أثبتت بعض الدراسات النفسية والاجتماعية الحديثة أن الإدمان على مشاهدة الرسوم المتحركة يؤدي حتما إلى انحراف الطفل فكريا وسلوكيا، كما أكدت دراسات بحثية أخرى تأثير ما يشاهده الطفل من الرسوم المتحركة على مستوى ذكائه وتسارع نموه الفكري .. وقد يتجاوز ذلك إلى تمييع أخلاقه وصرفه عن عادات مجتمعه وتقليده الاجتماعي، ذلك لأن الطفل أشبه ما يكون بالمادة اللدنة التي سرعان ما يتشكل عنها فكريا وسلوكيا من خلال ما يكتسبه من البيئة المحيطة، .. ومن هنا نتساءل : ما حجم الدور الذي تلعبه الرسوم المتحركة في شد انتباه الأطفال؟ وما تأثير ذلك على تفكيره العقلي وسلوكه النفسي والجسدي ؟ وهل يعتبر تقليد الأطفال لما يشاهدوه من بوابة الإعلام الجديد كارثة تربوية تتطلب وقفة جادة من أولياء الأمور ؟ وكيف يمكن للأهل تجنب عادات الطفل العنيفة التي اكتسبها من خلال مشاهدته أفلام الكرتون الحديثة ? .. في هذا التحقيق نحاول الإجابة على التساؤلات السابقة .. فإلى التفاصيل : العنف نوره عساف طالبة جامعية / علم اجتماع تحدثت حول محاور موضوعنا فقالت :» الطفل في مرحلة البدء يتأثر تأثراً كبيراً بالعالم الخارجي ومن حوله من أفكار وقيم، ويؤثر ذلك على طريقة تفكير الطفل خاصة الأطفال الذين يتراوح أعمارهم ما بين سنة إلى3 سنوات، ففي هذه المرحلة العمرية يخزن الطفل كل ما يراه ويسمعه في ذاكرته, وهذه الرسوم تؤثر على طريقة سلوكه وتصرفاته مما يؤدي به إلى ممارسة العنف مع زملائه كالضرب مثلاً « سلاح ذو حدين تتفق أم سارة إلى حد ما مع نورة حول مدى تأثير الرسوم المتحركة على سلوك الطفل، تقول أم سارة :» أفلام الكرتون تؤثر على الأطفال تأثيراً كبيراً، فهي سلاح ذو حدين، وكما لبعض تلك الأفلام سلبيات .. فإن في بعضها الآخر إيجابيات, ومن أهم التأثيرات الإيجابية هي : توسيع أفق التفكير عند الأطفال, تكريس بعض القيم الإيجابية وغرسها في نفوس الأطفال مثل: التعاون، والصداقة، والأمانة والأخوة, وكذلك توضيح بعض المفاهيم التي يركز عليها الطفل في هذه المرحلة، مثل : الخير والشر، والصدق والكذب, وأيضا تنمية المعرفة والقدرة على الابتكار والتفكير، وأخيراً قد تساعد بعض الرسوم المتحركة الحديثة الطفل على اكتساب الصفات الإنسانية الجيدة وتنمي شخصيته، ومن سلبيات الكثير من أفلام الكرتون أن يكتسب الطفل بعض الصفات السيئة التي تترك آثارا سلبية في نفسية الطفل، مثل القوة والجرأة، واستخدام العنف في كل التصرفات وغيرها, ناهيك عن أن بعض الأطفال يحاول تقليد الشخصيات الكرتونية غير الحقيقية, كما تؤثر أفلام الكرتون سلبا على الطفل من حيث قيمه ومبادئه وثقافته، وذلك لأن السائد من الأفلام لا تتناسب مع قيمنا الإسلامية وتقاليدنا وثقافتنا العربية، ولأنني ربة منزل ومسؤولة عن تربية أبنائي فإنني أحاول قدر المستطاع متابعتهم عند مشاهدتهم أفلام الكرتون، وما أن أحس بوجود العنف في بعض اللقطات أقوم بتبديلها كي لا يقلد أطفالي ما يشاهدوه في تلك الرسوم « ما البديل ؟ المواطن يوسف الحماد تحدث حول محاور الموضوع فقال :» لأفلام الكرتون آثار سلبية تكمن في تأثر الطفل نفسياً بما يشاهده من حركات العنف كالقتل والضرب وما إلى ذلك, كذلك قد يردد بعض الأطفال العبارات التي يسمعونها، إضافة إلى تقليدهم حركات وأصوات لشخصيات خيالية أو حيوانية، والمشكلة ليست هنا .. بل إن الصعوبة في هذا الأمر تكمن في عدم توفر البديل للأطفال، وعدم ممارسة هواياتهم كالرسم والألعاب الذهنية والتعليمية التي تنميهم فكريا، وكذلك ابتعادنا عن أولادنا وتركهم يقضون أوقاتهم أمام التلفاز وحدهم لساعات طويلة، ومن جانب آخر فإن لدينا قصورا من حيث قلة أكاديميات الأطفال، بالإضافة إلى ارتفاع بعض أسعار مراكز التنمية الأسرية التي من جانبها تهتم بشؤون الطفل، فضلا عن ضعف البرامج التي تقدمها تلك المراكز « الحماد : تكمن الصعوبة في هذا الأمر في عدم توفر البديل للأطفال، وعدم ممارسة هواياتهم الذهنية والتعليمية، وتركهم أمام التلفاز وحدهم لساعات طويلة، وكذلك قلة أكاديميات الأطفال، وارتفاع بعض أسعار مراكز التنمية الأسرية وضعف برامجها الخطر والعزلة أحمد الجارالله أخصائي اجتماعي وباحث في مجال تنمية الطفل تحدث حول خطورة بعض أفلام الكرتون فقال :» أفلام الكرتون من أكثر الرسوم خرافة, مما يجعل الأطفال عرضة للتأثر من حيث حب المغامرة والتقليد، وكذلك كثرة شرود الذهن الذي يجعل الطفل يعيش بخيال واسع بعيدا عن الواقع, ففي بعض الأحيان تؤثر عليهم أفلام الكرتون فتصيبهم بالعزلة والعنف, فمن خلال متابعتهم لتلك الرسوم المتحركة نراهم يعيشون بعيداً عن الواقع، ولأنها تجعلهم يقومون بحركات تؤدي بهم للوقوع في الخطر، إضافة إلى إصابتهم عندما يتعاركون مع بعضهم مثلاً، وهذا بالتأكيد سيؤثر على الطفل من حيث الانطواء والعزلة وحب الذات والابتعاد عن التركيز في الدراسة، وأؤكد هنا أن للمسجد وحلق تحفيظ القرآن الكريم وبرامج التنمية للطفل .. كل ذلك يعزز من قدرة الطفل على الإبداع والإبحار في عالم الاختراع، فالأطفال لديهم مواهب تنمو معهم منذ الصغر، وهي تأتي بالفطرة، مما يدعونا إلى اكتشاف مواهبهم وتنميتها حتى يصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع مستقبلا « مسؤولية الوالدين ويرى المرشد النفسي والاجتماعي بمركز التمنية الأسرية محمد مرضي أن تأثير أفلام الكرتون على الطفل له عواقب سيئة على تكوين شخصية الطفل، ويضيف مرضي :» يتلقى الطفل الحدث من جانب واحد، وليس له حق التعبير والمشاركة فيه، بعكس إذا كان مع أطفال مثله، فهناك له الحق في الحركة والتعبير، وبسبب انشغالنا بالحياة فنحن تحت هجوم غزو المحطات وما تبثه, ولكن من واجب الوالدين المراقبة والنصح والمناقشة إذا ما لاحظوا أن أبناءهم يشاهدون ما قد يؤثر على حياتهم، خاصة أنهم في مرحلة يكونون فيها قادرين على اكتساب كل فكرة بسهولة»، وعن تأثير الرسوم المتحركة على نفسية الطفل والتأثير عليه اجتماعياً يقول مرضي :» طبعا لها تأثير نفسي واجتماعي، مثل تقليد الحركات، وبعض الأفلام التجارية وتسويقها للألعاب الذي يطرح موديلا كل شهر تقريبا، وعلى الطفل أن يشتري إلى ما لا نهاية الرسوم تبعده عن الحرف والمهن الجميلة، فيهمل الدراسة، ويكون مدمنا للبرامج الفارغة فكريا وعلميا، بينما هي للترفيه والتسلية « اليونسكو : أفلام الكرتون تصيب الطفل بالانطواء النفسي والانفصال عن الواقع أكدت الدراسات والأبحاث التي أجرتها منظمة اليونسكو العالمية تأثير التليفزيون على عقلية الطفل خاصة, وخرجت الدراسات على عدد من النتائج من موجزها أن هذه المواد التي تقدم للأطفال تمنعهم من ممارسة الأنشطة الحركية والثقافية الأخرى, كما أنها تحرم الطفل من التفاعل والتواصل الاجتماعي, وتزداد احتمالات إصابته بالبدانة من جهة, وبالانطواء النفسي من جهة أخرى, كما أنه يتأثر بالشخصيات التي تعرض أمامه, خاصة أن التلفزيون يعرض هذه الشخصيات بصورة مؤثرة جذابة قد تصل بهم إلى مرحلة الإدمان والتعلق الشديد به, فما بال قضاء الطفل أطول فترة أمامه, ومن ثم احتمال التمرد على أوامر الوالدين التي قد تحرمهم من متابعته، وأخيراً الانفصال عن الواقع والقيم والتقاليد .. نتيجة العيش في عالم مبهر بعيد عن الواقع وتسارع التقنية الحديثه والإعلام الحديث، ومن جانبها أكدت دراسة أصدرها المجلس العربي للطفولة والتنمية التأثير السلبي لمعظم برامج الرسوم المتحركة المستوردة على الأطفال, وذلك كونها لا تعكس الواقع ولا القيم العربية, وعلى اعتبار أن هذه البرامج تحمل قيم البلاد التي أنتجتها, وتعكس ثقافتها .