أصبحت مهرجانات الزواج الجماعي في المنطقة الشرقية ظاهرة تنبض بالحياة والسعادة والمرح في مواسم الإجازات المدرسية الصيفية والشتوية, حيث يحرص الكثير من الأهالي على المشاركة وتوقيت الزواج في تلك الفترة وهذه المهرجانات لها الكثير من الايجابيات التي يصعب على المتابع ذكرها وان كانت من ضمنها تقليل المصاريف المادية وخفض تكلفة الزواج, وتقوية الحس الاجتماعي, والمشاركة, وجعل الزواج في متناول جميع شرائح المجتمع, وهذه الأعراس مناسبة جماعية سعيدة في كل مدينة وقرية وبلدة يقام فيها, ولقد استطاع الزواج الجماعي تحقيق الجزء الأكبر من الأهداف المنشودة على الصعيد الذكوري.. إلا انه على صعيد الإناث حدث العكس.. تهميش ومعاناة كبيرة تبدأ من صعوبة حجز المشاغل والصالونات وأستديو التصوير والطعام وصالة الحفل.. مريم حضرت قاعة الحفل بعدما انسحب أكثرية الحضور لأنها تأخرت في الصالون من شدة الازدحام, وأميرة لا تنسى ليلة زواجها في سطح المنزل وكيف سال المكياج على وجهها, وانهارت التسريحة من شدة الحرارة والتعرق بعد ساعات من الانتظار في الصالون ما تلك المعاناة, وما الحلول المناسبة؟ وهل مهرجانات الزواج الجماعي سبب حقيقي أم شماعة, ولماذا لا يقام زواج جماعي نسائي؟ ولماذا لا يكون هناك دور فعال للأهالي في حق المشاركة في برامج الزواج الجماعي؟ كل هذه الأسئلة طرحناها وحاولنا الحصول على إجابات متنوعة من عدة أطراف، في محاولة لرسم صورة متكاملة لهذا الموضوع.. 23 ربيعا 23 عاما هي عدد سنوات عمر الزواج الجماعي في المنطقة الشرقية الذي انطلق في عام 1402 ه في قرية القارة بالأحساء بعدد 12 شابا وفتاة ثم انطلق ليشمل اغلب المدن والقرى والبلدات في المنطقة الشرقية وأصبح لكل مدينة وقرية مهرجان خاص باسمها، ووصل عدد الفرسان في بعض المهرجانات لأكثر من 170 عريسا وعروسا.. هذه الاستمرارية والانتشار لهذه المهرجانات جاء نتيجة النجاح الكبير والتفاعل غير المحدود من أبناء المجتمع. وعلى الرغم من كل هذا النجاح لا يوجد مهرجان زواج جماعي نسائي واحد..! المجتمع الذكوري فاطمة السعد قالت إن المرأة السعودية تعيش في وسط سيطرة ذكورية على كل شيء حتى على صعيد الأمور الاجتماعية والتي كان ينبغي أن تكون للمرأة حق المشاركة، وان تهتم بها أكثر إلا انه قد حدث العكس فمهرجانات الزواج الجماعي التي ظهرت لتخفيض المصاريف وتسهيل فرص الزواج في المجتمع إنما قامت على أفكار ذكورية بحتة أي التفكير في تقليل المصاريف على الزواج وإقامة مهرجان جماعي يجمع الفرسان على مسرح كبير تصرف عليه مبالغ كبيرة وسط فرحة عامرة في ظل وجود حشد هائل من الحضور وهو ما حرمت منه المرأة -العروس- حيث إنها مهمشة وتتحمل التكاليف العالية. المرأة هي السبب وبنفس القدر تختلف معها في الرأي سعدية طاهر التي ترى أن المرأة السعودية استطاعت إثبات وجودها وطاقاتها وإمكانياتها وقدرتها على الوصول إلى أعلى حد متاح لها في المجتمع مع انها قادرة على تجاوز تلك العقبات. وعلى الرغم من ذلك فإن أغلب النساء السعوديات ونتيجة حالة نفسية وتربوية وغياب حالة الثقة لديها، وكذلك الاعتماد على الرجل في كل الأمور وكأنها حالة من الابتعاد والاتكالية.. فهي تتغاضى عن أشياء كثيرة ومهمة في حياتها المستقبلية الزوجية خوفا من شبح العنوسة. لم يقدم خدمة للنساء وترى سعاد عيسى (ناشطة اجتماعية) الأمر من جانب آخر حيث قالت إن من سلبيات الزواج انه لم يقدم أي خدمة للمرأة.. فالمرأة التي تمثل نصف المجتمع والعنصر المهم في الزواج مغيبة عن دور المشاركة في الزواج الجماعي وغائبة عن تخطيط القائمين على مهرجانات الزواج الجماعي بل الزواج الجماعي ساهم في زيادة الضغوط على المرأة خاصة العروس حيث ترتفع أسعار الصالونات بشكل مضاعف مما يساهم في زيادة المصاريف بالإضافة للازدحام وصعوبة الحصول على صالون. وتقول أميرة (عروس) بسبب مهرجانات الزواج الجماعي حيث ان زوجي أحد الفرسان فيه حجزت الصالون قبل أكثر من شهر من تاريخ الزواج وذهبت إلى الصالون من الساعة 9 صباحا ولم اخرج منه إلا في الساعة 10 مساء أي أكثر من 12 ساعة وهذا الوقت الطويل من الانتظار والرضوخ لطلبات العاملات في الصالون إذ أن طول الوقت يؤدي إلى تردي خلقهن ويبدأن في التعامل معها بشكل سيىء، وفي المقابل فليس أمام العروس سوى الاستسلام فهي مضطرة هذه الليلة، فهل كتب على العروس أن تعيش هذا الجو مضطرة؟ مشاغل الخياطة وتحدثت بدرية عن بعض سلبيات مهرجانات الزواج الجماعي ذات الأعداد الكبيرة التي تقع في القرى قائلة إن نساء القرية يجدن صعوبة في خياطة الملابس لقلة عدد الخياطين والمشاغل، في الوقت الذي تزداد أعداد النساء المترددات على هذه المشاغل، حتى أنه لا تبقى امرأة ولا فتاة إلا وتبحث عن فستان مناسب لأن الجميع يعد مهرجانات الزواج الجماعي مناسبة غالية لكل أهل القرية. وخلصت بدرية إلى القول إن هذه المشاغل تستغل المناسبة في رفع الأسعار، حيث قلة المنافسة وتفردها بالسوق. التصوير ويتحدث علي الغدير(والد عروس) عن بعض المعاناة فيقول إن مسلسل الازدحام والارتباك والمضايقة للمرأة خاصة العروس لا يتوقف. فبداية من المشاغل والصالونات ومروراً بالتعب والجوع والانتظار والصداع وليس انتهاءً بمرحلة ما قبل الذهاب إلى صالة الفرح حيث يحرص أغلب العرائس وأقرباؤهن الذهاب إلى مراكز التصوير النسائية لالتقاط الصور التذكارية. ويستدرك الغدير قائلا:ً لكن هذه الاستوديوهات تكون في ليلة مهرجانات الزواج الجماعي مزدحمة جدا ويتطلب من العروس ومن يريد التصوير الحجز المسبق وعند الوصول في المواعيد لابد من الانتظار وما أصعبه. أفراح في السطوح وتتذكر أميرة (عروس) ليلة زواجها التي لا يمكن أن تنسى فوق سطح المنزل في أيام مهرجان الزواج في الإجازة الصيفية وكيف سال المكياج على وجهها، وانهارت التسريحة من شدة الحرارة وانهمار العرق بعد ساعات من الانتظار في الصالون.. إلا أنها تمزج هذه الذكريات بابتسامة فهذا الموقف لا يمكن أن يرجع مرة أخرى. وتضيف قائلة إن الكثير من الفتيات تضطر لإقامة الزواج في السطوح تفادياً لدفع كلفة مصاريف استئجار صالة خاصة بالنساء لارتفاع أسعارها خلال أيام مهرجانات الزواج الجماعي، فضلاً عن صعوبة الحصول عليها لان جميع الصالات والاستراحات في هذه الأيام تكون محجوزة مما يضطر البعض لإقامة حفل النساء على سطوح المنازل وفي ذلك معاناة كبيرة حيث يتعرض الحضور للحرارة العالية والرطوبة الشديدة في فصل الصيف والبرودة القارسة والأمطار في الشتاء. وعلى الرغم من أن هذه النوعية من الحفلات قليلة جداً بحسب البعض، حيث إن متوسط الدخل وإمكانية القروض وتسهيلات البنوك تدفع الناس لاستئجار الصالات إلا أن البعض يقدر عدد حفلات النساء التي تقام في السطوح أيام مهرجانات الزواج الجماعي من 30 بالمائة إلى 40 بالمائة. وعلى أن هذا التقدير قد يكون مبالغاً فيه إلا أنه يبقى موجوداً. 500 زواج في ليلة واحدة ويقدر أحد أصحاب صالات الأفراح عدد حفلات الزواج في أيام الزواج الجماعي ب (500) حفل في الليلة الواحدة والتي تساهم في نشوء أزمة الازدحام وارتفاع الأسعار في الصالات النسائية حيث العدد الموجود بجميع المستويات اقل من الطلب. استغلال المناسبات وترتفع قيمة صالات الحفلات النسائية في أيام مهرجانات الزواج الجماعي إلى أسعار عالية جدا وغير طبيعية تصل إلى حدود 10 آلاف ريال في صورة تعبر عن حالة من الاستغلال إلا ان أحد أصحاب الصالات يقول: السبب في ارتفاع الأسعار في فترة المهرجانات يعود إلى ازدياد عدد المتزوجين الذي قد يصل بالمئات في ليلة واحدة وإقامة الأعراس في ليال معينة وفي أشهر محدودة من السنة مما يسبب ضغطا كبيرا بعكس بقية الأيام والأشهر حيث تكون الصالات شبه مغلقة، مما يؤدي إلى استغلال الفرصة. قلة الحضور في ليالي مهرجان الزواج الجماعي تزدحم مخيمات المهرجان بالحضور إلا ان معظم الصالات النسائية التي تصرف عليها أموال طائلة للحصول عليها في ليالي المهرجان تصبح شبه خالية إلا من العشرات لان نساء القرية أو البلدة يتوزعن على الصالات المتعددة في تلك الليلة يبحثن عن الأفضل والأكثر راحة.. بينما أغلب المتزوجات في الصالات أو في السطوح يعانين قلة الحضور. النساء ضد الجماعي لماذا لا يقام زواج جماعي للنساء؟ إذا كان الزواج الجماعي للرجال ناجحا على جميع الأصعدة وفيه فوائد كبيرة وفرحة عامرة فلماذا لا يقام زواج جماعي للنساء يجمع جميع المتزوجات؟ المرأة و التميز حول هذا السؤال تقول سحر (عروس) إن المرأة غيورة وتحب التميز وتحب أن تكون الأفضل والأكثر جاذبية وجمالا وتريد أن ترى جميع عيون الحضور تتركز عليها وهذا لا يحدث في وجود أكثر من عروس في الزواج الجماعي النسائي حيث يوجد حالة من الغيرة والخوف عند العروس بأن العروس الأخرى أجمل منها.! محط إعجاب وتقول نسرين (عروس): لكل امرأة وضع خاص ومستوى معين وتحب أن تعيش في مستواها والزواج الجماعي مع وجود الايجابيات الكثيرة إلا انه لا يحقق رغبات الكثير من النساء فالمرأة بطبيعتها وغريزتها تحب أن تكون عروسا محط إعجاب الجميع. لا مقارنة أما هدى (مخطوبة) فليس لديها مانع من أن تتزوج في ظل وجود أكثر من عروس ولكن بشرط أن تكون محل مقارنة من قبل الحضور وهذا ما لا يحدث حيث إن من طبيعة النساء المقارنة والتعليق على كل شيء ولو كان بسيطا وان بعض النساء لا يتورعن عن إظهار رأيهن الجارح. فرصة للتميز والتألق فاطمة راضي تخالف هذا الرأي وتقول في الزواج الجماعي النسائي فرصة كبيرة لتظهر العروس في صورة متميزة ومتألقة يشار لها بالتميز في مهرجان منظم وفي ظل برنامج مميز وحضور كبير جدا قد لا يجتمع هذا العدد لو كان في حفل فردي. مهرجان نسائي وأكد هاشم الشرفاء (رئيس الزواج الجماعي في صفوى) على وجود معاناة للعرائس نتيجة غياب البرامج الاحتفالية لهن مشيرًا لأهمية قيام زواج جماعي نسائي، وأن إدارة الزواج الجماعي في صفوى لديها لجنة نسائية خاصة لمتابعة العرائس وهي تتكون من عدة لجان فرعية، ومن ضمن برامجها التنسيق بين العرائس ولقد قامت اللجنة في هذا العام بإقامة تجمع للعرائس وعددهن 25 عروسا في مخيم واحد في يوم التبريك (التهنئة) ولقد لقي هذا المهرجان نجاحا كبيرا لم نكن نتوقعه. احتفالية رائعة وقالت إحدى المشاركات في ليلة المباركة التي أقامتها اللجنة النسائية لصندوق الزواج الجماعي بصفوى انها احتفالية رائعة جداً و بالرغم النشوى العامرة التي اعترتني و أنا أرى ما يقارب ال 25عروساً تتهادى جملة واحدة إلا أن عيوني كانت تبحث عن أمهاتهن و أخواتهن و قريباتهن وسط الحشد النسائي التي امتلأت به الصالة، وثمة صوت داخلي يتساءل لماذا لم نر أحدا منهن في لجان التنظيم، أليس هن الأولى في استقبال ضيوفهن وأحبتهن و تقديم واجب الضيافة؟ مع جليل تقديري للجهود الرائعة التي بذلت من طرفي الصندوق رجالاً و نساءً. الخوف من الفشل وحول سبب عدم إقامة مهرجان زواج جماعي نسائي كالعرسان أوضح الشرفاء: إن الخوف من الفشل، وعدم وجود تجربة سابقة وضعف الكادر النسائي ساهم بشكل كبير في التريث والتردد في إقامة المهرجان النسائي. ويستدرك الشرفاء قائلا:ً بعد هذه الفترة الطويلة من إقامة مهرجان للفرسان حان الوقت لإقامة مهرجان خاص للنساء، ونأمل أن يتم ذلك في العام القادم وان نجد المساهمة والمساعدة في توفير مخيم متنقل مناسب قادر على استيعاب الأعداد الكبيرة. التنسيق مع الصالات ويرى جمعة الحداد (صاحب صالة أفراح) إن الحل الأنسب في القضاء على ظاهرة ارتفاع أسعار الصالات في فترة المهرجانات أن تقوم لجنة التنسيق والمتابعة والعلاقات العامة في الزواج الجماعي بالترتيب والتنسيق المسبق مع أصحاب الصالات في تأمين واستئجار الصالات في ليلة إقامة المهرجان الجماعي بأسعار مناسبة ومخفضة. وأضاف الحداد: من الحلول الأخرى المناسبة أن يتم استئجار صالة نسائية واحدة يجتمع العوائل والأقارب فيها خاصة عندما يكون الضيوف عاملا مشتركا لأصحاب الأعراس ويتم تقسيم الوقت بين الزوجات. وأكد الحداد على أهمية القيام مبكراً بحجز الصالات قبل الزواج بوقت كاف لأجل الحصول على صالة بأسعار مخفضة وللأسف ان أغلب أبناء المجتمع لا يفكرون في الأمر إلا في آخر لحظة مما يجعل فرصة الحصول على صالة أو على خصم أمرا صعب المنال. لا للصالات التجارية من جهته رفض الشرفاء فكرة التنسيق والترتيب مع صالات الأفراح في الحجز لأن ذلك يعارض الفكرة الرئيسية في تأسيس الزواج الجماعي وهي تخفيض نسبة التكاليف والمشاركة الاجتماعية، أما الحل المناسب كما يراه الشرفاء فهو القضاء على معاناة النساء العرائس من خلال إقامة مهرجان نسائي. التبرع بالقاعات واقترح جمعة ان تبادر إدارة الزواج الجماعي بالترتيب والتنسيق مع أصحاب الصالات والقاعات موضحا اننا أصحاب الصالات مستعدون للتعاون والمساهمة بالتبرع بصالة وقد قمنا بالتنسيق فيما بيننا بالتبرع بصالة واحدة لكل فارس خاصة بالنساء للمحتاجين من أصحاب الظروف المادية الصعبة. مطالب مهمة الزواج الجماعي مشروع اجتماعي ومشروع حضاري كبير يجد كل التأييد والدعم من قبل المجتمع ولهذا ينبغي الحرص على استمراريته وتطويره وتقوية جذوره ودعمه بسخاء لتكن ثمرته أكثر فائدة، إلا أن هناك من يرى وجود بعض النواقص فيما لو التفت إليها القائمون على هذه المهرجانات، محمد الراشد يحضر أغلب المهرجانات ويتمنى أن يقوم مهرجان نسائي وفي هذا المجال قدم بعض الاقتراحات منها: 1/ الاهتمام بالعنصر النسائي بالشكل المطلوب والمناسب، وتشكيل لجان نسائية. 2/ الحرص على إقامة مهرجان جماعي للنساء. 3/ على إدارة المهرجانات المبادرة بالاستفادة من أصحاب الخدمات التي يحتاج لها الشباب والفتيات من قاعات وصالونات ومشاغل وتجهيزات للشقق. 4/ الحرص على إعطاء دورات ثقافية حول العلاقة الزوجية للزوجين لا تقل عن أسبوع. وأكد الراشد ان الزواج الجماعي اكبر أهمية وقيمة من وجبة طعام وصالة فخمة تجمع الفرسان في فرح بهيج. الصالة النسائية أسعارها مرتفعة