قرار مجلس الوزراء بفتح سوق الأسهم للمؤسسات الأجنبية كاستثمار مباشر للأجانب كان من الممكن أن يمر كباقي القرارات الإيجابية السابقة للسوق ولايأخذ البعد الإعلامي الواسع لولا الرفع الكبير لمؤشر السوق باليوم التالي للقرار بسهم شركة سابك لتتبعه أسهم شركات أخرى مؤثرة وسط دهشة جميع المتداولين وكأن القرار مفاجئ والسوق في حاجة ماسة لقرار إيجابي يدعم سيولته! فالحقيقة أن هذا القرار كان يناقش من جهات عليا ومتوقع صدوره منذ أشهر، كما أن سيولة السوق كانت تتزايد بسبب ارتفاع السيولة المتدفقة بحسابات المستثمرين وانخفاض عوائد العقار بعد ارتفاعه لمستويات مبالغ فيها، واُقتنصت منذ أشهر أسهم شركات النمو والتوزيعات وارتفعت أسعارها للحدود العليا المناسبة للاستثمار والمضاربة وعبر صعود ومضاربات هادئة كان القرار الاستثماري فيها بارزاً! ومع أن قرار فتح المجال للاستثمار المباشر للأجانب كان يجب أن يتم منذ سنوات وخلال فترات النزول الحاد للسوق لإنهاء تحكم القروبات، فإن مايهم في هذا الشأن هو المبالغة الملحوظة في إبراز الأثر الإيجابي لدخول المستثمرين الأجانب لسوقنا والأهم الصورة الذهنية التي رُسمت في أذهان المتداولين بأن المستثمر الأجنبي ينتظر بسيولته العالية فتح السوق للاستثمار بشركاتنا الرابحة وذات النمو وأن المحافظ الأجنبية ستستهدف أسهم الشركات الكبرى وهو الأمر غير الصحيح على إطلاقه وخصوصاً إذا لم تكن الأسعار مناسبة للمستثمر سواءً المحلي أو الأجنبي، ولكن ترسيخ هذا المفهوم قد يخدم مضاربي تلك الشركات لرفع أسعارها لمستويات مبالغ بها وغير استثماريه ومن ثم إغراء صغار المتداولين بالشراء قبل دخول المستثمر الأجنبي منتصف 2015م فهم من سيتحمل نتيجة عدم الإقبال عليها بتلك الأسعار العالية إلا للمضاربة فقط! وإذا كانت السيولة الخليجية التي تستهدفها الأسواق المالية العالمية وكذلك سيولة الأجانب عبر المؤسسات المحلية وصناديقها كانت متاحة للسوق السعودي منذ سنوات وكان تلاعب كبار المضاربين بسوقنا واضحا بالتداولات وإعلانات الشركات ونشر الإشاعات! فان ذلك سمة أسواق المال وهو سلوك كبار المضاربين بأسواق العالم التي يتضرر منها عادةً صغار المتداولين والصناديق الاستثمارية الدولية التي تدار من مكاتب أجنبية، وفضائح الشركات العالمية كشفت حجم الرشاوى والتلاعب الكبير في قوائمها المالية من إداراتها ومكاتب محاسبة ومراجعة عالمية! كما تابعنا مع الأزمة العالمية حجم التلاعب والتذبذبات العالية والحادة بالأسواق الأمريكية والعالمية مع كل بيان أو تصريح أو أشاعه استهدفت تسييل محافظ التسهيلات وصغار المستثمرين بها وكأن الاقتصاد الأمريكي انهار حينها! أي لا نجزم دائما بأن دخول الأجانب بسوقنا سيحد من تلاعب المضاربين الحاليين وسيدعم أسعار شركاته ولكنه من المؤكد سيزيد من التنافس على كعكة المضاربة! وفي الجانب الآخر سنرى استغلال كبار المضاربين بالشركات الخاسرة والصغيرة للضغط أكثر استغلالاً لهذا المفهوم المغلوط عن المستثمرين الأجانب باقتصار دخولهم على الشركات الكبرى. كما يجب ملاحظة أن فتح السوق للأجانب سيزيد من ارتباط سوقنا بالأسواق العالمية ولذلك فان توقيت إعلان القرار وبداية العمل به بعد حوالي العام يجب أن يؤخذ بالاعتبار وخصوصا أن الأسواق العالمية في أوج قمتها وسوقنا في بداية موجته وسط أحداث عاصفة بالمنطقة وأسعار الفائدة منخفضة جدا، وهو ماستوجب أن يستفيد المستثمر المحلي - وليس كبار المضاربين - من ذلك المحفز - إذا اعتبره البعض محفزاً - وأن لايتم مع رفع المؤشر وأسعار الشركات الرابحة "دفن الحذر"! فمشكلة عدم مواكبة سوقنا للارتفاعات التي حدثت بالأسواق العالمية وتجاوزها لقممها السابقة يفرض علينا الحذر أوقات التصحيح وانهيار تلك الأسواق لوجود مستثمرين او مضاربين بسوقنا قد يضطرون للخروج لتعديل أوضاع محافظهم او استغلال نزول تلك الأسواق وهو مايؤكد أن فتح السوق للأجانب لايخلو من محاذير يجب أن نتنبه لها كمتداولين وكهيئة مشرفة لحماية السوق من تقلبات أسواق دول تعاني من أزمات مالية حادة وديون لن يطول صمودها!