( أصبحت مشكلة تعاطي المواد المخدرة وادمانها من اكبر مشكلات هذا العصر خطورة ، نظراً لامتداد آثارها المدمرة على جميع المجتمعات بداية من اغتيال صحة شبابها ورجالها ، وقتل طموحهم ، مروراً باستنزاف الثروات والامكانات المادية الى تهديد الأمن والاستقرار الاجتماعي والاسري ) هذا بايجاز مبتسر ما يستعرضه الأستاذ سلمان بن محمد العُمري ، مدير عام الاعلام والعلاقات العامة بوزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد والكاتب المعروف في كتابه القيم ( وباء المخدرات وخطره على صحة المجتمع ) الذي تلقيت بيد الامتنان نسخة منه . @ قدم للكتاب د. حمد بن عبد الله المانع .. وزير الصحة الذي استهله بقوله : ( لا شك ان تعاطي المواد؟ المخدرة وادمانها ، وما تشكله من تهديد كبير للفرد والمجتمع ، تستلزم تضافر كل الجهود ، وتعاون جميع المؤسسات الحكومية والاهلية في مختلف المجالات لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي تمتد آثاره السيئة المدمرة لتتجاوز الشخص المدمن الى بقية فئات المجتمع ، وتتجاوز ايضاً الجانب الصحي الى جوانب اقتصادية واجتماعية عديدة ) . @ ولكن كيف للمجتمع بجميع قطاعاته وفئاته ان يستشرف خطر المخدرات المدمر وكيف يمكن ان تتضافر الجهود لمواجهة هذا القاتل البطيء اذا لم نلم بآثار المخدرات ودورها في تحطيم القيم النبيلة في نفس المتعاطي والمدمن الذي لا يتورع عن الاعتداء على المحارم والاقدام على جرائم الخطف والاغتصاب والقتل والسرقة من اجل ( شمة ) او ( حقنة ) ؟! و المتعاطية و المدمنة التي لا تتردد في لحظة من لحظات الجنون المدمر ان تبيع نفسها او طفلها او تقتله او تنتهك جميع المحرمات دفعة واحدة ولا تبالي من اجل حفنة من النقود تشتري بها جرعة من السم القاتل ؟! @ وكيف للمجتمع ان يعي خطر هذا الوباء الوبيل اذا لم يلمس حجم المشكلة التي يستهين بها البعض ويعتبرها من النزوات التي لا تلبث ان تزول .. او انها محصورة بشريحة .. او شريحتين ولاتتسع لتشمل غيرها مما يجعل خطر هذه الظاهرة مفجعاً ويستدعي جملة من الاحصائيات الرسمية الموثقة تظهر حجم المشكلة وتناميها ؟! يقول الكاتب : ( قد يهون البعض من خطر المخدرات في بلادنا الطيبة ، لكن الحقيقة التي لا مجال للتشكيك فيها ان هذا الخطر في تزايد مستمر على الرغم من النجاحات الكبيرة التي تحققها الاجهزة الأمنية في قطع كل سبيل امام وصول هذه السموم الى البلاد وتشديد الرقابة على المنافذ وملاحقة المهربين والتجار وكل من يروجون او يتعاطون هذه السموم الا ان هذه المواد المدمرة تجد طريقها الى الباحثين عنها ) !! @ كيف ؟ الجدول رقم ( 1 ) في الكتاب يوضح عدد قضايا المخدرات التي تم ضبطها عام 1422ه والتي بلغت 16325 قضية بنسبة زيادة تزيد على 33.7% عما كانت عليه عام 1421ه ، وبلغ عدد المتهمين في هذه القضايا 22349 متهماً بنسبة تصل الى 30% خلال الفترة نفسها ، ويذكر الكاتب ان وباء المخدرات ( طال شرائح المجتمع كافة بما في ذلك بعض الشرائح ذات المستوى التعليمي العالي ) ( الجدولان رقما 4.1 ) !! اما كميات المواد المخدرة التي تم ضبطها خلال عام 1422ه ( الجدولان 3.2 ) فتزن 347043 كيلو جراما من اخطر انواع المخدرات تزيد عن مثيلتها عام 1421ه بنسبة 36% !! وهي نسبة يقول عنها الاستاذ العٌمري ( انها كبيرة جداً إذا وضع في الاعتبار احتمالات الكميات التي لم يتم ضبطها ) !! وهي في رأيي المتواضع ارقام تلهب العقول والقلوب وتشعل الاعصاب والضمائر !! @ وانسجاماً مع منهج الكاتب العلمي فقد ادرج البيانات السابقة نقلاً عن ( الكتاب الاحصائي الثامن والعشرين لوزارة الداخلية لعام 1422ه ) الذي يتضمن توزيع القضايا واعداد المتهمين المضبوطين في قضايا المخدرات حسب التصنيف الجرمي والبيانات الشخصية للمتهمين .. اما ( التقرير الاحصائي لانجازات الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ) للعام نفسه وفيما يختص ب ( وقوعات المخدرات ) التي تشمل : ( استعمال او حيازة المخدر وترويجه والتعاون على ذلك ) فقد بلغ عددها ( 493 ) وقوعه تمثل نسبة 2% من اجمالي الوقوعات التي تم ضبطها من قبل فروع الرئاسة بزيادة عن العام الذي سبقه مقدارها ( 41.3% ) وبلغ عدد الاشخاص المضبوطين في هذه الوقوعات ( 493 ) شخصاً يمثلون نسبة ( 15% ) من اجمالي الاشخاص المضبوطين من قبل فروع الرئاسة !! @ ويتضمن الكتاب مقارنة بين كمية المخدرات المقدرة بالكيلوجرام المضبوطة لعامي 1421-1422ه موزعة حسب نوع المخدر حشيش ، افيون ، هيروين ، قات ، كوكايين ، ومقارنة ثانية بين كمية المخدرات ذات العدد المضبوطة في عامي 22.21 موزعة حسب النوع : امفيتامين ، سيكونال ، كبتاجون ، أخرى ، ثم بيان ثالث يمثل عدد المتهمين في قضايا المخدرات خلال عام 1422 ه حسب التصنيف الجرمي ونوع المخدر . @ ولاشك ان هذه الارقام مفزعة بكل المقاييس لآثارها المدمرة ومن هنا ندرك حكمة تحريم المخدرات والمسكرات في الشريعة الاسلامية التي تناولها الاستاذ العُمري بقوله : ( ان من مقاصد الاسلام حماية الانسان في اهم مقومات انسانيته : في عقله ، وجسمه ، وفي اسرته ، وماله ، وفي امنه واستقراره ، ولتحقيق هذه الغاية حرم الاسلام كل المفاسد والاضرار التي تسيء الى الافراد والجماعات ومنها آفة المخدرات وانتشار تعاطيها لدى الافراد ، وبخاصة الشباب ) واستشهد الكاتب بأدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة واجماع علماء الاسلام ، والقواعد الشرعية الكلية .