بالأمس القريب ودّعنا نهاية فصل من أعمارنا.. أو قل انتهينا من تحبير كتاب فيه خمس وستون وثلاثمائة صفحة.. منا مَن ملأها بالإنجازات ومنا من سوّدها بالإخفاقات.. منا مَن استثمر وقته ليعمر دنياه وأخراه ومنا من سعى في فساد دنياه وخراب آخرته.. منا من أعاد فهم نفسه وإمكاناته ليعيد صياغة الحياة من حوله ويرسم معالم طريقه، ومنا من كان جاهلاً بذاته سائراً إلى حيث لا يدري.. منا من استشعر لوقته قيمة فضنَّ به أن يضيع هدراً واستغرقه في معالي الأمور .. ومنا من عاش كريماً بوقته في الملاهي وسفاسف الأمور.. منا من علم حقيقة الوقت وغايته واستمع لحكيم التابعين الحسن البصري حين صاح فيه ناصحاً: " يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك " وقوله رحمه الله: " إذا أشرقت شمس يوم جديد، ناداك: يا ابن آدم.. إني يوم جديد وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني إنء ذهبت لا أعود ".. إن لتجار الدنيا جرداً سنوياً يعيدون فيه مراجعة حساباتهم وتدقيقها، وموازناتهم ومصروفاتهم وما إلى ذلك.. وأعتقد جازماً أن كل واحد منا من ذكر أو أنثى لهو أحوج إلى مثل تلك المراجعة والمحاسبة الدقيقة التي ليس لمجاملة الذات فيها مكان.. فحياتك أثمن من مالهم وخسارتك ليس فيها تعويض أو فرصة أخرى إلا أن يأذن الله لك ( إن الحسنات يذهبن السيئات ).. يطول الحديث ويطول.. وتتزاحم النقاط في رأسي.. وما أريد إيصاله للقارئ الكريم - في هذه المناسبة - لا تسعه مقالة أو زاوية ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق .. لذلك سأختم كلامي بنصيحة أسرّها إلى كل زوجين.. صدق من قال: (حياتنا من صنع أيدينا). إلى كل من يبحث عن السعادة خارج أسوار بيته.. عد إلى بيتك .. إلى كل من يرى السعادة في الكأس والغانية .. أنت واهم خدعك عدوك .. إلى كل من يظن أن السعادة قد ذبحت على أعتاب بابه.. أنت يائس ضحك عليك إبليس .. إلى كل من استسلم لواقعه المحبِط .. أنت مهزوم في ذاتك قانط من لطف الله .. أيها الزوجان الكريمان .. مع إطلالة هذا العام الجديد، فلنقف مع أنفسنا وقفة نراجع فيها عامنا الفائت، فما كان فيه من إيجابيات فلنعززها ونستثمرها، وما كان فيه من ممارسات خاطئة فلنقلع عنها ونتجاوزها.. ولنعد فهم أنفسنا وأزواجنا.. ونصوغ حياتنا كما نحب ونريد .. ولنضع نصب أعيننا أن السعادة تُصنع ولا توهب ..