رغم الصوت الجهوري والقصائد الغزلية والسياسية، إلا أن ذلك لم يمنع بعض الجمهور، الذي حضر الأمسية التي أقامها نادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء الاثنين الماضي في الدمام، من الانشغال بأمور أخرى. الصقاعي وبودي وسعيد أثناء الأمسية (اليوم) الامسيه كانت «شعرية»، ولكن لم يستمع الحضور إلى القصائد الملقاة، إلا القليل الذي ينتمي للسيد الشعر. قصائد اختلط فيها الغزل بالصد والهجر والبحث عن المعشوقة وذكرى الراحلين عن عالمنا، إضافة إلى السياسية، التي غلب على قصائدها الواقع العربي بإرهاصاته المريرة، ولم تخل من المقامات والهزل، مما دفع بعض الحضور للتساؤل : هل هو يسمع شعرا أم خطبا حماسية وبكائية فيما انشغل البعض مع ال»بلاك بيري»؟ بدأت الأمسية بمقدمة مديرها رئيس نادي المنطقة الشرقية الناقد محمد بودي، الذي أشار إلى قدوم الشاعرين من «باحة» الشعر ومن عاصمة الوطن (الرياض)، قبل أن يتناوب ضيفا الأمسية غرم الله الصقاعي وأحمد سعيد على جولتي الأمسية. واستهل سعيد إلقاء الشعر، بقراءة مجموعة من القصائد بينها : «صديق لم يجب على هاتفي» و»ولو» وقصيدة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعظمته لم يذكر عنوانها، بكى أثناء إلقائها أمام الجمهور، وقصيده بعنوان «الغرق المشتهى»، التي قال فيها: «رحمة الله على الحب الذي في خضم الموج أمسى غرقا كان من قبل طيوبا ورؤى وورودا تتشهى العبقا وبريقا حالما مزدهيا طالما روى سناه الحدقا ثم أمسى قصة دامية وكتابا في الثرى محترقا» وأوضحت القصائد التي ألقاها سعيد (الشاعر والكاتب في جريدة «الحياة»)، خلطه بين كتابة القصيدة وكتابة المقال، مغرقا نفسه في دائرة التقريرية واللغة الوظيفية الواضحة، ولم يشفع له التحكم الجيد في صوته أثناء الإلقاء. وألقى الشاعر غرم الله الصقاعي قصيدة إلى روح الأديب الراحل محمد الثبيتي، كما ألقى مجموعة قصائد، منها : «اخضرار المساءات» و«سنابل»، وقال في الأخيرة : «سنابل، تبعت سنابل، والحنين هو الحنين. وصوت رغبتنا، ورهبتنا، يزيد.. ولا جديد، ولا جديد.. الأرض تبسط كفها، والوقت يجري، والسحابة في رحيل. وأنا بصوت الخوف صوت الأرض من جبل أنادي : كيف نحرث أرضنا؟! كيف نسقي زرعنا؟! بل كيف نسكر خبزنا بالماء» واعتمد الصقاعي على توظيف الرمز، ولم يقتصر في توظيفه على الاستنطاق الاعتيادي، وإنما أطلق العنان للرمز كي يبوح ويبوح حتى تختفي كل عناصر اللغة الوظيفية أو التقريرية المملة، ليدهش المتلقي بتوظيفه لتلك الرموز وبغنائة القصيدة التي أثراها الرمز.في الجولة الثانية قرأ سعيد مجموعة قصائد، كان بينها قصائد سياسية عن الأحداث في العالم العربي حملت عناوين : «درعا» و»بنغازي» و»لكي يا شام» و»لو استطاعت»، وختم قراءاته بقصيدة المقامات بعنوان «ليلة البحث عن المرقوق»، أضحكت الجمهور طويلا بعد أن أصابهم التعب في البحث عن الشعر. فيما قرأ الصقاعي «قبله من عتاب» و»بسمله» و»سادت الحلم» وقصائد أخرى.