اثرت عملية الخصخصة وفتح المجال للقطاع الخاص بالهند للدخول في مجالات استثمارية اكبر كانت شبه محظورة عليه على طبيعة المجتمع ونشاطه وادى ذلك الى ازدهار الطبقة الوسطى وتحسن حالها ومن هذه الطبقة يبدو المواطن الهندي دينكار مارلا في حاجة الى شيء ما رغم ان لديه كل شيء تقريبا.. سيارة أنيقة وكمبيوتر من احدث طراز وبيت حديث. ورغم انه ينتمي الى شريحة صغيرة جدا فان مارلا المحاسب الناجح باحدى شركات الهاتف المحمول يعيش حياة هنيئة. فهو يسافر كثيرا ويقضي عطلة نهاية الاسبوع في النادي أو يذهب الى السينما في احد مراكز التسوق الانيقة القريبة من نيودلهي. قال مارلا ضاحكا يمتلك الناس حاليا نقودا كثيرة وأصبحوا أكثر استجابة في عصر الثقافة الاستهلاكية والهواتف المحمولة والسيارات. وينتمي مارلا الى الطبقة الوسطى التي أخذت في النمو في الهند بعد ان نفضت عنها سمة التقشف التي وضع أساسها المهاتما غاندي والتي اتصفت بها الاجيال السابقة وبدأت تتبنى سمة واضحة.. الانفاق ثم الانفاق. وشواهد التغيير في كل مكان في المراكز التجارية الحديثة التي انتشرت في نيودلهي وبومباي. وتنقض الطبقة المتوسطة على كل شيء تقريبا من الهواتف المحمولة ونظم الفيديو والصوت المنزلية الى العطور الباريسية والحلي الماسية. وفي ظل نمو اقتصادي يتوقع أن يصل الى ثمانية في المئة أطلقت الحكومة حملة اعلانية شعارها الهند تتألق قبيل الانتخابات العامة لنشر أخبار طيبة في اكبر ديمقراطية في العالم وتحفيز الهنود لانفاق المزيد. وقال ف. فيديانثان رئيس قسم الارصدة ببنك ايسيسي لرويترز لم تشهد الطبقة الوسطي أوقاتا طيبة مثل هذه الاوقات. والجزء الادنى من الطبقة الوسطى يتمتع ايضا بأوضاع أفضل. وقبل 15 عاما فقط كان الهنود ينتظرون فترة تصل الى خمس سنوات للحصول على هاتف أو توصيل الغاز وكانت قلة محظوظة تسافر للخارج وتعود محملة بسلع كمالية مثل مستحضرات التجميل والصابون والانظمة الموسيقية بل وحتى حفاضات الاطفال. أما الان فتنتشر اعلانات ضخمة في المناطق الحضرية لاغراء الناس على شراء سلع تحمل أسماء عالمية والحصول على قروض ومشاهدة مسلسلات امريكية مثل الاصدقاء بينما تزدحم المراكز التجارية بمتسوقين من فروع لمتاجر عالمية مثل ماركس اند سبنسر وريبوك ولاكوست. وتشير احصائيات لمؤسسات عالمية مثل تكنوباك الى ان الشباب هم مصدر الجزء الاكبر من زيادة الانفاق. واكثر من 65 في المئة من سكان الهند مليار نسمة شباب دون الخامسة والعشرين. قال أنيل نيبال المدير بتكنوباك هذه الشريحة منفتحة على الحياة وتقبل على احدث السلع الاستهلاكية. تزايد الانفاق الاستهلاكي نتيجة لتغيير ديموغرافي وسلوكي. وقال كارتيك مهتا (24 سنة) المحامي في نيودلهي الذي يأكل في مطاعم بيتزا هت ويشرب القهوة في باريستا المعادل لستاربك تتبع التقدم التكنولوجي احد اكبر أوجه الانفاق بالنسبة لي بالاضافة الى الترفيه مع أصدقائي. لقد قطعت الطبقة الوسطى في الهند طريقا طويلا منذ بدأت الازدهار والنمو في أوائل التسعينيات بعد أن فتحت الاصلاحات الاقتصادية أبواب البلاد أمام الكثير من الشركات العالمية للاطعمة والسلع الاستهلاكية بعد أن ظلت مغلقة لفترة طويلة في ظل الاقتصاد الاشتراكي القائم على التخطيط المركزي. ومع تزايد الدخول حاليا انخفض سعر الفائدة الى أدنى مستوى منذ 30 عاما ومع نمو الاقتصاد تفرغ المتاجر سريعا من السلع المعمرة مثل البرادات والمكيفات والغسالات والمكانس الكهربائية وأفران الميكروويف. وكانت هذه السلع كمالية منذ بضع سنوات فقط. وتضاعف عدد الهواتف المحمولة في الهند في الاشهر السبعة الماضية ليبلغ 28 مليون هاتف بالاضافة الى مليوني مشترك جديد ينضمون الى هذه الخدمة شهريا. وتعج الهند بأحدث واغلى أنواع السيارات الكبيرة والصغيرة التي يقتنيها الملايين بعد أن كان الاختيار بين طرازين فقط هما أمبسادور أو فيات. والان توجد عشرات الطرز الحديثة من افخر الانواع من مرسيدس وأوبل واحدث صيحة من السيارات الصغيرة مثل ماروتي 800. قال راجيف كاروا رئيس الكترولوكس الهند لرويترز السوق مفتوحة وتنزل اليها منتجات جديدة. المستهلكون منفتحون على أحدث انتاج. وأضاف أن شركته تستهدف بمنتجاتها 100 مليون أسرة يبلغ عدد أفرادها نحو 500 مليون نسمة. ولا يقتصر الانفاق الاستهلاكي على المدن ولكن يمتد الى الريف حيث يعيش 70 في المئة من سكان الهند. ويقول خبراء في الصناعة ان الريفيين في الهند حققوا مكاسب كبيرة هذا العام بفضل أحسن موسم أمطار منذ عشر سنوات ويشترون احدث المنتجات. ويشهد الريف الهندي ثورة معلوماتية حيث تنتشر مقاهي الانترنت. كذلك تشهد المناطق الريفية كل عام نحو 20 ألف معرض ومهرجان يمكن فيها شراء كل شيء من السيارات الى الماشية. قال اشيش باسين مدير وكالة لينتاس للاعلانات في الهند وهو يتحدث في مكتبه الانيق بمبنى حديث في بومباي توجد ثورة صامتة في الريف لا تعرفها المدن. قد تندهش من عدد مقاهي الانترنت أو أجهزة عرض أقراص الفيديو الرقمية بأرياف الهند.