ليس هناك اجمل من التجوال في شوارع القاهرة، سواء العتيقة او الاحياء الاخرى، وبغض النظر عما تعج به من كثرة الناس وقلة النظام، الا انه كما يقال حلاوتها بنكهتها الخاصة بعبق التاريخ والتنوير. لقد لفت نظري وانا في شارع 26/ يوليو بالزمالك لوحة دون عليها (ساقية عبدالمنعم الصاوي) وقد اثار ذلك فضولي، لمعرفتي السابقة بأنه - رحمه الله - كان كاتبا وصحفيا وروائيا شارك بحكمته وبما تعلمه الناس. فالساقية بدأت من جديد من اجل ان تروي الناس بالعلم والثقافة حيث رأيت نفسي امام حديقة صغيرة مشرقة العشب، تعطي مؤشرا لداخلها بما يحويه مبناها من ادب وفكر وجماليات. فهناك مبنى تحت الكوبري استقل استقلالا جيدا قاعة الحكمة، وقاعة الكلمة حيث نجد محبته للكلمة، ومسرح صغير وتحتوي الساقية على مكتبة عامة، ومكتبة للاطفال، ومكتبة الكترونية، ومكتبة للموسيقى بالاضافة لقسم تعلم مبادئ الفن بكل فروعه. كما ان الساقية مجهزة بجميع المعدات والاجهزة المطلوبة اعلاميا. بالاضافة لاقامتها معارض لفنانين، وترحيبها بالطلاب والمبتدئين وتخدم الادباء والمحاضرين. كما انها تستقبل الكبار والصغار، والاطفال افرادا وجماعات لصقل مواهبهم وابداعاتهم لانها مكان يحمي حرية الافكار وحرية الزوار للاستمتاع بالثقافة. نعم، ان الساقية خلدت ذكرى شخص عبدالمنعم الصاوي صاحب الخيال الابداعي الذي اثرى المكتبات العربية بابداعاته خصوصا الخماسية الساقية، والضحية، والرحيل والقدر، والندم وكثير منا يتذكرها عندما كانت تعرض منذ سنوات كحلقات تلفزيونية. كما انها خدمت الشباب بما هيأته لهم من بيئة فنية وثقافية. في اذكاء العقل الذي فكر في اخراج هذه الفكرة وتحويل منطقة تحت كوبري من لاشيء الى صرح قائم يؤدي خدماته بأسعار رمزية! فهذا المشروع لم يخدم الحي فقط بل خدم محبي الارتقاء بالذوق الفني والجمالي بما يقدم من برامج تقدم من كبار المبدعين للتمازج وتلاقح الافكار بين الاجيال المختلفة. دولتنا لا تبخل على مواطنيها بمنشآت هادفة ولكن كما اقول دائما ان اصحاب رؤوس الاموال لابد ان يكون لهم دور ريادي في تقديم خدمات تتناسب مع خصوصيات مجتمعهم وترقى بتنمية المواهب والابداعات مع استغلال الاماكن التي تخدم الصالح العام برقابة ذاتية فاعلة قائمة على التفاعل بين ذواتهم ووطنهم. شكر خاص للقائمات على مهرجان قارئ قصة في محافظة الخبر من قسمي المكتبات والنشاط الذي اسعد اغلب الحضور لاحتواء مواهب المعلمات والطالبات، سواء في كتابة القصة، والاخراج وتجسيد الشخوص.