ازدادت متابعة المسلسلات الخليجيَّة مؤخراً بين الأطفال، وأصبحت شغلهم الشاغل، حيث ساهم ذووهم في ذلك من خلال مشاهدتها معهم، فتعرض بعض المسلسلات حالات عنف وجرائم والعديد من المشكلات الاجتماعية، إضافة إلى قصص الحب والغرام، حيث أدرك بعض الأهالي خطورة تلك المسلسلات على الأطفال وقاموا بمنع أطفالهم عن مشاهدتها، بينما لا يزال أغلبهم لا يعي سلبياتها. تقييم الأفلام يقول أبو منصور النمشان أب لأربعة أبناء، إنَّه يقوم بمشاهدة بعض حلقات المسلسل قبل مشاهدة أبنائه ويقيِّمُها، ومن ثم يقرر إنْ كان يسمح لهم بمشاهدتها، مفضلاً استخدام النصح لهم وتوجيههم بما يفيدهم، حيث يرى أنَّ أغلب المسلسلات في الوقت الحالي لا يستفاد منها في أي شيء، بل وسلبياتها أكثر من إيجابياتها، فيمكن أن يتعلم الطفل التدخين من خلالها، محاولة لتقليد بطل المسلسل، عكس المسلسلات القديمة التي يشاهدها الطفل ويتعلم منها الكثير من الإيجابيات. وذكر أحمد أب لخمسة أبناء أنَّه خصص تلفازاً وجهاز بث خاص لأطفاله وقام بحذف أكثر من 90% من القنوات، إلا أنَّه لاحظ أبناءه يلجأون إلى الإنترنت لمشاهدة بعض المسلسلات، مبيناً أنَّه يحاول أنْ يلعب مع أبنائه بعض الألعاب التفكيرية ليبعدهم عن التلفاز، مؤكداً دور المدرسة والطلاب السلبي في ذلك، حيث يقوم التلاميذ بسؤال بعضهم البعض عن المسلسلات، ما يحفزهم على معرفة باقي التفاصيل، متمنياً أنْ يتم وضع شعار في بداية المسلسل يوضح أنَّه غير ملائم للأطفال، لتوعية بعض الأسر التي لا تدرك الخطورة. ملء الفراغ و تشير أم عبدالله أم لأربعة أبناء أنَّها لا تمانع من مشاهدة أبنائها المسلسلات لعدم وجود ما يملأ فراغهم، وبأنها تقوم بالمتابعة مع أبنائها ولا تعتقد أنَّ هناك أي خطورة في ذلك، مبيِّنة أنَّ السبب الرئيس لجذب المسلسلات الأطفال، هوعدم وجود برامج بديلة تحترم عقلية وتفكير الطفل فيضطر إلى مشاهدة تلك المسلسلات، ليثبت أنه كبير ومستوعب لما يطرح. ثقافة العنف ويرى الباحث الاجتماعي عبدالعظيم الموسى أنَّ الأثرالسلبي الذي تتركه المسلسلات في نفوس الأطفال، ثقافة العنف والانتقام، ما ينعكس على الطفل، فيحاول أنْ يعالج مشكلاته بالصراع، وإهمال الحوار والتسامح، إضافة إلى بعض العادات السلبيَّة التي يكتسبها، ويوضح” يقع الدور الأكبر على الأسرة في الاهتمام والتوعية للطفل، وتوفير البدائل في ذلك، كالألعاب التفكيرية الإبداعية والكتب الثقافية التعليمية”، مشيراً إلى أنَّ التلفاز أصبح المعلم الذي يلعب دوراً أساسياً في تربية سلوك الطفل، مؤكداً على قيام التلفاز بدور إعلامي خطير يفوق وسائل الإعلام. معدلات المشاهدة وأوضح الموسى ماورد في دراسة أجرتها منظَّمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” حول معدلات مشاهدة الأطفال العرب للتلفزيون، حيث اتضح من خلالها أنَّ الطفل قبل أنْ يبلغ ال 18 عاما، يقضي أمام شاشة التلفاز 22 ألف ساعة، مقابل 14 ألف ساعة يقضيها في المدرسة، مشيراً إلى زيادة المعدَّل العالمي لمشاهدة الأطفال للتلفزيون مع بدء القرن ال 21 من ثلاث ساعات وعشرين دقيقة يومياً إلى خمس ساعات وخمسين دقيقة، نتيجة الانفتاح الواسع في الفضائيات التلفزيونية. ويشير الموسى إلى ما يسمَّى “التقليد والقدوة” ومالهما من تأثير كبير في السلوك الاجتماعي، من العنف والميل للانحراف، بالإضافة إلى إكساب الطفل عادات غذائية سيئة، حين يقلد بعض شخصيَّات المسلسل في طلب الوجبات السريعة، ويطلب نفس نوع الأكل، وكذلك تقليد الطفل للبس الممثل أو الممثلة و تسريحة الشعر والتي قد تكون خاطئة وبعيدة عن العادات والتقاليد الدينية، مؤكداً أنَّ جلوس الأطفال الطويل أمام التلفاز له آثار صحيّة ونفسيّة خطيرة، تتضح حين ينام الطفل ويرى أحلاما مزعجة. تأثير سلبي وتوضح الباحثة في مجال التربية، استقلال الحليو أنَّ المسلسلات الخليجية تحتوي على مشاهد كثيرة لا تناسب الأطفال، ما يؤدي إلى التأثير السلبي على الطفل، مشيرة إلى دور الأسرة في التوجيه والجلوس مع الطفل عند المشاهدة وعدم ترك التلفاز دون حسيب ورقيب، مطالبة بإعادة إنتاج البرامج التربويَّة، ك “افتح يا سمسم والمناهل” التي تحترم عقلية الطفل.