الأحداث في سوريا وليبيا غطت على الحدث اليمني والذي كان مثار اهتمام ومتابعة الإعلام في الأشهر الماضية لكن يبدو أن اليمن ستعود أخبارها للتصدر الإعلامي بعد خطاب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الثلاثاء وتصعيده نبرة النقد والهجوم ضد خصومه. لعل ما جعل الخبر اليمني ليس في صدارة المشهد الإعلامي هو ابتعاد الرئيس علي عبدالله صالح عن الواجهة وكذلك عدم وجود ضحايا في صفوف المحتجين والمعارضين وهي نقطة مهمة جعلت من الحدث السوري والليبي في الواجهة. بعد ستة أشهر من الاحتجاجات في اليمن مازال الأطراف المشاركون في الاحتجاج متخندقين في مواقفهم ومتمسكين بمطالبهم في ضرورة مغادرة الرئيس السلطة وإقامة انتخابات والرئيس مازال متمسكا برؤيته المتمثلة في مفاوضات مع المعارضة للوصول إلى حل متهما المعارضة بأنها سرقت ثورة الشباب وأطلقت الانتهازيين وعديمي الضمير من الأحزاب التي وصفها بانهم مجموعة من السلفيين والقاعدة وطالبان. لعل المبادرة الخليجية هي الحل الأنسب للأطراف والأكثر واقعية حيث تضمن انتقالا سلميا للسلطة مع تحقيق لمطالب المحتجين وكل من اعترض على المبادرة الخليجية إنما هو يحاول أن يعرقل الحلول لصالح أن يجمع أوراقا أكثر حين تحين لحظة تقاسم المغانم. الشباب اليمني المحتج قدم تضحيات كثيرة تستحق في مقابلها أن يحصل على حقوقه السياسية وأن يتمثل في أي سلطة قادمة وأحزاب المعارضة حين التحقت بركب الاحتجاجات إنما تريد أن تحصل على مكاسب سياسية وجماهيرية لذلك تبنت طروحات الشباب وحاولت أن تزايد على مطالبهم ضمن أجندة واضحة من ناحية الأيدلوجية وناحية الارتباطات السياسية بالخارج او الداخل لذلك لن يجد هؤلاء أفضل من المبادرة الخليجية بتوازنها وتلبيتها لمطالب الشعب اليمني وهي الأقدر على تجنيب اليمن أخطار التفكك والانقسام في ظل توازنات هشة في القبائل وتنظيم القاعدة والحوثيين وكذلك الحراك الجنوبي. آمال الشعب اليمني بالتأكيد تتجه صوب الخروج من الأزمة بأقل الخسائر أما ما يخطط له بعض الأطراف من إدامة الأزمة للتلاعب في أوراقها على المستوى الإقليمي فبلا شك يرتكبون خطأ جسيما ومن الأفضل أن يتوصل الشعب اليمني إلى رؤية مشتركة بكل أطرافه لتجنيب اليمن ما هو حاصل في سوريا وليبيا من قتل وتدمير وتشريد ونحن نثق بالشعب اليمني وقدرته على تقديم مصالحه العليا فوق المصالح الحزبية الضيقة.