تنبش صناديق القمامة في الشوارع المحيطة بالبيت الابيض بشكل يومي. فالمشردون ذوو الملابس الرثة يفتشون عن بقايا الطعام أو بعض الاشياء ذات القيمة. الفقر والجوع هما جزء مرئي من المشهد في المدينة العاصمة في أغنى وأقوى دولة في العالم. إلا أن هناك وجهات نظر مختلفة بدرجة كبيرة في الولاياتالمتحدة حول أسباب الفقر وأيضا أعداد الفقراء . ولا يزال رقم الفقراء والجوعى في الولاياتالمتحدة أمرا لا يمكن تجاهله. ففي منطقة واشنطن هناك 100 ألف طفل يذهبون للنوم وهم جوعى طبقا لاعلان في إحدى الصحف نشرته سلسلة ضخمة لمحلات سوبر ماركت محلية بدأت بالفعل حملة لجمع التبرعات لاحتفال رأس السنة . وبدأت أيضا صحيفة نيويورك تايمز حملتها التقليدية لجمع التبرعات عشية الاحتفال معطية الفرصة لسكان نيويورك لمساعدة المشردين. ورغم أن معدل سعر الشقة في مانهاتن ما يقرب من مليون دولار حسبما تقول الصحيفة فإن عدد الفقراء والمشردين يتزايد. وقالت الصحيفة إن الخليط المتناقض للثروة والفرص والعمل الشاق والعوز اليومي المجحف من النادر أن يتضح بهذه الصورة الواضحة للغاية. فهناك 18 من بين كل 100 من سكان نيويورك فقراء. أما عدد المشردين في مدينة نيويورك فقد تضاعف إلى رقم قياسي وهو 40 ألفا في السنوات الخمس الماضية. وهناك ما بين 4 ملايين و7 ملايين شخص في الولاياتالمتحدة بينهم مئات الآلاف من الاطفال يعيشون جوعى طبقا لاحصائيات وزارة الزراعة. ولكن على عكس تلك الارقام فإن الاقتصاد بدأ في التقاط أنفاسه معطيا بوش شيئا يبعث على الارتياح. ويثق بوش في أن التخفيضات الجذرية التي أجراها على الضرائب عملت على تنشيط الاقتصاد ودفعه إلى النمو السريع. ولكن السياسة بالكاد ليس لها أي تأثير إيجابي على سوق الوظائف حيث معدل البطالة يبلغ 6.1 في المائة. كما أن الاخبار الاقتصادية ليس لها أي تأثير على المجموعات الاجتماعية الفقيرة. فعدد الفقراء في الولاياتالمتحدة أخذ في النمو. وكان حوالي 35 مليونا من بين إجمالي عدد سكان يبلغ 282 مليون نسمة يعيشون في فقر العام الماضي طبقا لآخر الاحصائيات. وهذا يزيد عن العام السابق له بمعدل 1.4 مليون نسمة. ويعتبر الشخص فقيرا في الولاياتالمتحدة إذا كان ينتج أقل من متوسط الدخل. فأسرة مكونة من أربعة أفراد تعتبر فقيرة إذا كان دخلها أقل من 18390 دولارا ويعتبر الناس هذا الدخل ضئيلا ولا تفرض عليه ضرائب فيدرالية. وسجل معدل الفقر في عام 2002 فقط زيادة طفيفة عن العام السابق له، ويمكن توقع شئ ما خلال الركود الاقتصادي العام الماضي. وباستثناء ذلك وعند المقارنة بالعقود الاربعة الماضية فإن الارقام تظهر أن مستوى الفقر متوقف عند مستوى تاريخي منخفض. فقط في سنوات الانتعاش في أواخر التسعينات عبر عام 2001 كان مستوى الفقر منخفضا بمعدل طفيف عما هو عليه اليوم. وقال عالم الاجتماع ديفيد جاريسون نائب مدير معهد بوكينجز في واشنطن ان الامريكيين يتوقعون من الدولة أقل مما يتوقعه الناس في أوروبا والاجزاء الاخرى من العالم. ولا تتعارض صورة الفقراء في العاصمة الامريكية والمناطق المحيطة بها بالضرورة مع المثل الامريكية. والذي يهم بدرجة أكبر هو أن كل فرد لديه فرصة للبحث عن ثروته الشخصية. فحلم التحول من غاسل للصحون إلى مليونير مازال قائما. وتأكيد هذه الفكرة وجدها المحافظون في القائمة الاخيرة لمجلة فوربس لأغنى 400 أمريكي. ومن مقدمة القائمة التي يحتلها مؤسس مؤسسة ميكروسوفت بيل جيتس نزولا بباقي الاسماء نجد أن العديد في القائمة صنعوا أنفسهم دون أن يرثوا مبالغ كبيرة. وهذا يثبت لمعظم الناس في الولاياتالمتحدة أن الحلم الامريكي مازال حيا وطيبا. وهناك سبب كاف لملايين الناس في أنحاء العالم سنويا للسعي بطريقة مشروعة أو غير مشروعة للاستقرار في الولاياتالمتحدة رغم أنهم يشاهدون صورا حتى إذا كان ذلك في أفلام هوليوود فقط المشردين والجوعى الكثيرين في أمريكا.