المهن والحرف الشعبية القديمة كثيرة.. وسبل تعلمها والمحافظة عليها تكاد ينعدم، بسبب حب الجيل الجديد للتقنيات الحديثة. فمن النادر أن نرى في هذا الجيل من يفتخر بمهن آبائه وأجداده، ويسعى للمحافظة عليها، وهو الجيل الذي لا يشبع فضوله إلا ما يستجد في عالم التطور. غير ان صديقة الغراش من النمط المختلف، فهي صانعة الفخار التي تفتخر وتعتز بمهنة والدها، هذا ما أكدت عليها في حوارها مع (اليوم).. حيث سألناها: @ كيف بدأت معك مهنة الصنع بالفخار؟ كانت منذ صغري، حيث كنت أصنع بما يتبقى مع والدي من طين الفخار بعض التحف الصغيرة، كالبيوت والمساجد. وعندما طلب مني المشاركة في مهرجان قصر إبراهيم الأثري، ترددت كثيراً، حيث أنني لا أجيد صنع الأشكال بطين الفخار بالشكل المطلوب، حيث كانت هذه المرحلة صعبة جدا بالنسبة ليّ، ولكن حبي لهذه الحرفة، وتشجيع والدي لي، وهو الذي أخذ على عاتقه تعليمي لهذه المهنة الجميلة، تمكنت ولله الحمد من إتقانها وتفادي الصعوبات. @ ما مراحل صناعة الفخار؟ نجلب الطين من الجبل، ثم نذوبه في الماء (في الصيف يذوب الطين بسرعة، ويجف بسرعة، أما في الشتاء فيستغرق تذويبه وتجفيفه 3 أيام)، بعد ذلك نعجنه حتى يتماسك، ونضعه على الأرض، مع قليل من الرمل. وبعد جفاف الطين نضربه بالقدم أكثر من 45 ضربة، إلى أن يتماسك، ثم نأخذ القليل من الطين، ونضعه في الآلة المخصصة لصنع الفخار، التي تسمى (آلة الشرخ)، ونثبتها باليد والقدم اليمنى، لكي نستطيع التحكم بها في صنع الأشكال التي نريد صنعها، بعد ذلك نقوم بزخرفتها عن طريق (المشط) الخاص بها، وقصها بالخيط، ثم نعرضها للشمس، ثم نقوم بشيها في التنور، إلى أن يصبح لونها أحمر، لكي نستطيع استخدامها، فإذا لم تحرق يذوب الطين، خصوصا الجرة التي تستخدم في حفظ الماء. @ هل لطين الفخار أنواع معينة؟ نعم، فهناك الطين الأحمر، الموجود في المملكة، وهناك الطين الأبيض الأردني. @ وما المنتجات التي تصنعينها بالفخار؟ أصنع بالفخار أشكالا عديدة مثل: الجرة، الحصالة، المزهرية، المباخر، البيوت، المساجد، الأكواخ والشلالات. @ هل لحرفتك مواصفات معينة يجب اتباعها؟ نعم.. لحرفة الفخار مواصفات يجب اتباعها، فهي تحتاج للدقة في صنع الأشكال، وخفة اليد. فالتعامل مع (آلة الشرخ) صعب جدا، خصوصا للمبتدئين. @ هل ما تصنعينه هواية أم حرفة؟ وأين تكمن الصعوبة في هذه الحرفة؟ هذه المهنة مزيج بين الهواية والحرفة، وتكمن الصعوبة في طريقة استخدام آلة (الشرخ) لصنع الفخار، التي كانت تتطلب طرقا معينة لاستخدامها. @ إلى كم تصل أسعار ما تصنعينه؟ تتراوح الأسعار بين 5 إلى 20 ريالاً، أما ما نجلبه من الخارج (جدة، البحرين، الأردن) فتكون أسعاره مرتفعة نوعا ما، وقد يتراوح سعره بين 150 إلى 500 ريال كل حسب حجمه. @ هل شاركت في مهرجانات تراثية؟ نعم أول انطلاقة لي كانت في مهرجان قصر إبراهيم الأثري، الذي لمست فيه التشجيع من أهلي والقائمين عليه، وشاركت أيضا في مهرجان جدة (في رمضان) عن طريق جمعية فتاة الاحساء الخيرية، الذي أثار إعجاب من حضر، بالإضافة إلى مشاركتي في مهرجان المدارس وروضة القدس. @ هل امتهن أحد من اخواتك صناعة الفخار؟ لا. @ ماذا تتمنين؟ أن أفتح مصنعا نسائيا للفخار (مع بنات أعمامي وأخوالي)، يكون مكانا مناسبا لعاشقات رؤية هذه الحرفة الجميلة، من زائرات، على غرار والدي، الذي يمتلك مصنعا رائعا لهذه المهنة. لكن إلى الآن لم نجد المكان المناسب. @ كلمة أخيرة؟ أشكر والدي، الذي أفتخر به وبمهنته الرائعة، والذي كان له الفضل الكبير والأول بعد الله في تعليمي وتشجيعي على مزاولة هذه الحرفة، والشكر أيضا لأخي الكبير الذي ساندني. كما أشكر فاطمة الجبر التي لم تتوان عن تشجيعي. والشكر أيضا لبنت خالي العزيزة عبير صادق الغراش.