وتمر بنا الأيام تباعا، ويطل علينا عيد الفطر الذي دأبنا ودأب أسلافنا على وصفه (بالسعيد). فأين هو من(السعادة)؟ وأين هي (السعادة) يا ترى منه؟ ... عيد أراده الله لنا أن يكون (مناسبة) للتواصل، والرحمة، وجمع الكلمة، فإذا بخطوب الزمان تجعلنا نستقبله وفي القلب (غصة)، وفي العيون (دمعة) تتحجر في المآقي، وفي النفس ما فيها من الألم والاحباط. ... عيد وان غالطنا أنفسنا بإضفاء صفة (السعادة) عليه، إلا أن حقيقة الحال والمآل تجعلنا نتساءل بحيرة عن ماهية هذه السعادة التي ننشدها، وهل نملك حقا ولو نزرا يسيرا من معطياتها؟ ... أين هي هذه (السعادة) وأخوة لنا في العقيدة والدم يودعون (بالدموع) في كل مطلع شمس قوافل من أبنائهم واخوانهم لا ذنب لهم ولا جريرة إلا إيمانهم بحقهم في الحياة أسوة بالبقية من بين البشر؟ ... أين هو هذا (السراب) ونحن نقف عاجزين أمام كم الجرائم التي يرتكبها (شذاد الآفاق) ضد كل من صام وقام رمضان إيمانا واحتسابا، وكأننا جثة بلا حراك، ناسين أو متناسين لا فرق أننا محاسبون على ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ... وأين هو (الحلم) والطفل الفلسطيني يستقبله بيد فيها (حجر) بينما بقية أطفال العالم تحمل فيها (قطعة من حلوى)؟! ... أين هو هذا (الوهم) بعد أن فقد هذا العالم على اتساعه وبما حواه من عرقيات مختلفة البصر والبصيرة وأصبح يساوي بين الجلاد والضحية؟ ... أين هي هذه (الأكذوبة) وما تسمي نفسها (بلجان حقوق الإنسان) تغمض عيونها (عيانا بيانا) عن كل أصناف القهر والتعذيب ضد انساننا العربي المسلم في فلسطينالمحتلة وكأني بها تصنفهم بتصنيف يخرجهم من قائمة بني (البشر)؟ ... أين هذا الذي (نتغنى به) بعد أن أصبحت (راعية السلام) راعية للطرف الذي قوض كل أركان هذا السلام (المزعوم)؟ ... أين هو (وهم السعادة) ونحن نشاهد الأمين العام للمنظمة الدولية التي وضعت في قائمة مبادئها (الحفاظ على السلم والأمن الدوليين) يرقب، والبسمة تملأ محياه، اسم منظمته وقد توسط أسماء بيجن وشامير وبيريز وغيرهم من السفاحين ومصاصي الدماء في القاعة التي تحمل أسماء من حصلوا على جائزة نوبل. ... ولكن السؤال هنا هو: ترى هل نحمل العالم من حولنا وزر ضياع سعادتنا في يوم انتظرناه لعام؟ ... وهل كانت سلوكياتنا لا تحمل بين طياتها أي معنى (للمقاومة) التي هي بكل المعايير حق مشروع لنا حضتنا عليه عقيدتنا السماوية قبل كل الشرائع الأخرى. ... لاشك ان الاجابة هي (لا) كبيرة كبر حجم احباطاتنا، وهزائمنا، وآلامنا، ضياع أنشودة السعادة التي نجري وراءها لاهثين في هذه الأيام على الأقل. ... هل نسينا الدور (الغائب) (لجامعة دولنا العربية العتيدة) التي لم نر له من دور يذكر سوى في تلك (اتصريحات الملتهبة) التي يطلقها مسؤولوها بين الفينة والأخرى. ... وهل نسينا دور (منظمة المؤتمر الاسلامي) الذي يبدو وكأنها قد دخلت هي الأخرى في سباق محموم مع الجامعة العربية في اصدار (التنديدات) التي لا تشف غليلا، ولا تعيد حقا، ناهيك عن استقبالها من الطرف المعتدي بكل اللامبالاة ولا نقول الاستهتار. ... هل نسينا دور (اعلامنا العربي) الذي تسابق في تفريغ الشهر الذي سبق هذا العيد من كل محتوى ومضمون بعد أن تسابق هذا الاعلام على اختلاف مشاربه على بث كل فنون (الضياع) و(التهريج) و(الاسفاف) غير مبالين لا بقدسية هذا الشهر، ولا بوعد المولى عز وجل بإجابة الدعوة فيه، ناهيك عن حياة الخوف والجوع والألم التي يحياها أشقاؤنا في بلاد أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين التي منعتنا قوى الشر والظلم من أن نشد الرحال اليه تلبية لوصية نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. ... ان سلوكيات (اللامبالاة) التي مارسناها جهارا نهارا بغير حياء من الله، أو من الناس هي أكثر من ان يسعها مقام أو مقال ومع كل ذلك فما نكتنزه في عقولنا من افكار (وهم التآمر) تجعلنا أسرى هذا الوهم. وصدق عز من قائل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).