اجريت دراسات للتعرف على اسباب القوة الحقيقية للمؤسسات الناجحة في العالم فثبت ان الاهتمام بالانسان هو السبب الحقيقي في نجاح تلك المؤسسات, وذلك لان اية مؤسسة ناجحة ماديا يمكن ان تفقد امكانياتها كليا اذا عجزت عن التعرف على مكامن القوة في طاقاتها البشرية من عمال وموظفين واداريين. فالانسان اذن هو محور التغيير في الاتجاهات التربوية الحديثة اداريا وتعليميا. من الترهيب الى الترغيب قد ينجح التخويف في الحصول على نتائج ولكن بأي ثمن؟ ان الدمار المعنوي خسارة فادحة، وهذا النوع من الخسائر لا يعوض فليس بالامكان رأب الزجاج اذا تصدع ولا جبره اذا انكسر، والنفوس مرايا مصقلة تعكس كل ما يواجهها بكفاءة مدهشة، ولكنها تصبح اقل فاعلية بالخدوش. ان الادارة الارغامية هي احد مظاهر الحث السلبي التي توجد جوا مليئا بالعداء والاكتئاب والسلبية. وفي المؤسسات التربوية تكون الخسائر مضاعفة لانها تحدث في سن مبكرة ولا يستطيع الطفل او اليافع حيالها شيئا. فالعامل المضطهد قد يقدم استقالته او يبحث عن عمل اخر او غير ذلك ولكن البراعم الغضة تحمل ندوبها معها عبر سنوات الدراسة حتى التخرج وقد تستمر اثارها في شخصياتهم حين يلتحقون بالحياة العملية. لذا فان التحديات اعظم واكبر لدى المؤسسات التربوية منها لدى المصانع والمعامل والشركات. ان تهذيب النفوس دون تدمير المعنويات واجب انساني ولكنه في المؤسسة التربوية واجب وطني ايضا لانها مصنع للاجيال ولا يريد الوطن جيلا واهنا ضعيف الهمة فاقد الطموح لا يتمتع باحترام النفس على مربي الاجيال ان يدركوا ضخامة المسؤولية التي يضطلعون بها وحجم الامانة التي يحملونها. فبدلا من اللجوء الى التخويف عليهم ان يجعلوا المدرسة مكانا محببا للطالب يشتاق اليه ويجد فيه ذاته وطموحاته ومستقبله الموعود. وانها حقا لمسؤولية جسيمة لا يستطيع تنفيذها بنجاح الا المربي الذي يدرك هذا كله ويعي انه يتعامل مع عقول ونفوس غضة طرية تفعل فيها الكلمة فعل السيف، ولا يقوم اعوجاجها بالقطع او الدفع وانما بالدعم والرعاية والحب والصبر والرحمة والتفهم. فهناك اسلوب للتحفيز والحث على الابتكار وتحقيق افضل النتائج بصورة اكثر ايجابية وهو ما يسمى بالحث البناء الذي يركز على الايجابيات دون السلبيات, ويلجأ الى الترغيب دون الترهيب ويشحن الفرد بجرعات متلاحقة من المعنويات مما يعزز صورته امام نفسه فيزداد احتراما لذاته وثقة بنفسه. ان الشخص المنهزم في داخله سينهزم حتما في صراعه مع التحديات فليس هناك من سلاح للنشء اقوى من الايمان بالله ثم الثقة في النفس ومقدراتها. ما يجب ان نعرفه عن انفسنا قبل البدء بالتغيير في الدماغ البشري عشرة الاف مليون نيورون (خلية عصبية) ويكفي ان نعرف ان فيه اقنية للاتصال وانماطا من العلائق النخامية التي تربط النيورونات، او الخلايا العصبية الدماغية ببعضها البعض، يبلغ عددها رقما مكونا من واحد الى يمينه 10 كيلومترات من الاصفار وان درجة تعقيد الدماغ تكاد تكون خيالية بالقياس الى ما يصنعه الانسان من الات واجهزة للاتصال فان شبكة من الخطوط الهاتفية تحتوي على جميع انظمة الهاتف في العالم تضاهي في تعقيدها جزءا صغيرا من الدماغ البشري لا يزيد حجمه على حبة بازلاء عادية. فبوجود كل هذه الامكانات التي ابدعها الخالق عز وجل يتبين ان امكاناتنا تكاد تكون بلا حدود والمطلوب هو معرفة ما نستطيع من هذه الامكانات ثم استغلالها.