تلقيت الأسبوع الماضي رسالة موقعة باسم (المتابع ) , ويبدو من ملامح الرسالة أنها من متابعة , ولا ادري لماذا حذفت تاء التأنيث من نهاية اللقب , ونظرا ً لأنني اعتدت أن لا أفتش عما يريد القارئ مواربته , فسأناقش الرسالة على أنها من متابع , ولكنني أشرت إلى هذه المراوغة في الاسم لأنبه إلى أننا نفتقد غالبا ً الثقة في آرائنا , ونلجأ للمراوغة التي نعتقد أنها تمنح رأينا قوة , وتجرد الآخر من أهم أسلحته , كالزعم من أننا من المعسكر الآخر.!! أعود لرسالة القارئ أو القارئة فهذا لا يهم , والتي أي الرسالة , تتهمني بأنني أحاول دائما من خلال كتاباتي , حرمان المرأة من حقها في الجلوس على عرش الاهتمام المنصوب في قلب الشاعرية , والاستمتاع بالأشعار التي تكتب في حسنها ودلالها و غنجها , وأنني أحاول أن أدفع قصيدة المرحلة إلى حيث المآسي الإنسانية , وبرك الدم وظلمات السلوك الإنساني , وأنني لا اعرف قيمة الجمال الأنثوي وأنا أهاجم دائما ً الشعراء الذين تدور قصائدهم حول هذا الجمال , وهذا الاتهام المجتزأ لم يقل الحقيقة كاملة , ولكنه رأي أخذ زاوية منحرفة وهو يحاكم كتاباتي , فلم يسبق لي أن كتبت حرفا ً واحدا ً يومئ إلى هذه الحماقة المزعومة , فالمرأة هي التي تصنع الشاعر , وهي التي تفجر الشاعرية وهي ( صانعة الشعر) , وكل قصيدة لا تحمل ملامح الهيام بالمرأة , حتى ولو كان غرضها بعيدا ً عن هذا المسار , فهي قصيدة بائسة لا تستحق قيمة الورقة التي تكتب عليها , ولكنني ضد امتهان المرأة وجعلها سلعة رديئة تعرض على أرصفة الشوارع الخلفية للحياة , كما هو حاصل في مجلات الشعر الشعبي وفي أغلب قصائد المرحلة , فالمرأة أهم مصدر للجمال على الأرض المليئة بالتشوه والبشاعة , ولا يليق بها إلا حضورا ً يليق بهذه المكانة الرفيعة , بدلا ً من ابتذالها وعرضها على الأرصفة مع البضائع الرديئة والمزيفة . لدي يقين كامل بأن كل قصائد الدنيا , وكل شاعرية بما فيها شاعريتي هي من صنع المرأة , ولا أعرف أول قصيدة كتبت قي تاريخ الإنسانية , كما أنني لا أعرف غرضها , ولكنني متأكد تماما ً بأنها كتبت في امرأة جميلة , وأن هذه المرأة الجميلة المجهولة هي التي أسدت للبشرية جميلا ً لا ينسى , وهي تمرر أناملها على أوتار فؤاد ذلك الرجل الذي كتب القصيدة الأولى على كوكب الأرض , لان تلك المرأة أطلقت صوت ذلك الرجل الذي علمنا كيفية النظر للمرأة , و علمنا أسلوب الاحتفاء بجمالها بالطريقة التي تليق بها وبنا , بدلا ً من التعامل معها كما لو كانت من معطيات الأخرى , التي لا تساوي شيئا ً أمام هذه الهبة الإلهية التي تشعل هشيم الحياة لتمنحنا الدفء والضوء و الإشراق . سأستمر في كتاباتي التي تندد بامتهان المرأة , وتهاجم كل النصوص السخيفة التي لا تليق بها , بنفس لغة التنديد التي أهاجم فيها الشاعر الذي يتجاهل متاعب أمته , وينكب على قصيدة الجسد , لأن هذا الانكباب لا يليق بالمرأة و لا يثير اهتمامها , لأن المرأة تريد شاعرا ً يعرف معنى الحياة , تريد شاعرا ً نبيلا ً فطنا ً يفهم الحياة بشمولية , بدلا ً من الفهم القاصر , فمن لا يفهم الجزء المهم لن يفهم الكل , والمرأة أهم جزء في الحياة بل هي صانعة الحياة , حتى وإن ادعى بعض الشعراء السخيفين غير ذلك , أو زعم أنه يفهما بطريقته الخاصة , وحتى اقطع الشك باليقين فليس لدي نص مهما كان غرضه أو شكله الكتابي إلا و أجد فيه على الأقل بقايا طيف امرأة , يمنح نصي ديمومة الحياة , ومسحة جمال ٍ يحتاجه كل نص ليكون جديرا ً بالقراءة و الاحتفاء.