أتعجب كثيرا من الذين يعولون على اللقاءات الفضائية مع (محمد سعيد الصحاف)، وزير الاعلام العراقي السابق، فلا أدري ماذا سيخرج لهم به (الصحاف)، وماذا عساه ان يقول لهم! أكاد اجزم ان تصريحات الرفيق (الصحاف) لاتستحق كل هذا الهيلمان والضجيج، لانها لن تخرج لنا بجديد دامغ ينتظره المشاهد الباحث عن اسرار سقوط بغداد السريع والفاجع، وماذا عسى (الصحاف) ان يدلي به غير تلك المعلومات التي يعرفها كل متابع عادي للاحداث، وان زاد فمجرد معلومات، ليس لها فائدة كبيرة مع مرور الوقت، كأن يخبرنا بمكان وجوده يوم قصف بغداد، او المكان الذي القى منه (صدام حسين) خطابه الاول بعد القصف، او استعدادات وزارته لحرب كانوا يدركون انها واقعة لا محالة منذ عام 2000م...! معلومات (الصحاف) ومقابلاته المتلفزة مازالت تكتسب اهميتها من الاثارة الاعلامية التي صنعها الصحاف لنفسه ايام الحرب، بتصريحاته النارية، التي ايده (صدام) عليها لأنها تجذب الناس وتشدهم والا فكل ما قال، حتى الآن، بلا جديد مفيد.. معلومات عادية، معروفة، متداولة بالعموم، يتناقلها الناس قبل غزو العراق اصلا، كاعترافه، مثلا بدور (عدي صدام) وتدخلاته في شؤون الوزارات والوزراء، اضافة لعلاقاته المتوترة مع المسؤولين والوزراء العراقيين مهما علت مناصبهم، فهذه من الأمور المعلومة المعروفة عن (عدي) قبل ان يخبرنا بها (الصحاف) في لقاء الأول مع قناة (أبو ظبي)، أو ان يخبرنا بان (طارق عزيز) ظل لفترة طويلة هو الذي يكتب خطابات صدام، وهو شيء معروف عن (قلم الرئيس) كما كان يسمى عزيز.. كما لا نعلم ماذا يهم المشاهد من معرفة كل هذه التفاصيل الدقيقة، اللهم الا الاثارة، والا فجرح العراق يزداد اتساعا يوما بعد آخر، من سياسات كان (الصحاف) جزءاً منها. أخطر قضية يغفل عنها المشاهد، ان الحقائق الكبرى لايمكن ان تروى بسهولة هكذا (كما يفعل الصحاف) الان، او يسمح لها بان تكشف بهذه البساطة والمدة الزمنية القصيرة! ولن تسمح لها الجهات التي يهمها اخفاء الوقائع بان تظهر بأي ثمن! فقط بعد سنوات طويلة (ربما) تتكشف حقائق، او تتسرب وثائق ويفرج عنها، او ربما يستيقظ ضمير شاهد، يروي حقائق وشواهد عاشها. واذا كان (صلاح عمر العلي) في شهادته على العصر مع (احمد منصور) وهو عضو سابق ومسؤول في حزب البعث العراقي وشغل مناصب مهمة، منها سفير في الاممالمتحدة، واشترك مباشرة في الليلة الظلماء التي انقلب فيها البعثيون على (عبدالرحمن عارف) في 1968م، ظل يعيش بعيدا عن العراق، واستقال من الحزب قبل اكثر من عشرين عاما، ومع هذا كله بقي اكثر تحفظا في تعليقاته وشهادته، وبرغم السنين! فهل ينتظر من (الصحاف) الذي لم يمض على رؤيته لصدام سوى اشهر بسيطة ان يقول كل شيء؟