لفترة طويلة ارتبطت صورة بنجلاديش في الأذهان بالمذابح والاضرابات والكوارث الطبيعية غير أنها تحاول الآن تجميل هذه الصورة بارسال قوات للمشاركة في مهام حفظ سلام في شتى بقاع الأرض لحساب الأممالمتحدة. يقول محمد علي حسن البريجادير جنرال المتقاعد من القوات المسلحة في بنجلادش ان العام الذي أمضاه في قوات حفظ السلام في سيراليون كان أفضل سنوات خدمته العسكرية التي دامت نحو 35 عاما. وقاد حسن أكثر من أربعة الآف جندي انضموا لقوات حفظ السلام في البلد الافريقي لمدة 12 شهرا من ديسمبر كانون الاول 2000 . وقال حسن لرويترز رأيت هناك اختلافا بين حفظ السلام واحلال السلام. قوات حفظ السلام يحبها الجميع من طرفي الصراع غير ان قوات احلال السلام غالبا ما تعمل من أجل تحقيق هدف بعيد. وتعد بنجلاديش التي سماها وزير الخارجية الامريكي هنري كيسنجر يوما قعيد العالم أضخم مساهم في العالم الان بقوات لعمليات حفظ السلام التي تقوم بها الأممالمتحدة. ويخدم سبعة آلاف جندي من القوات الحكومية في سبع دول الآن. ويقول مسؤولون ان عدد الذين شاركوا في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة منذ 1988 يصل إلى 50 ألفا. وقال مرشد خان وزير خارجية بنجلاديش حفظ السلام سمة أساسية لسياسة بنجلاديش الخارجية. قوات بنجلادش تذهب إلي بلدان أجنبية فقط للحفاظ على السلام. وليس لإطلاق النار على أحد أو لكي تتعرض لهجوم. وقال حسن انه تعلم دروسا ثمينة خلال عمله في سيراليون. وقال كي تنجح عملية حفظ سلام لابد من تفهم مآسي الناس في النزاع ومحاولة استرضائهم. أمكنا القيام بذلك. ولذلك نجحنا. ومضى الضابط المتقاعد يقول عدت في أواخر 2001 بذكريات سعيدة عن البلاد حيث أمكنا ابرام هدنة ثم اقامة سلام بين الحكومة والمتمردين. وأضاف ان قوات حفظ السلام استطاعت القيام بذلك من خلال خطوات لبناء الثقة مع المتمردين بتدريبهم على الزراعة وتقاسم الحصص معهم وتوزيع الأدوية. وقال رضا الرحمن المستشار في وزارة الخارجية إن عمليات حفظ السلام هي حجر الزاوية في دبلوماسية بنجلاديش. وتابع لرويترز بنجلاديش هي قوة حفظ السلام الرئيسية في موزمبيق. وفي الكويت قمنا بعمل رائع لتطهير الألغام والقنابل. انظر إلى سيراليون حيث يرسخ جنودنا أقدامهم ويحظون بمحبة الناس. لكن للنجاح في مهام حفظ السلام تكلفته. ويقول مسؤولون ان بنجلاديش فقدت 62 ضابطا وجنديا بسبب الحوادث مثل تحطم طائرات وتفشي الأمراض خلال عمليات حفظ السلام كما أصيب اكثر من 70. وآخر ضحية كان الميجر محمد شاهجهان الذي قتل في تحطم هليكوبتر الشهر الماضي مع 23 من العاملين بالأممالمتحدة في سيراليون. إلا أن حادث تحطم طائرة أخرى في بنين خلال ديسمبر كانون الأول الماضي مازال هو الأسوأ حتى الآن حيث راح ضحيته 15 ضابطا. ومع ذلك تصر بنجلاديش التي حصلت على استقلالها من باكستان بعد حرب دموية استمرت تسعة اشهر عام 1971 أوقعت ملايين القتلى على المشاركة في مهام الأممالمتحدة في المستقبل وتحرص على ذلك. وقال مسئولو الجيش ان الهدف من هذا التوجه هو أن يرتفع علم بنجلاديش عاليا. وقال رضا الرحمن الدور المجيد لقوات حفظ السلام ساعد في طمس السمعة السيئة وتحسين صورة البلاد. الآن نحن بلد يحظى بالاحترام. ورغم التعازي الحارة التي تعقب سقوط كل قتيل من قوات حفظ السلام في الداخل والخارج تعيش عائلة القتيل في عوز رغم وعود الحكومة بدعم ذويه طوال العمر. واحتشد في الآونة الأخيرة الآلاف لتوديع شاهجهان الذي قتل في تحطم الهليكوبتر عند إعادته إلى مسقط رأسه في منطقة كوميلا جنوبي داكا. وانضم شاهجهان لقوات حفظ السلام قبل أسبوعين. ولا تحصد قوات حفظ السلام السمعة الطيبة فحسب بل أيضا المال والمشاعر الطيبة من بلاد بعيدة. وانضمت بنجلاديش الى مهام حفظ السلام في اواخر الثمانينات غير أن القوات بدأت تشارك بأعداد كبيرة بعد اتفاق سلام أبرمته عام 1998 مع المتمردين في الداخل وهم عناصر قبلية يتمركزون في تشيتاجونج بجنوب شرق البلاد. ويقول مسؤولو الدفاع ان بنجلاديش لديها مستوى محدود من الانفاق العسكري يصل الى 3ر1 في المائة من اجمالي الدخل القومي رغم نجاح قوات حفظ السلام. وبلغت المخصصات 730 مليون دولار من اجمالي عشرة مليارات دولار قيمة ميزانية العام المالي حتى يونيو حزيران 2004. وقال مسؤول عسكري رفض نشر اسمه ان المشاركة بقوات في عمليات حفظ السلام الدولية تمثل مصدرا للعملة الصعبة للبلاد بقيمة 200 مليون دولار سنويا. وانضمت بنجلاديش إلى الأممالمتحدة عام 1974 ثم دخلت نادي قوات حفظ السلام في 1988 حيث شاركت في 30 مهمة سلام دولية بقوات قوامها 50 ألفا حتى الآن. ويبلغ حجم القوات المسلحة في بنجلادش 150 ألفا بالإضافة إلى 30 ألف رجل أمن ومائة ألف شرطي.