عزيزي رئيس التحرير.. ان من نعم الله على الانسان ان منحه عقلا يصرف به شؤون حياته ويسير به سائر احواله ومعاملاته ويتدبر به سائر مخلوقات الله وملكوته وان يفتح له افاقا ومجالات واسعة تساعده في شق طريقه الى الحياة هذه معان قد تمثلها قلبي عندما سمعت هذه القصة العجيبة في بيت من بيوت الاحساء القديمة بيت من طين فيه ام كبيرة وابنان الاكبر تجاوز عمره 17 سنة في حين ان الاخر لم يتجاوز عمره 15 سنة وكان الأخ الاكبر قدوة سيئة فقد كان ضعيفا في دراسته كثير العراك مع الاخرين ومشاغبا مع جميع المدرسين حتى ان اسمه قد درج ضمن القائمة السوداء للمدرسة، اما الاخ الاصغر فقد ابتلي بهذا الاخ الذي يسد عليه كل ابواب الامل والتطور فقد كان قدوته التي لا يتزحزح عن تقليدها. عانت الام من شقاء هذين الابنين فقد كانت تتمنى ان يساهما في تطوير الحياة التي يعيشونها وتمر الايام والسنون ويسجن الاخ الاكبر لعملية سرقة قام بها مع احد رفاقه وكانت فاجعة عظيمة لهذه الام المسكينة في ولدها وكما يقولون رب ضارة نافعة فقد تركت هذه الحادثة اثرا كبيرا في الابن الاصغر فقد بدأت شعلة النشاط تتوقد فيه وبريق الامل يشع في ارجاء قلبه لان اخاه الاكبر كان يطفىء ذلك النشاط ومع غياب الاخ الاكبر انطلق الصغير في غمار هذه الحياة طامحا في نيل المعالي بكل جد واجتهاد ويتكلل نجاحه ذلك كله بان قبل في الدراسات العليا في احدى الجامعات وبعد ان كان يعيش في منزل من طين يغطيه الغبار والاتربة وتحيط به الجدران المتصدعة سكن ذلك المنزل الفاره الكبير ونقل والدته من حياة الى حياة اخرى جديدة واما الاخ الاكبر فلا يزال يتردد على السجون بسبب افعاله وتصرفاته. هذه قصة استاذ جامعي قد استيقظ من غفوة طويلة فشاهد طموحه وانطلق يسعى الى تحقيقه والى بذل المهج لتحصيله تنكشف لنا هنا حقيقة رائعة ان داخل كل فرد كتلة كبيرة من النشاط خافته ساكنة في الاعماق تنتظر العزيمة التي توقظها والاراداة والاصرار الذين يفعماها بالنشاط والحيوية فكثير هم الافراد الذين رضوا بالمكوث في مواقعهم دون ان يحاولوا ولو ادنى محاولة في اعمال جهدهم. ان اول طريق الى تحقيق ذلك الطموح هو الجد في العمل والسعي الحثيث لتحقيق ما تريد وكما قالوا (من زرع حصد) فلماذا تسكن في محلك وقد اعطاك الله سبحانه وتعالى نعما معينة على السير في هذا المشوار العمري الطويل، ولا انسى ذلك الزميل العزيز اثناء دراستنا كيف كان مستواه متوسطا في المراحل الاولى ولم يكن معروفا لدينا من قبل ولكن في المرحلة الثانوية شاهدنا ذلك الزميل العزيز وقد تفوق على اقرانه ولكن في المرحلة الثانوية شاهدنا ذلك الزميل العزيز وقد تفوق على اقرانه بل انه تميز حتى نال جائزة الامير محمد بن فهد للتفوق العلمي وعندما سألته عن سر هذا الاجتهاد العجيب والمفاجىء بادرني بقوله: شاهدت الطلاب المتميزين فما وجدتهم قد تميزوا علي لا بالعقل ولا بالذكاء فادركت ان العطل مني ولم يكن ينقصني سوى الاجتهاد والحرص فلو جلس كل فرد مع نفسه وادرك ما يملكه من مواهب وقدرات لسعى الى استغلالها في تطوير ذاته فكم من بيت فقير قد صار شامخا لتميز احد ابنائه ولا اجد اصدق تعبير لما اقول خير من المثل السائد (العلم يرفع بيتا لا عماد له/ والجهل يهدم بيت العز والكرم) فاعلم ان المتميزين من اقرانك لا يتميزون عليك لا بعقل ولا بفهم ولكنه الجد والاجتهاد والحرص على الطلب والتحصيل وكثيرة هي القصص التي نسمعها عن جهود افراد ساهموا في رفعه واسرهم لكونهم نجحوا في حياتهم العلمية وكانت سببا قويما لحياتهم العملية فلا تظن انك لست بمتميز بل على العكس فانك تمتاز بأمور كثيرة لو عملت على استغلالها لوجدت نفسك في القمم العوالي ولا اظن احدا يرفض ذلك ابدا. احمد خالد العبدالقادر