أسدل نهاية الأسبوع الماضي الستار على مهرجان ناوة والموسيقى العالمية في دورته السابعة الذي احتضنته مدينة الصويرة على الساحل الأطلسي المغربي على مدى أربعة أيام. ومرة أخرى، نجحت الصويرة، في أن تكون القبلة المفضلة لعشرات الآلاف من عشاق فن ناوة ومن مختلف بقاع العالم، جاؤوا كلهم ليجددوا لقاءهم فيما بينهم من جهة، ومع مجموعة من المعلمين من فقهاء الموسيقى، وفنانين ممثلين لأروع تجليات الموسيقى العالمية من جهة أخرى، وليستمتعوا بلقاءات موسيقية شكلت تمازجا رائعا بين موسيقيين بآلاتهم الموسيقية التقليدية وموسيقيين غربيين بآلاتهم العصرية. وهكذا كانت الجماهير، خلال هذا المهرجان على موعد مع عدة مجموعات موسيقية، ضمنها مجموعات ناوة المندمجة مع مجموعات موسيقية أجنبية، في مقدمتها مجموعة ناوة فيوجن بمعية موسيقيين بلجيكيين، ومجموعة هو باهو باسبيريي، وهي تتويج لعلاقة تربط بين خمسة موسيقيين مغاربة معجبين بموسيقى الروك والريغي، حيث قرروا سنة 1998 إدماج هذين النوعين في قالب ثقافتهم المغربية، فظهر نمط جيحا ميوزيك تتناسق فيه أنغام القيثار الكهربائية وإيقاعات ناوة أو الشعبي، وأيضا مجموعة دايزين، بالإضافة لمشاركات أخرى من مجموعة من الدول، كفرقة جاوجوبي من مدغشقر، ومشاركة مجموعتي فلامنكو كارل بين فنيت وتينودي خيرالدو من إسبانيا .. في هذا المهرجان وحدت موسيقى ناوة بين الجميع، حيث اتحدت الأرواح والأجساد، على إيقاع الموسيقى الناوية، وانصهرت الحدود، وتوحدت القلوب، حيث غنى ورقص الجميع، مغاربة وأجانب، جماعة، رغم اختلاف لغاتهم ودياناتهم وأجناسهم، ولم ينحصر الغناء أمام الأمكنة المخصصة أصلا لأنشطة المهرجان، بل تحولت كل فضاءات الصويرة، إلى محفل للموسيقى، فبعد انتهاء الحفلات الموسيقية، تشرع المجموعات الغنائية المكونة من شباب والقادمين من مختلف ربوع المغرب، في العزف على آلاتهم، كأنهم يؤكدون استمرار لحظات الفرح والغناء بدون انقطاع، قبل أن يخلد بعضهم للنوم على شاطئ الصويرة، يفترش رمالها الذهبية في انتظار الحفل الختامي.. وبالإضافة إلى السهرات اليومية لفن غناوة نظمت على هامش المهرجان العديد من الندوات أبرزها كانت ندوة خصصت للأدب الهامشي في المغرب وأبرز رجالاته الراحل الأديب محمد شكري. تجدر الإشارة إلى مهرجان الصويرة يعتمد بالأساس على موسيقى وفن غناوة المغربي ذو الجذور الأفريقية الذي ساهمت مهرجانات المغرب في الارتقاء به إلى العالمية. من جهة أخرى, أشار الفنان مجيد بقاس في جلسة مع اليوم إلى أن هذه الموسيقى أصبحت تعرف نوعا من التمييع، بسبب تطفل بعض الفنانين على هذه الموسيقى خاصة منهم الأجانب الذين يحاولون المزج بين الموسيقى الغربية كما يعزفونها وموسيقى كناوة دون مراعاة لخصوصياتها المنفردة. وشدد على أن هذا المزج يتطلب من العازف أن يكون على دراية كافية بالطقوس والعادات الكناوية وبإيقاعاتها ومقاماتها وبوظائف آلاتها الموسيقية وأن يتم وفق شروط معينة تحافظ على الطابع الروحاني لهذه الموسيقى فإدخال وتوظيف آلات موسيقية أخرى يجب أن يتم بحذر شديد كي لا يفقد الطابع الكناوي للموسيقى ولروحانيتها التي تعد عمودها الفقري وطابعها المتميز. ويرى مجيد بقاس أن سعي بعض المنظمين لجلب أكبر عدد من الجمهور, الذي يعتبرونه مقياسا لنجاح المهرجان, يدفعهم إلى استدعاء فنانين ليس لهم علاقة بالموسيقى الكناوية, وهذا قد يمس بالطابع المتميز لهذه المهرجانات.