الاسلام دين الوسطية قال الله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله)، ورسالته نور كما في قول الحق تبارك وتعالى: (ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)، ورسله رحمة للعالمين قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). ولم ينه سبحانه وتعالى عن المعاملة بالحسنى مع المخالفين، ولربما تحولت العداوة الى محبة مصداق قوله: (عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم * لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)، بل حتى لو لم يؤد المقابل ما عليه من حقوق قال تعالى: (وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فاتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون)، الى غير ذلك من التوجيهات السامية التي لو طبقها المسلمون لبرزت محاسن دينهم ولدخل الناس في دين الله افواجا، ولكن لما حصل الخلل واختلطت المفاهيم وقل الفقه ودخلت المصالح وانجرف بعض الناس مع الهوى والشيطان غلوا في دين الله واصبحوا اداة لكل عدو متربص ونسخة مكررة ممن شاد الدين وخرج عن الطريق المستقيم. ولو تأملت المثالية التي ينشدها كل متطرف في القديم والحديث لوجدت انه هو بذاته لم يتصف بها لا في سلوكه ولا تعامله ولا ادائه للحقوق الملزم بها شرعا او عقلا او عرفا، وقد مرت طوائف الغلو في مجتمعات المسلمين فاحدثت كوارث هاجت وماجت فأصحاب الغلو يرون ان المجتمع يسير الى الهاوية وانه هالك وعمله في تباب، وان النصر والمدد سوف يتتابع عليهم وانهم الصفوة المستحقون التمكين في الارض! ان هذه الافكار والاحكام والتوجهات والمقاصد تنتصب اليوم من فئة باغية توجه سهامها الى من يوحد الله ويصوم ويصلي، بل زادت على من سبقها باهلاك الحرث والنسل، وجرت على المسلمين في مشارق الارض ومغاربها الدمار والويلات، واضاعت الثروات، اثارت النعرات، وسلطت الاعداء. واخيرا قل لي بربك يا من تتبنى هذا الفكر، ما المحصلة النهائية من هذه الاعمال المشينة غير الصد عن دين الله؟؟ ولعل من بغى ان يتوب ويرجع الى ما عليه اهل العلم وسواد الامة من اهل السنة والجماعة.. فلئن تلقى الله بذنوب كالجبال اهون من تلقاه وقد سفكت دما حراما. والله المستعان وهو الهادي الى سواء السبيل. * مدير التربية والتعليم بمحافظة الزلفي