لم تحظَ مناظرة في الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ عقود بأهمية تلك المقررة اليوم الأربعاء، بين الرئيس الديموقراطي باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني. إذ ترسم المواجهة التلفزيونية بينهما الفرصة الأخيرة لرومني من أجل قلب السباق، وانعاش حظوظه، قبل 35 يوماً من موعد الاقتراع. من هنا، يحتاج المرشح الجمهوري إلى أداء بارع وهجوم حاد على الرئيس أوباما الذي تشير الاستطلاعات إلى أنه يتجه نحو الفوز بولاية ثانية. وستأخذ المواجهة الأولى بين المتنافسين بعداً استثنائياً، لأنها الأولى بين ثلاث مناظرات وستتناول الشأن الاقتصادي، الهمّ الأول لدى الناخب الأميركي. وتأتي قبل نحو شهر من التصويت في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، مع تقدم أوباما في استطلاعات الولايات الحاسمة وكسبه تأييد وحدات ديموغرافية مهمة (النساء والأقليات)، ما يجعل المناظرة الفرصة الأخيرة لرومني لاستعادة الزخم في الشوط الحاسم من السباق، وتجديد حظوظه في جمع ال270 كلية انتخابية للفوز، والتي تبدو بعيدة من متناوله اليوم بأكثر من 50 كلية، وفق استطلاعات الشبكات المختصة. وتعتبر صورة رومني النخبوية مشكلته الأكبر في السباق، وسيحاول كسرها بالتودد إلى الناخبين الذين تنظر نسبة 50 في المئة منهم إليه بصورة سلبية. وانطلاقاً من إدراك أهمية المناظرة التي سيديرها الصحافي المخضرم جيم ليرير، بدأ رومني تلقي تدريب عليها منذ شهرين ومثّل دور أوباما فيها السيناتور عن أوهايو، روب بورتمان. أما أوباما فساعده في التدريب السيناتور جون كيري الذي ترشح للرئاسة سابقاً ويعرف الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس. وتحاول الحملتان قبل ساعات من انطلاق المناظرة في مدينة دنفر في ولاية كولورادو خفض التوقعات حول أداء كل من مرشحيهما. وقال أوباما، أمام تجمع انتخابي، إن خصمه «بارع في المناظرات، أما أنا فلم أحضر نقاطاً لاذعة». أما حملة رومني فأعطت أوباما علامات متميزة في فن المواجهات التلفزيونية من أجل تخفيف العبء عن مرشحها. وأشار استطلاع أجرته محطة «سي أن أن»، إلى أن 55 في المئة من الأميركيين يعتقدون بأن أوباما سيكسب المناظرة، في حين توقع 31 في المئة الفوز لرومني. وسيكون السلاح الأقوى لدى رومني هو الهجوم على أوباما وانتقاد أدائه الاقتصادي المخيب بالنسبة إلى أميركيين كثر مستائين من بلوغ البطالة نسبة 8.1 في المئة، والجمود السائد بين الكونغرس والبيت الأبيض. وسيدافع أوباما عن رصيده الاقتصادي، مذكراً الأميركيين بالإرث الثقيل الذي ورثه في البيت الأبيض، بعد ولايتي الرئيس السابق جورج بوش والأزمة الاقتصادية الأكبر في التاريخ الأميركي الحديث. كما سيرسم المرشحان اختلافاً في سياسات الضرائب التي يريد أوباما زيادتها على الأثرياء، وكذلك في مجال الضمان الصحي الذي يعتبر أبرز إنجازات الرئيس ويعارضه رومني. ويمنح هذا النهج المرشحين مرافعة قوية أمام الناخب المستقل الذي سيحدد مصير السباق، في ظل تموضع القاعدتين الحزبيتين وراء كل من مرشحيهما. لكن المناظرات لا تؤدي تاريخياً إلى تغيير اللعبة الانتخابية، بل تعزز صورة كل من المرشحين أو تضّيق الهامش بينهما. وفيما ساعدت المناظرات الرئيس السابق رونالد ريغان وبعده بيل كلينتون في الفوز، لم تؤثر في حظوظ جون كيري الذي كسبها ثم خسر السباق. وقال المعلق مايكل كوهن ساخراً، إنه «إلا في حال شتم أوباما ناخبي فلوريدا وأهايو في المناظرة، فلا يمكن إلا أن يأمل رومني إلا بقفزة صغيرة في الاستطلاعات».