حرب التصريحات بين الرئيس اليمني علي عبدالله صالح والمعارضة المتمثلة في تكتل اللقاء المشترك تلقي الضوء على مقدار التأزم في اليمن وتضع الجميع أمام حائط مسدود بعد نفاد المناورات السياسية والحبل الذي يكاد ينقطع بين الجانبين. الرئيس متمسك بالسلطة ويتهم اللقاء المشترك بالتآمر والخيانة وينعتهم ب «قطاع الطرق والمخربين» والمعارضة والمعتصمون وصفوا تصريحاته بمثابة إعلان حرب أهلية وتحريض للمواطنين للاقتتال مع بعضهم البعض هذا الخطاب العنيف حتما يؤدي إلى تخندق الأطراف والتمسك بمواقعهم عبر حشد الشارع وانقسامه وهو ما يخيف في بلد مثل اليمن يمتلك فيه مواطنوه غابة من الأسلحة وقد تؤدي الحسابات الخاطئة لأي طرف إلى مذابح ومجازر وفوضى شاملة مما يصعب وقفها على المدى القريب. لعبة حشد الجماهير بين الطرفين و استعراض القوة والدعم البشري سوف تؤدي في النهاية إلى تعطل الحياة في اليمن وتؤدي إلى شلل مؤسسات الدولة وانقسام وجداني بين أبناء البلد الواحد. لن يفيد ما يحدث الأطراف وعليهم الجلوس معا للخروج من المأزق ويمكن اعتبار المبادرة الخليجية أفضل الفرص لإنهاء النزاع وحفظ ماء الوجه للأطراف دون خسائر فادحة ومكلفة والتعامل مع المبادرة على أنها مناورة سياسية ووقت مستقطع لإعادة ترتيب أوراق اللاعبين إنما هو رهان خاسر ويعمق الجراح بدلا من أن يداويها. وقت المناورات مضى والآن جاءت لحظة مواجهة الحقيقة وحساب وتقدير المواقف السياسية لمصلحة اليمن وشعبها بعيدا عن المواقف الشخصية التي لا مجال لها في عالم السياسة. المبادرة الخليجية تلقى قبولا من المجتمع الدولي لتأمين عملية انتقال منظمة وسليمة للسلطة وما على الطرفين سوى التباحث حولها والالتزام بمبادئها وأفكارها وسبق أن لاقت موافقة مبدئية من الطرفين ومن المفترض أن يكون عامل الثقة حاضرا أثناء بحث بنودها وللخروج بنتائج جيدة منها نأمل من الأطراف ممارسة ضبط النفس وعدم الوصول إلى مرحلة اللاعودة عبر استثمار حوادث العنف. القاعدة كتنظيم إرهابي هو المستفيد الأكبر من حالة السيولة الأمنية وهو يعزز مكانته ويستثمر الأحداث لصالحه وهو ما نأمل أن يدركه أبناء اليمن المخلصون ويقطعوا حبالهم المشدودة للوصول إلى بر الأمان بعد أن طالت الأزمة وتعمقت الجراح ولا نظن أن الأمور ستبقى في حدود السيطرة كما هو حاصل الآن إذا لم يصلوا إلى حل لأزمتهم في أقرب وقت.