تعتبر الطفولة المرحلة الغضة من مراحل النمو الانساني والتي يتفق بعض العلماء على انها تبدأ من الولادة وتستمر الى البلوغ. وفي هذه الفترة يكون الانسان معتمدا على الآخرين سواء والديه او المحيطين به ويكون لديه استعداد كبير لاكتساب قيم وعادات المحيطين به. ولن ادخل في مقدمات تعريف مفهوم الطفولة ولكن من الاهمية بمكان ان نستعرض مراحلها بعد ان عرضناها. فالطفولة بالطبع تبدأ من المهد والتي تبدأ من الولادة وحتى نهاية السنة الثانية. ومرحلة الطفولة المبكرة تبدأ من السنة الثانية الى السنة السادسة ومن ثم مرحلة الطفولة المتأخرة والتي تبدأ عادة من السنة السادسة الى الثانية عشرة. وان اختلف علماء الاجتماع حول هذا التقسيم الا انني اميل اليه. واستغلال الاطفال بكافة تقسيماتهم اصبح ظاهرة انتشرت على مستوى العالم ويبدو أنه لا علاقة لها بالمجتمعات ان كانت غنية او فقيرة اذ من المعتاد جدا ان نجد الاطفال المتسولين في شوارع بريطانياوامريكا وغيرها من الدول المتقدمة وان كان شيوعها اكثر في العالم الثالث. ولعل الفرق هو محاولة الدول المتقدمة العمل على ايجاد منظمات اهلية لحماية الاطفال من الاستغلال في حين تقف العديد من دول العالم الثالث عاجزة عن وقف الحد من انتشار هذه الظاهرة. ان تسول الاطفال يعتبر من اهم الشواهد على استغلال الاطفال وهي ظاهرة متفاقمة في العديد من دول العالم. ففي ايرلندا على سبيل المثال تم رصد 2938 حالة اطفال يتسولون في دبلن وحدها في العام 2000م وانهم في الغالب ما دون الثانية عشرة. اما في الدول الآسيوية ودول امريكا اللاتينية فانتشار الظاهرة ينكشف بشكل اكبر اذ تشير الاحصاءات الى أن عدد الاطفال المتسولين قد ارتفع من 1500 طفل في عام 1997م الى 7000 طفل في عام 1999م في مدينة هالون وحدها وان هذه الزيادة في ارتفاع مستمر والشيء المخيف ليس تفشي هذه الظاهرة فحسب ولكن استغلال الاطفال احيانا بشكل بشع كما تشير التقارير خاصة في دول آسيا وامريكا اللاتينية اذ تتم اعاقة الطفل بشكل متعمد لاستدرار عطف الجمهور ودفعهم للتصدق عليه. وفي روسيا يشير احد التقارير الى أن ظاهرة تسول الاطفال في تزايد كبير خاصة بين المشردين من الذين يتخذون محطات الخطوط الحديدية امكنة لتجمعهم بأعداد كبيرة وممارسة التسول مما أزعج المواطنين. ووفق آخر مؤتمر عن التسول في ايطاليا اشارت الاحصاءات الى أنه يوجد يوميا اكثر من 8000 طفل يرغمون على التسول في الطرقات الايطالية وتتمتع مدينة نابولي بنصيب الاسد حيث ان 30% من القاصرين يقضون يومهم في التسول على الطرقات او تنظيف زجاج المركبات او بيع المحارم الورقية عند اشارات المرور، كما اشارت نتائج هذا المؤتمر الى ان معظمهم يعود الى منزله وفي حصيلته مبالغ حيث يتم استغلالهم من قبل الآباء. اما في افريقيا والتي اصبحت ظاهرة التسول منتشرة في كل انحاء القارة ففي السنغال وحدها وفق دراسة اجرتها الحكومة السنغالية يوجد ما بين 50.000 الى 100.000 طفل يتسولون في الشوارع، اما في كينيا فقد قدر عدد الاطفال الذين يجوبون شوارع نيروبي يوميا في حدود 130.000 طفل. ومن الظواهر الخطيرة لاستغلال الاطفال هو الجانب الآخر وهو الاشد فتكا حيث تتحدث بعض الدراسات عن ظاهرة استغلال تسول الاطفال ضمن مشكلة بيع الاطفال لاستغلالهم من جهات اجرامية في التسول او الدعارة او بيع المخدرات. تذكر منظمة اليونيسيف انه يتم ترحيل وبيع 200.000 طفل سنويا عبر حدود دول غرب ووسط افريقيا لاستغلالهم في التسول والدعارة وترويج المخدرات. وما يثير الذعر حقا أن ظاهرة استغلال الاطفال بأنماطها المختلفة اصبحت تنتشر بشكل مثير للتعليق في العالم العربي، خاصة ظاهرة استغلال الاطفال للتسول والتجارة الهامشية ونجاحها في المدن الرئيسية. والمتابع يدرك أن الظاهرة في ازدياد وتعكس في مضامينها الحالة الاجتماعية والاقتصادية لهذه الدول. وهناك آلاف اطفال الاشارات المرورية والمنتشرين عند مفترقات الطرق الرئيسية لا يردعهم برد قارس ولا صيف لاذع ويتنقلون بين السيارات الواحدة تلو الأخرى يتسولون او يعرضون بضاعتهم ولكن ما اسباب انتشار هذه الظاهرة وتزايد انتشارها في العالم؟ هذا هو حديث الاسبوع القادم بإذن الله تعالى.