يرى المنتقدون ليست لقاءات على النمط القديم بين سياسيين يناقشان قضايا اليوم الساخنة ولكنها لقاءات معدة بعناية تتيح للمرشحين منبرا لمخاطبة الامة يعرضان عليه من جديد أفكارهما المألوفة التي طرحاها خلال الاشهر الاخيرة. مع ذلك فإنه حتى المشككين يقولون إن هذه المناظرات هامة بلا شك وذكرت تقارير أن بوش وكيري لم يلتقيا في مكان واحد ووقت واحد منذ مارس عام 2001 عندما حضر كيري احتفالا في البيت الابيض. والمناظرة التي ستجرى غدا الخميس في ولاية ميامي التي دمرها الاعصار ستعطي للناخبين فرصة لتقييم المرشحين وردود كل منهما على انتقادات الاخر في حرب كلامية أثبتت في الماضي أهميتها الكبيرة في تحديد من يكون الرئيس القادم. ويقول المحللون إن المناظرات كانت قد لعبت دورا هاما في خمسة من الانتخابات الرئاسية السبعة الاخيرة ولعلها كانت العامل الحاسم في عام 2000 عندما تغلب بوش على نائب الرئيس آنئذ آل جور. وبينما لا يسمح للمرشح بأن يسأل منافسه أسئلة مباشرة طبقا للقواعد المعمول بها فإن الامر لن يفتقد إلى هجمات كلامية من كلا المعسكرين وتتركز المناظرة الاولى على السياسات الاجنبية والامن الداخلي. وبالنسبة لكيري الذي يأتي خلف بوش في معظم استطلاعات الرأي ربما تكون المناظرات أفضل فرصة له للحاق ببوش قبل الانتخابات التي ستجرى في الثاني من نوفمبر المقبل. وكان كيري قد زاد من هجماته على بوش في الاسابيع الاخيرة حيث انتقد بوش ووصفه بأنه يعيش في "عالم من الخيال" فيما يتعلق بالوضع في العراق و"يخفي الحقيقة" فيما يتعلق بنفقات التأمين الصحي. غير أن التغلب على بوش المعروف بأخطائه الكلامية الفاضحة وعدم إتقانه اللغة الانجليزية ليس عملا سهلا وهذا ما تأكد في الماضي حينما نافس بوش آل جور على منصب حاكم ولاية تكساس. كما أن كيري الذي كان ضمن فريق المناظرة في جامعة ييل ينظر إليه أيضا على أنه مناظر قوي وتبين ذلك في عام 1996 عندما خاض الانتخابات للحصول على منصب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساشوسيتس. وقال الخبير الاستراتيجي الديمقراطي للحملات الانتخابية شوك دولان لصحيفة واشنطن بوشت كلاهما شخصان جيدان وفي حدود علمي لم يخسر بوش مناظرة على الاطلاق.. إنه يتميز برباطة جأش ويركز على موضوعه. ويخوض المناظرات بأسلوب مختلف عن معظم السياسيين الاخرين. ويعرف عن بوش تبسيطه الامور المعقدة وهو ما يساعده في تحقيق تواصل فعال خلال المناظرات وعلى الجانب الاخر فإن كيري يميل إلى التعبير عن نفسه بعبارات قوية تحمل في طياتها تفاصيل دقيقة مما يجعل من الصعب متابعته. وأيا كان النهج الذي يفضله كل من المرشحين فإنهما سيحاولان تقديم مواد يتذكرها الناخبون وتتناولها وسائل الاعلام من جوانب شتى ومن ثم يحقق كل منهما لحملته الانتخابية دعاية مجانية. كما أنهما سيحاولان بأي ثمن أن يتجنبا بعضا من الاخطاء التي كانا يقعان فيها في السابق. وستبث المناظرة على الهواء مباشرة ودائما ما يكون هناك مجال لان يرتكب المرشحان أخطاء وهذا ما يوضحه التاريخ. وفيما يلي قائمة المحظورات التي يتعين على المرشحين تجنبها في الانتخابات: * يجب على المرشحين ألا ينظروا في ساعاتهم كما فعل الرئيس جورج بوش في عام 1992. وهو العام الذي خسر فيه الانتخابات أمام بيل كلينتون. * يجب أن يعرض المرشحان الحقائق بشكل صحيح وكان جيرالد فورد قد زعم في عام 1976 أنه ليس هناك "هيمنة سوفيتية على أوروبا الشرقية" وأصدر بعد ذلك توضيحا لذلك لكنه خسر منصب الرئاسة. * لا يتعين أن يعطي المرشحون لمنافسيهم الفرصة للبروز أمام الجماهير من خلال التركيز على مسائل غير مهمة ففي عام 1984 قال رونالد ريجان الذي كان يخوض الانتخابات للفوز بولاية ثانية أمام والتر مونديل الذي كان أصغر منه ب 17 عاما لن أجعل مسألة العمر قضية في حملتي الانتخابية ولن أستغل لاسباب سياسية صغر سن منافسي وعدم خبرته وضحك الجمهور على ذلك وكذلك مونديل وخسر في الانتخابات بعد ذلك. بدأت المناظرات التلفزيونية في عام 1960 حينما واجه نائب الرئيس الجمهوري ريتشارد نيسكون جون كنيدي وكانت تديرها لجنة خاصة بالمناظرات الرئاسية أنشأها الحزبان الجمهوري والديمقراطي. ويتعلق بعرض المناظرات تلفزيونيا عامل آخر يتمثل في المهارات الاستعراضية والتمثيلية, ذلك أن النقاد المتربصين سيدققون في كل جزئية بدءا من ملابس المرشحين إلى حضورهم على المسرح وهي أمور لها أهميتها للناخبين المحتملين شأنها شأن قضايا الساعة. فمن تتبدى عليه سمات الرئيس ومن تتبدى عليه علامات الضعف؟ وكان بوش قد علم جور درسا في مهارات الاستعراض المسرحي في عام 2000 عندما ترك جور كرسيه ووقف قريبا جدا من بوش الذي كان يرد على سؤال ونظر بوش الذي يعرف بمخزونه الكبير من تعبيرات الوجه إلى جور نظرة ذات مغزى كأنه يقول له ما الذي تفعله في المكان الذي يخصني؟ وانخرط الجمهور في الضحك وعاد جور إلى كرسيه بعد أن أدرك أن محاولته لترويع بوش جاءت بنتائج عكسية. جون كيري