يبدو لنا الشخص البدين أنه يتمتع بصحة جيدة ولكنه قد يكون يعاني الضغط ولديه السكر ويشكو من زيادة الكوليسترول وعنده كسل في عضلات القلب وحينها نتمنى له الشفاء ونحمد الله على الصحة. وكذلك السيولة النقدية قد تكون ناتجة عن ديون وقروض والتزامات تشكل عبئا على صاحبها وهذا يعطينا انطباعا بأنه ليست كل زيادة فيها نفع فكما قيل الزيادة أخت النقص وكل منهما له زاوية ضرر. فلو تمعنا في تداولات سوق الأسهم لاتضحت لنا هذه الرؤية فمشهد الاغماءات في بورصة التداول (حسب ما نقلته صحافتنا المحلية) مشهد حزين ودلالة على حجم المشكلة لصغار المساهمين وأيضا لم ننج من شكوى المضاربين فهم يتذمرون من عدم وجود الشفافية الكافية وكذلك لم تسلم البنوك من تعثر وسيلتها في التسهيلات ولم يتوان هوامير السوق من تعميق الجراح بالرغم من تدخل مؤسسة النقد في المتابعة وفرض القيود لعملية التداول إلا أن السوق مازالت غير متزنة. وبما أن التدفقات المالية منهمرة وتصب في نفس المسار المحدد للبورصة فالمؤشر يرتفع بمئات النقاط والربحية تأتي من الجيوب الخاسرة. وتستمر العملية بشكل حلزوني وينخفض المؤشر بدون تدرج طبيعي وتكون الانتكاسة لصغار المتداولين. كل ذلك بدون مبرر يقنع المغامرين بفاعليته علما بأن هذه الصفقات لم تضف للعملية التنموية خطوة تصمد ارتداداتها لأجيالنا القادمة وتعضد دخلنا القومي بزيادة منتجنا المحلي لتكوين قاعدة انطلاق نهضوية يزدهر بها اقتصادنا. ومن المتعارف عليه اقتصاديا أن أداء الشركات ونموها أحد المحفزات لارتفاع أسهمها في سوق البورصة أو أن تكون هناك مؤثرات خارجية ترتبط بنشاط الشركة تعطي دلالات على ارتفاع السهم أو انخفاضه حسب سلبيات أو ايجابيات الأثر المترتب عليه التغيير ولكن في حالتنا أن هناك شركات خاسرة ولعدة سنوات لم تتحسن حالة الأداء لديها ونجدها تزحف مع الزاحفين في تداول أسهمها وتأخذ نصيبها من المؤشر. وهناك شركات ريادية في الأداء (ولم أقل قيادية في التداول) لها نفس الوهج في البورصة. إذا كيف كانت قراءة المتداولين لتسعيرة السهم هل هو جهل بالنتائج والمعطيات لا أعتقد ذلك اذا عرفنا أن المؤثرين في حركة التداول هم صناديق الاستثمار في الأسهم وهذه تديرها نخبة مختارة من اختصاصيي الاقتصاد وما أظنها إلا مجموعة مضاربين مغامرين ديدنهم المغامرة بالسيولة المتوفرة لديهم أو مجموعة احتكارية تحرك أي سهم مقصود. واذا عرفنا في المقابل أن جل المتعاملين من صغار المتداولين انفعاليون تهزهم ظواهر الشاشة ويجهلون خفاياها فهم يتجاوبون مع الحركة بمقياس كثرة أو قلة الاتجاه للسهم (أي مع الخيل يا شقراء) وما يظهر في الشاشة إلا هذه النتيجة أن كمية الأسهم المتداولة وعادة ما تتراوح في خانة العشرين مليون سهم وقيمتها تتراوح بحدود 4 مليارات. وهذا بحق يشكل سيولة ظاهرها صحي ولكنها تغذية بلا فيتامينات مثل المشروبات الغازية التي تساعد على ازالة التخمة ولكنها لا تزيل تلبك المعدة حيث ان هذه المبالغ المستثمرة تدور في حلقة مفرغة من مضامينها لأنها تخرج من جيب الخاسر لتدخل جيب الرابح بدون أي ارتداد تنموي وهذا ما أطلقت عليه الظاهرة المرضية. وأعتقد أن العلاج هو سرعة اقرار واعتماد سوق الأوراق المالية لتكون بمثابة الطبيب المعالج لفك رموز أبجديات التداول عل وعسى أن يكون فيها الشفاء.