حين اختار نادي المنطقة الشرقية الادبي ان يستضيف محاضرة عن الرسوم المتحركة انما كان يفكر في طرق انماط اخرى من الثقافة لم يتطرق اليها من قبل ومنها ثقافة الصور المرئية التي اضحت الاكثر انتشارا في كل المجتمعات النامية والمتقدمة على حد سواء. واذا كانت المحاضرة التي نظمها النادي مساء الثلاثاء الماضي وحملت عنوان (الرسوم المتحركة وأثرها في ثقافة الطفل) لم تتطرق الى ماهية هذا الفن من الجوانب التقنية والفيزيقية الا انها تطرقت الى بعض الجوانب المضمونية ومدى تأثيرها من خلال دراسات عديدة اتكأت عليها المحاضرة وضمنها الدراسات الميدانية. المحاضرة اعدها وقدمها د. خالد بن سعود الحليبي وكيل كلية الشريعة بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية (فرع الاحساء) وقدم لها وللمحاضر القاص والكاتب خليل الفزيع عضو النادي الذي استهل تقديمه بشكر المحاضر والحضور والتأكيد على الخطوات التي يقوم بها النادي لطرق مجال الثقافات التي تهم المجتمع واشار الى جهد المحاضر في العمل على هذه الدراسة لشهور عديدة وقدم بعض المعلومات حول ساعات التلقى لدى الاطفال ودور (دالت ديزني) في تنمية فن الرسوم المتحركة. خطر غير مدرك في بداية محاضرته يوضح د. خالد الحليبي ان فئة الاطفال هي اكثر الفئات العمرية استعدادا لقبول كل جديد لانها تتعامل مع ما حولها ببراءة مقتصره على التلقي، وانهم يتلقون ثقافتهم خاصة قبل المدرسة - من التلفاز - وتشكل تلك الثقافة 96% من مؤثرات الثقافة في حياة الاطفال وبالتحديد من افلام الرسوم المتحركة وبعض البرامج الاخرى وبين انه سيتوقف في محاضرته عند بعض المحطات مع افلام الكارتون وهي: الرسوم المتحركة خطر غير مدرك، الآثار السلبية للرسوم المتحركة على اطفالنا، اطفالنا بين المناهج الدراسية وافلام الكارتون، الحلول المقترحة لهذه القضية الخطيرة، وأخيرا العودة الى اولادنا. يقول المحاضر: ان افلام الكارتون قنابل تتفجر كل يوم في شاشاتنا الصغيرة دون وعي منا او متابعة، فهي لاتزال بريئة في اعيننا، مجرد تسلية، واشد الامراض فتكا ما يغفل عنه صاحبه، ونقل ملاحظات عدد من الآباء والامهات على اطفالهم وتأثرهم بافلام الرسوم المتحركة، والتي تدخل ضمنها ألعاب الفيديو والبلاي ستيشن والكمبيوتر ذات الصبغة العبثية غير الموجهة : مشاهدة الديجتال ومن هذه الملاحظات قول احدى الامهات (ان جهاز التلفاز يرتفع صوته بشكل غير مقبول اثناء عرض مسلسل ابطال الديجتال، ويمتنع ابنائي (6 ، 9 سنوات) اثناء مشاهدته عن الاكل او مجرد الرد على اي سؤال. وتقول ام ثانية : (إن ابنائي يتابعون المسلسل اكثر من مرة في اليوم، وبمجرد انتهائه يبدأ الشجار والعنف بينهم تقليدا لحركات ابطال الديجتال). وطفل يشترط على امه ان تسمي مولودها الجديد بيكاتشو لانه اذا لم تسمه كذلك فلن يكلمه وسيكرهه! وحكايات اخرى عديدة على لسان اساتذة واطفال وغيرهم. ويخلص الى القول: ولكننا لا نلوم الاطفال الذين لم يجدوا امامهم غير هذه الافلام التي لا تنتهي اغراءاتها. حتى اكد احد الباحثين ان الاطفال يشاهدون تلك الافلام (لمدة قد تصل الى عشرة آلاف ساعة بنهاية المرحلة الدراسية (المتوسطة) فقط.. وهذا ما اثبتته البحوث والدراسات من خلال الواقع المعاش). ان الرسوم المتحركة ما هي الا حكاية عن واقع راسمها: فهي تمثل العقائد والاخلاق التي يؤمن بها، ويتعامل بها، كما يثبته علماء الاجتماع ، فاذا علمت أن 70% من هذه الافلام تنتج في الولاياتالمتحدةالامريكية، علمت مدى خطورة نقل سمات المجتمعات الغربية. ويستطرد : ربما كان هناك من سيقول لمن يدق اجراس الحذر من هذه الافلام : تلك مبالغات منفوخة ، وخوف متوتر لا داع له، فالمسألة مسألة تسلية وحسب، ولكنها الحقيقة التي نضعها بين ايديكم لعدد من المختصين الذين أبدوا رأيهم بحياد شديد وموضوعية، وعدد من الآباء والكتاب الذين رأوا بأعينهم، وقالوا بألسنتهم. ولعل الذين يثقون بالاقوال الغربية ينصتون بحذر لهذا الحكم الذي اصدرته المحكمة العليا في امريكا عام 1915م الذي ينص على رفض منح السينما والصور المتحركة الحريات الدستورية نفسها التي منحت فعلا للصحافة. الآثار السلبية ويتناول المحاضر الآثار السلبية لهذه الرسوم على الاطفال موضحا بالصورة المرافقة للمحاضرة والمأخوذة من مشاهد صاحبت المحاضرة عبر جهاز الكمبيوتر والشاشة العريضة ويعدد من هذه الآثار: @ زعزعة عقيدة الطفل. والانحناء للآخرين وتبادل العبارات المخلة بالعقيدة، واشتمالها على السحر والاستهانة بالمحرمات وخلطها بالمباحات. @ تشويه صورة المتدينين، نشرالتبرج والتفسخ . @ فتح آفاق كبيرة للطفل في عالم الجريمة عبر ما تقدمه من مشاهد وافكار منافيه وخطره. @ زرع الرعب والخوف في قلوب الاطفال عبر مشاهد العنف والوحوش الضارية. @ اشاعة معاني الخمول والبطالة والكسل، كسر الحاجز النفسي الذي وضعه الاسلام بيننا وبين بعض الحيوانات كالخنازير وغيرها، تحطيم خيال الطفل وتشظيه بدلا من دعوى تحفيزه وبنائه. @ التلقين اللغوي السلبي عبر الدبلجة باللهجات العامية بدلا من الفصحى او استخدام كلمات غابيه من المفروض ان تبعد الاطفال عنها. الآثار الصحية والنفسية السيئة المترتبة على جلوس الاولاد بين يدي التلفاز وقدم تأكيدا لما طرحه استشهادات من دراسات لباحثين وباحثات منهم الباحثة النفسية زليخه عبيد التي وضحت ان كثرة جلوس الطفل امام شاشة التلفاز يوجد منه شخصا غير مبال وكسول يتقاعد عن كل واجباته الدينية والمدرسية وغيرها. وايضا دراسة لعبدالله الحمادي عن ارهاق عقل الطفل وامتصاص طاقته ونشاطه. ودراسة للدكتور سال سيفر يوضح من خلالها مدى تأثير ألعاب الفيديو على الطفل ليصبح عنيفا. القيم والأخلاق @ تحطيم القيم والاخلاق فالافلام والالعاب التي ترد الينا تأتي من ثقافات مغايرة غير بريئة في طرحها وتهدف الى الربحية دون مراعاة للاخلاق والقيم. عدم احترام عقلية الطفل وتفكيره وذوقه حيث ينساق الاطفال لما يشاهدونه دون تفكير مما يصيبهم بمرض الاستسلام لكثير من الافكار والمعاني المطروحة. @ تنصيب الرجل الاوروبي قدوة امام الطفل موضحا ان هذا الاثر الخفي يتفلفل في نفوس الاطفال. ويستشهد المحاضر بآراء العميد الركن سبأ بن عبدالله باهبري عن دور السينما الامريكية في ترسيخ قيم المجتمع الامريكي واسلوبه في الفكاهة والترفيه بسيطرته على انتاج افلام الكارتون الهزلية لفترة طويلة. كما يستشهد برأي خبير الفنون واستاذ الرسوم المتحركة في جامعة سيجونغ بكوريا الجنوبية الذي يحذر بشدة من خطر الرسوم المتحركة على عقول الاطفال خاصة افلام والت ديزني. ويقدم المحاضر نماذج عديدة لشخصيات رسختها الرسوم المتحركة كسوبر مان وطرزان وغرانديذر وغيرها. فقدان التوازن والسلبية فقدان التوازن لدى الاطفال في الاستفادة من اوقاتهم وهي ايضا من الآثار السلبية للرسوم المتحركة لانها تحول دون تطوير المهارات والهوايات والرياضة وتؤدي الى تشتت الذهن. استمرار الاثر السلبي مدى الحياة وهي عملية نفسية معقدة اكده علماء النفس موضحين ان التقمص واخذ صفات الشخص (البطل) ونسبها الى الذات تعد جزءا من كيان الشخص وصفة من صفاته الذاتية التي تنمو معه. ويشير عبر ما طرح من احصائيات منها احصائية (سال سيفر) التي تقول ان الطفل الذي يبلغ الثامنة عشرة عاما يرى ما يبلغ من 16000 جريمة قتل، 200.000 فعل من افعال العنف في الافلام او في شاشات التليفزيون وهذا ما يؤثر فيه. المناهج الدراسية وأفلام الكارتون في هذا المحور يقول المحاضر ان اليونسكو اشار في دراسة اجراها مؤخرا الى ان الطالب الذي يبلغ الثامنة عشرة من عمره يكون قد قضى امام التليفزيون اثنتين وعشرين ألف ساعة في حين انه في هذه المرحلة يقضي 14.000 ألف ساعة في الدرس. ويستشهد المحاضر بدراسة للباحثة نوف بنت ابراهيم آل الشيخ والتي قامت فيها بموازنة بين تأثير منهج القراءة في الصفين الرابع والخامس وبين تأثير ابرز البرامج التي يحب اطفال الصفين مشاهدتها وتبين من الدراسة التي طالت 100 طالب وطالبة ان اكثر البرامج قبولا هي: مسلسل كابتن ماجد، سالي، سلاحف النينجا، نساء صغيرات وتوصلت الباحثة الى عدد من النتائج منها: @ ان المسلسلات ركزت على علاقة الانسان بالانسان. @ اختلاف القدوة في الكتاب المدرس عنه في المسلسلات. @ تفوق التليفزيون في الجاذبية. @ المسلسلات تنقل الطفل من عالم الواقع الى عالم الخيال الذي يحبه. الحلول المطروحة يؤكد المحاضر انه رغم هذه السلبيات المطروحة الا انه يمكننا تحويلها الى ايجابيات لو استطعنا ان نضع خطة متقنه ودقيقة لتثقيف اطفالنا. فعلى مستوى الافراد طالب الاهل بمراقبة البرامج التي تقدم للطفل والتعليق على المشاهد المخالفة بما يناسب من تنبيه يتوافق مع شرعنا وحياتنا وقيمنا وكذلك تدريب الاطفال على اسلوب ادراك القيم. ويطالب باتاحة الفرصة للاطفال لمشاهدة البرامج الهادفة ما امكن حتى يجدوا بديلا وقدم مثالا لبعض هذه البرامج ومنها ماتبثه قناة المجد. ويؤكد على الا يكون البديل صار ما ويجري على وتيرة واحدة حتى لا يمله الطفل. ونوه بالعناية باختيار ما يشترى للاولاد من الافلام وتحديد ساعات معينة للمشاهدة لاتزيد على ساعة او ساعتين متقطعتين. وطالب ايضا بتقديم بدائل تربوية اخرى مثل الحاق الطفل بحلق تحفيظ القرآن الكريم وتعويده على قراءة القصص المناسبة. وتشجيع الطفل على مزاولة الألعاب الجماعية المنمية للذوق والمذاكرة. وتوجيه الطفل الى الالعاب ذات الحركة والسمات الرياضية والتوجيه ايضا الى الهوايات المفيدة. وشدد على ان تكون مشاهدة التليفزيون مع الاسرة في غرفة المعيشة وتشجيع الطفل على التربية والتدريب اللازمان على بقائه في اجواء مغايرة. وعلى مستوى الامة طالب بأن تولي قنواتنا اهمية لانتاج الافلام الكرتونية بما يتناسب مع قيمنا وضرورة التفات المسؤولين الى فئتي الاطفال والفتيان في الخطط الاعلامية وان تصنع الامة من التلفاز وسيلة لتغذية عقل الطفل بالثقافة المتنوعة واللغة السليمة وفتح آفاق متنوعة لتكوين صورة ذهنية واقية عن العالم المحيط به. واكد على تشجيع الانتاج المحلي لبرامج الاطفال واقامة مراكز مختصة باصدار المواد الاعلامية التي تتجاوز الكتابة عن الطفل الى الكتابة للطفل. وضرورة البحث عن شخصيات كارتونية من التراث الاسلامي وتشجيع الافكار والمواهب الفنية. واختتم المحاضر محاضرته بالمطالبة بانشاء قناة فضائية موجهة تربويا وشرعيا خاصة ببرامج الاطفال على ان تكون متنوعة. المداخلات المحاضرة التي شهدت حضورا طيبا رغم الاختبارات شهدت ايضا مجموعة من المداخلات بدأها رئيس النادي عبدالرحمن العبيد بالاشادة بالمحاضرة وتوجيه الشكر للمحاضر على اختياره هذا الموضوع الهام ونوه بالتوصيات التي قدمت وبالشرح الوافي المصحوب بالصورة واقترح توزيع المحاضرة مصحوبة بالافلام النماذج على المدارس ورياض الاطفال وغيرها. واقترح ان تتبنى المؤسسات العلمية التوصيات. مدير الامسية خليل الفزيع تناول دور اليهود في الانتاج السينمائي في هوليوود وفي صناعة السينما مؤكدا على ان هناك محاولات لطرح ثقافتهم ونشرها في العالم عبر هذه الوسائل التي تتجه الى الاطفال وغيرهم. الانتاج والتطوير د. احمد كنعان اشاد بالمحاضرة واتفق مع المحاضر على خطورة هذه الافلام وتساءل عن ماذا فعلنا خاصة ونحن ندرك اهمية السينما والفضائيات ومدى تأثيرها وطالب بأن ندخل هذا المجال بقوة وفق ثقافتنا وقيمنا وقدم بعض المقترحات ومنها تكامل العملية التربوية بين الجهات المعنية والاسرة وتنشيط اللقاءات الدورية بين افراد الاسرة واسر الاحياء وتطوير طرائق التدريس. أ. مصطفى ابو الرز أكد على وجود التلفاز كواقع وتساءل عن مدى ما قدمناه للطفل من حقوق وهل نحن فعلا نجلس مع اطفالنا ونقدم لهم اجابات عما يشغلهم. واشار الى التقصير الذي طال حتى الكتابة للاطفال، وطالب بانتاج الافلام التي تتوافق وثقافتنا حتى ولو في شركات عالمية. وقدم شكره لقناة المجد ووضح اننا لانستخدم الوسائط التعليمية استخداما جيدا. مسرح الطفل الشاعر عبدالله الخالد اثنى على المحاضرة واقترح اضافة مسرح الطفل الى الجانب التعليمي والاهتمام كبديل هام للرسوم المتحركة وكمساعد للحركة التعليمية ، وابرز القصور الواضح في هذا الجانب. د. عبدالله الجهيمان قال انه يقف موقفا وسطا بين ما طرح موضحا تقصير الامة كلها بالعناية بالطفل وطالب بالفعل لا بالقول فالاقوال كثيرة والافعال غير موجودة الا بنسب ضئيلة.. واستطرد: الرسوم المتحركة فن قديم وليس جديدا ونحن عايشنا مرحلة منه ولم نتأثر كثيرا بما يطرح لان هناك تحصينا وشدد على ضرورة التحصين اذ ان المنع لايفيد، ودور الاسرة هو الاهم. بعد ذلك اجاب المحاضر على بعض التساؤلات لكنها فعالية من فعاليات النادي ارادها مغايره وكانت وفق ما اراد عبر المحاضر والمحاضرة وما صاحب ذلك من مؤثرات بصرية ومداخلات. المحاضر على المنصة