صعدت اليابان الحريصة على ألا تسبقها الصين مساعيها لابرام اتفاقات تجارة حرة اقليمية وثنائية لكن الطريق الى النجاح سيكون وعرا ويشكك بعض الخبراء في مدى التزام طوكيو الحقيقي بذلك. واتفقت اليابان مع رابطة دول جنوب شرق اسيا /اسيان/ التي تضم عشرة أعضاء على محاولة بدء مناقشات بشأن اتفاق للتجارة الحرة في أوائل عام 2005 بهدف ابرام اتفاق بحلول عام 2012 . وتجري طوكيو بالفعل محادثات بشأن اتفاقات تجارة حرة ثنائية مع تايلاند وماليزيا والفلبين وكوريا الجنوبية. لكن يبدو الان أن طوكيو تضع خططا أكثر طموحا. وقالت صحيفة نيهون كيزاي شيمبون ان الحكومة تريد بمقتضى خطة صاغتها على الامد المتوسط أن توقع بحلول عام 2010 اتفاقات شراكة اقتصادية مع عشر دول ومناطق على الاقل منها الصين والبرازيل والهند واستراليا. وفي بادرة نادرة من نوعها يقول اتحاد نيبون كيدانرين لرجال الاعمال اليابانيين ان بعض اعضائه سيرافقون رئيس الوزراء جونيتشيرو كويزومي في زيارته للبرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية هذا الشهر لمساعدته في بدء محادثات بشأن اتفاق تجارة حرة معها. وقال نيبون بوابونجساكورن المستشار البارز في معهد بحوث التنمية التايلندي في تجمع لخبراء التجارة اليابانيين والاسيويين في فوكوكا في جنوباليابان هذا الاسبوع أعربت الصين بالفعل عن ارادتها السياسية. انها اليابان التي لم تعرب بعد عن ارادتها السياسية. وحتى الان لم تبرم اليابان سوى اتفاقين للتجارة الحرة. ولم يتضمن اتفاقها الاول مع سنغافورة المنتجات الزراعية. والاتفاق الثاني توصلت اليه بصعوبة مع المكسيك وأبرم في مارس بعد خلافات مريرة بشأن لحوم الخنزير وعصير البرتقال ومن المقرر أن يوقع هذا الشهر خلال زيارة يقوم بها كويزومي. وقد يتفق وزراء التجارة من دول اسيان واليابان على موعد لبدء محادثات التجارة الحرة في اجتماع في جاكرتا لكن في اشارة على الصعوبات التي تواجههم قالت وسائل الاعلام اليابانية ان طوكيو تريد الانتظار حتى ابريل لبدء المحادثات الرسمية. وتسعى الصين من جانبها الى استكمال اتفاق تجارة حرة مع ست من دول اسيان بحلول عام 2010 ومع الاربع الباقية بحلول عام 2015. وتضم اسيان اندونيسياوسنغافورة وماليزيا وبروناي والفلبين وتايلاند وكمبوديا ولاوس وميانمار وفيتنام. وقد تبدو واضحة مزايا اقامة منطقة تجارة حرة تضم ثاني أكبر اقتصاد في العالم مع دول اسيان العشر التي يبلغ حجم تجارتها السنوي الاجمالي 750 مليار دولار اي ما يعادل تقريبا حجم تجارة اليابان ويزيد عدد سكانها عن اربعة امثال عدد سكان اليابان لكن درجة الحرص عليها تختلف من دولة لاخرى. وقال يوسي ريزال داموري الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في اندونيسيا ان اندونيسيا التي لم تنتعش بالكامل بعد من الازمة المالية الاسيوية في عامي 1997 و1998 اتخذت موقفا سلبيا للغاية تجاه اتفاقات التجارة الحرة. وقال داموري ان العديد من الساسة والمسؤولين الاندونيسيين لا يرون سوى مزايا محدودة لاتفاقات التجارة الحرة وان مشاركة جاكرتا في جهود التوصل الى اتفاق للتجارة الحرة بين اسيان واليابان تبذل لمجرد مراعاة الشكليات لان اندونيسيا جزء من اسيان. وكما هو الحال في العديد من البلاد يحرص كبار المصنعين اليابانيين على ابرام هذه الاتفاقات لكن المزارعين الذين لا يتمتعون بميزة تنافسية لا يرحبون بها. ويقول الخبراء ان هذه الاختلافات في المواقف تعكس حقيقة أن اتفاقات التجارة الحرة من المرجح أن توسع التفاوتات الاقتصادية فيما بين الدول وداخل الدول نفسها. وتشير دراسة اعدها كينشي كاوازاكي المستشار في مركز دراسات تابع لوزارة التجارة الى أن ابرام اتفاق للتجارة الحرة بين اليابان واسيان سيعزز نمو اجمالي الناتج المحلي في تايلاند وماليزيا على مدى عقد بمستويات أكبر كثيرا من التي سيعزز بها النمو في اقتصاديات أقل قدرة على المنافسة مثل اندونيسيا والفلبين. وداخل اليابان سيتحقق أعلى مستوى نمو في منطقة ايتشي التي تضم شركة تويوتا موتور كورب ثاني اكبر شركة لصناعة السيارات في العالم. وأوضحت الدراسة أن المناطق التي تعتمد على الزراعة والصناعات الجلدية ستتضرر بدرجة كبيرة. لكن يوكيكو فوكاجاوا الاستاذ بجامعة طوكيو يقول ان اليابان لا يمكنها أن تدير ظهرها للاتجاه نحو المزيد من اتفاقات التجارة الحرة. ويضيف فوكاجاوا المتخصص في اقتصاديات شرق اسيا اليابان لا يمكنها اتخاذ اجراء سريع مثل الصين أو كوريا الجنوبية لكن اذا اقتنعت فسوف تظل سائرة في هذا الاتجاه. اجتماعات الاسيان هل ستنجح في حل مشاكل آسيا الاقتصادية؟