حين تقرأ كتب التراث في كل حقل من حقول المعرفة والأدب تراها مفعمة بالآراء المتناقضة: فهذا يمدح الكرم - مثلا - وذاك يذمه. وهذا يرى التسامح خلقا رفيعا يمتاز به الأقوياء,. وذاك يرى فيه ضعفا تترفع عنه النفوس. ==1== عفونا وكان العفو منا سجية==0== ==0==ولما ملكتم سال بالدم أبطح فحسبكم هذا التفاوت بيننا==0== ==0==وكل إناء بالذي فيه ينضح==2== أما من الجانب الآخر فيقول: ==1== الظلم من شيم النفوس فان تجد==0== ==0==ذا عفة فلعله لا يظلم==2== وعليك اذا اردت التأكد من هذا ان تقرأ كتابا واحدا مثل (العقد الفريد) او قصيدة واحدة مثل معلقة زهير, ففيهما من التناقض ما يفقأ العيون. @ القبول والرفض: الرفض والقبول في العالم العربي, بل في صلب الثقافة العربية ليسا مبنيين على التعليل وادراك الاسباب ومعرفة نتائجها, بل هما مبنيان على فكر او عقائد وتقاليد مسبقة, اساسها عاطفة محضة, تدفع الى القفز في الظلام. ان رؤوسنا تتمايل طربا حين نسمع: ==1== لا يسألون اخاهم حين يندبهم==0== ==0==في النائبات على ما قال برهانا.==2== نعم. تهتز طربا عاطفيا تقليديا باستجابة عمياء لا تعرف ماهي ذاهبة اليه. وهذا ما قادنا قرونا طويلة ويقودنا الآن من هاوية الى اخرى. @ الحب والكره: الحب والكره من اعمق العواطف الانسانية واشدها تأثيرا في السلوك البشري. وحين نقرأ مظاهر هاتين العاطفتين في الثقافة العربية يذهلنا ما قادتا اليه من الزيف والانحراف. لندع الكلام في الكره كعاطفة, ولنتكلم عن الحب: ان اروع مظهر للحب في ثقافة اي امة هو الغزل. كتعبير عن الوجدان.. وحين نقرأ الغزل العربي ماذا نرى؟ نرى ان 99% منه مجرد زيف وهراء وتقليد. يستوي في ذلك اعظم الشعراء واقلهم. ان غزل المتنبي كله, بما فيه هذا البيت الذي اعجب به القدماء: ==1== ازورهم وسواد الليل يشفع لي==0== ==0==وانثني وبياض الصبح يغري بي==2== هذا الغزل كله لا يساوي حذاء ايطاليا واحدا.