تبدو صورة مروان البرغوثي متفردة وسط صور الشهداء التي تزين الشوارع الفلسطينية .. فهو حي في سجن اسرائيلي وشعبيته تمثل التقدير لزعيم مستقبلي وليس لمقاتل مات. واحتمالات أن يقضي بقية عمره خلف القضبان في اتهامات بالقتل لا تثبط عزم البرغوثي /44 عاما/ الذي صعد من بين صفوف حركة فتح التي يتزعمها الرئيس ياسر عرفات أثناء الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي لينظر اليه باعتباره الخليفة المحتمل للزعيم الفلسطيني. ولا يشك سوى قلة من الفلسطينيين والاسرائيليين في أن البرغوثي سيدان بتنظيم هجمات فدائية وهجمات مسلحة نفذها مقاتلون على صلة بفتح عندما تنتهي محاكمته اليوم، حيث يأمل انصاره أن تزيد ادانته من مكانته السياسية. وقال قدورة فارس عضو المجلس التشريعي الفلسطيني والعضو في فتح مشيرا الى رئيس جنوب افريقيا السابق الذي كافح ضد سياسة الفصل العنصري زادت شعبيته كسجين سياسي الى مستويات لم يسبق لها مثيل لترقى الى شعبية نيلسون مانديلا. وينفي البرغوثي وهو ابن مزارع المشاركة في تدبير هجمات نفذتها كتائب شهداء الاقصي سقط فيها 26 قتيلا لكنه يؤكد شرعية المقاومة الفلسطينية المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة. ويرفض البرغوثي وهو مشرع فلسطيني قبضت عليه اسرائيل اثناء اجتياحها للضفة الغربية عام 2002 الاعتراف بسلطة القضاء الاسرائيلي عليه ورفض تكليف محامين بالدفاع عنه في بداية المحاكمة،لكنه شغل المحكمة بمواقفه السياسية التي عرضها بعبرية شبه متقنة التقطها خلال فترات سابقة قضاها في السجون الاسرائيلية. وقال في احدى الجلسات وسط سخرية الحضور وبينهم العديد من أسر اسرائيليين قتلوا في هجمات نفذها فلسطينيون أنا ضد قتل الابرياء لكنني... فخور بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي. الموت أفضل من العيش تحت الاحتلال. لكن البرغوثي الذي اشتبك مع الشرطة الاسرائيلية أثناء الانتفاضة الفلسطينية الاولى بين عامي 1987 و1993 والحاصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية أيد اتفاقات السلام المرحلية التي تهدف الى اقامة دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. غير أنه البريء المظهر رغم اعتياده القاء الخطب النارية التزم الصمت بعد ان تعثر محادثات السلام عام 2000 واندلاع العنف. وتقول مصادر أمنية اسرائيلية انه في ذلك الوقت حمل السلاح في حين شكل مقاتلون من فتح جناحهم العسكري وسط تنامي التأييد الفلسطيني لحملات التفجيرات التي تشنها جماعات مثل الجهاد الاسلامي وحماس. بيد أن أنصار البرغوثي الذي نادرا ما يرى زوجته وأطفاله الاربعة منذ احتجاز الاسرائيليين له يقولون انه استخدم الهواتف المحمولة التي تهرب اليه في زنزانته للمساعدة في التوسط في هدنة قصيرة الامد أعلنتها الفصائل الفلسطينية العام الماضي. وقالت فدوى زوجة البرغوثي مروان رغم عزلته التامة يتواصل مع كل الفصائل وهم كذلك ويستشيرونه في كل مفصل من مفاصل الحوار خاصة داخل حماس والجهاد وكل الفصائل والاخوة في حركة فتح. وهذا سيبقى رغم الظروف الصعبة التي تضعها اسرائيل عليه تعمدا من اجل ان تقلل من تأثيره بالشارع الفلسطيني والسياسة الفلسطينية ومن اجل ان تقول انه ارهابي ويجب عزله عزلا تاما كي توفر الامن لدولة اسرائيل لكنهم يريدون عزله عن السياسة لانهم يعلمون كم لديه من تاثير في السياسة الفلسطينية وله احترام كبير في الشارع الفلسطيني. وأضافت انه لا يعتزم استئناف أي حكم يصدر ضده الى المحكمة العليا الاسرائيلية. واذا أدين البرغوثي فمن شبه المؤكد أن يحكم عليه بالسجن مدى الحياة. ورغم أن اسرائيل أطلقت في الماضي سراح بعض السجناء في اطار مفاوضات السلام الا ان الضجة المثارة حول محاكمة البرغوثي تجعل من الصعب مواجهة غضب الرأي العام بتخفيف الحكم عليه. وقال دانيال توب المستشار القانوني بوزارة الخارجية العدالة يجب أن تنفذ ونحن نثق في أن الادعاء قام بمهمته على أكمل وجه.