درج أحد الرعاة على رعي أغنامه بالقرب من أحد الأودية ذات الربيع والماء، وكان يرعى لأيام هناك ثم يعود لقومه، وذات ليلة غلبه التعب والنعاس، فخلد إلى النوم ليستريح، وفجأة نهض من نومه على جلبة وفزع أغنامه، وإذا بذئب ضخم قد قفز على إحدى الأغنام وجعلها بين فكيه وولى مسرعا، فزع الراعي وارتعد من ضخامة ذلك الذئب، ولم يكن لديه سلاح سوى عصاه التي لا تقوى على منع الذئب عنه، فجمع أغنامه وعاد إلى قومه مسرعا، ليحكي لهم ما حصل معه، فعلم شيخ القبيلة وكان حكيما شجاعا، فأمر بجائزة لمن يخلصهم من الذئب، وأمر ببندقية لمن يبادر ويتقدم لقتل الذئب، ولِما حكِي عن ضخامة الذئب لم يبادر أحد، فشق ذلك على الشيخ الشجاع وهم بنفسه لقتله، فأمر أحد الرعاة بأن يرعى أغنامه والشيخ معه، وعند المساء ظل الراعي عند الأغنام والشيخ يترقب ببندقيته قدوم الذئب، وما هي إلا سويعات حتى أنقض الذئب مرة أخرى على إحدى الأغنام، فذهل الشيخ وبندقيته مصوبة للذئب من ضخامته، فتبادر لذهن الشيخ أن ينتظر ويترقب إلى أين سيذهب الذئب. أخذ الشيخ يهرول خلفه مترقبا، وإذا بالذئب يصعد لأحد الجبال، ودخل إلى غار يشرف على الوادي الموحش، فوضع الذئب الفريسة أمام الغار، وما هي إلا لحظات حتى خرج من الغار ذئبان هرمان بالكاد يسيران، فعلم الشيخ أنهما والدا الذئب المفترس، فأخذا يأكلان مما أحضر ابنهما، ولم يأكل معهما، بل ظل واقفا يشرف على الوادي ووالداه يأكلان، فذهل الشيخ من طبع هذا الذئب النبيل الذي بر بوالديه وأحضر الطعام ولم يأكل معهما وقدمهما على نفسه، ففاضت عينا الشيخ، فأقسم الشيخ أن لا يقتل الذئب إكراما لطبعه، وعاد لقومه مذهولا، ورحل بهم إلى منطقة بعيدة جدا عن الوادي، وعندما يسأل عن ذلك كان يرد بقوله «لا يقتل النبيل نبيلا». سلطان بن محمد الراشدي