ارادت الشاعرة اعتدال موسى الذكر الله ان تكون شيئا مذكورا، وان يدرج اسمها في سجل التاريخ الادبي في الاحساء ادراجا حسنا، وليس هناك احسن من ان يحتل اسم المرء الاولوية في سلم الترتيب الادبي اذا كان يتعاطى الابداع في فن القول، وليس اي قول انما قول الشعر بالتحديد، فالاول في الشعر كان ولايزال في ثقافتنا العربية يقف على المنابر اولا، ويحتل صدور المجالس اولا، ويقعد على الموائد اولا، وان كان شاعرا فارسا نازل الاعداء اولا.. الخ والشاعرة اعتدال الذكر الله الاولى في الشعر في مسابقات رعاية الشباب بالاحساء في الاعوام 1413 - 1414 - 1415ه والثانية في مسابقة نادي تبوك الادبي عام 1423ه والثانية في مسابقة نادي الشرقية الادبي عام 1423ه ايضا، والثانية على مستوى المملكة العربية السعودية لاشك انها الاولى على مستوى الاحساء، على اعتبار ان مسابقتي ناديي تبوك والمنطقة الشرقية الادبيين مفتوحتان لمشاركات الشاعرات من الوطن بأكمله، ولم يفز من الاحساء غير اعتدال.. وهل يكفي ما سبق للحكم بان الشاعرة اعتدال الذكر الله اول من انث الشعر في الاحساء؟ وهل تأنيث الشعر يكون بالاولوية الزمنية؟! ام بالاولوية الفنية؟ بالرجوع الى بيلوجرافيا الادب السعودي التي يعدها الصديق الباحث خالد اليوسف يتأكد لدينا ان اعتدال الذكر الله اول احسائية اصدرت ديوانا للشعر الفصيح في الاحساء وذلك في العام 1424ه - 2003م ، اما تأنيث الشعر فتلك قضية كبرى تحتاج الى البحث في لغة الشاعرة نفسها وليس في التاريخ الزمني لصدور الديوان. 1- قراءة في الغلاف الأمامي: احتوى الغلاف الامامي للديوان على عنصرين اثنين يستحقان القراءة، العنوان ولوحة للفنان سامي الحسين، ومنذ النظرة الاولى تجد رابطا فنيا مشتركا بين دلالات العنوان ودلالات عديدة تقدمها اللوحة التشكيلية، والتي أظن أنها مستوحاة من تشكيلات وتكوينات صخرية في جبل القارة بالاحساء، ذلك الجبل السياحي الشهير الذي حكيت حوله الكثير من الحكايات والاساطير، حتى انتج الجبل مثلا شعبيا ارتبط بالساكنين حوله من اهل قرية القارة بالاحساء، والمثل هو حسب معجم الامثال الشعبية في الاحساء الذي يعده الاستاذ الصديق/ عبدالله الشايب (خبر قاره) وشرح المثل : اي ان الخبر الذي يأتيك من ساكن حول الجبل الشهير خبر كاذب، في اشارة واضحة الى ان اساطير الجبل وخرافاته كاذبة ايضا، وحين نعود الى الرابط الفني المشترك بين العنوان واللوحة نجده كائنا في الآتي : فتراتيل الروح عنوان الديوان تنشدها وتؤديها ارواح ستة في اللوحة ، فهم خمسة رجال وامرأة واحدة، كلهم اخذوا شكل المنحوتات الصخرية على هيئة انسان بشري، واخذوا وصف هيئة المرتل حيث الانحناء ووضع اليد على مفرق العينين وتثبيت اليدين على الفخذين، ويستدل على المرأة الوحيدة بجسدها الانثوي التشكيل والشعر الطويل المفروق من منتصف الرأس ليتشكل على صورة جديلتين اثنتين (تسريحة الشعر للمرأة الاحسائية القديمة). واختيار الشاعرة لهذه اللوحة بالذات اختيار ذكي، فكأنها تريد ان توصل للقارئ هذه المعلومة التي اصبحت حقيقة صحيحة: انا المرأة الشاعرة الوحيدة في الاحساء بين عالم من الذكور الشعراء.. مع ملاحظة ان المنحوتة المؤنثة جاءت لامرأة شابة وليس لامرأة عجوز.. في حين جاءت المنحوتات الذكورية بارزة الفحولة!! 2- قراءة في الصفحة الخامسة: احتوت الصفحة الخامسة على عنصرين اثنين ايضا يستحقان القراءة، الاول بيان شعري والثاني اسم فني، وبين البيان الشعري والاسم الفني علاقة ارتباط وهي ان البيان الشعري وقع بالاسم الفني للشاعرة وليس بالاسم الصريح، وهذا الفعل موضع تساؤل!! ابانت الشاعرة عن نفسها ببيان شعري قصير هذا نصه : (منذ بدأت اشعر بما يدور حولي، وبدأ نبض الحياة يدب في عروق جسدي واحسست ان هناك الاحاسيس تتولد في دمي وتيقنت انها مشاعر صادقة وعواطف حانية سطرتها في صفحات سجل حياتي وبدت تراتيل ارتلها بين مسامع القدر وعلى مزامير الزمن الردىء وروحي الموجوعة في غربة وحنين للسعد والسرور، وبت احلم بالنوم الهانئ بين ردهات معبد الاحلام بعد ان اعياني السهر في معبد الاحزان والآلام، والآهات والحسرات مع غربة مللتها وملتني فدعوني ايها الاحبة ارتل على مسامعكم تراتيل الروح في زمن الغربة). والابانة عن النفس بالنثر لابد ان تترجم الى شعر، وبيان الشاعرة من النوع العاطفي، اي ان الهم الخاص مسيطر على الهم العام، او ان الهم العام يختبئ داخل الهم الخاص، ولم يكن هم الشاعرة سياسيا عاما بل جاء فرديا خاصا، فالشاعرة تعاني الغربة الروحية لا الغربة المكانية واحزانا وآلاما وحسرات لم تفصلها في بيانها او تذكر مسبباتها.. والسؤال: هل ترجمت الشاعرة بيانها النثري الى شعر يمثله او تعكسه؟ اي هل جاءت موضوعات قصائدها ومضامينها مطابقة تماما لبيانها؟ اما الاسم الفني للشاعرة (عديلة الهجرية) فعديل تصغير لاعتدال والتصغير هنا للتحبب وللتدليل، وقد صغرت الشاعرة اسمها والمفترض ان يكون التصغير قد اتى من غيرها اي من اهل هجر، واضافة الشاعرة كلمة الهجرية الى عديلة قد اكسبتها التعريف، علما بأن (الهجرية) نسب، فالنسبة الى هجر: هجري، وهجر هو الاسم القديم للاحساء، وكأن الشاعرة ارادت ان تقول: أنا أحب ذاتي وادللها وانتسب اليكم يا أهل هجر واحبك يا هجر منذ زمن قديم!! 3 غواية القراءة والبحث عن نجاة: هل قراءة ديوان شعري لامرأة شابة منسوبة الى من يقوم بفعل القراءة توقعه في غواية نون النسوة فيضل طريق النقد؟ غواية الانثى للذكر فعل تاريخي مستمر الى يومنا هذا، فمنذ ان اغوت امنا حواء عليها السلام سيدنا آدم والغواية كائنة حادثة على كوكب الارض، والغواية التي اعنيها فقدان البصيرة واضطراب الاحكام بفعل الخضوع للغرائز الطبيعية، والتي منها الميل الطبيعي من الذكر للانثى ومن الانثى للذكر، وغواية الانثى هنا ليست مقصودة ولا مباشرة، ولاهي غواية جسدية اتت عبر النظر او السمع او اللمس انما غواية النوع فقط، اي نوع من كتب هذا الشعر، وكاتبته هنا أنثى فلابد ان امحو من داخلي غواية الابداع الانثوي، ان غواية من هذا النوع قد تميل بأحكامي، وتعوجها او تضفي عليها تهذيبا عالي النبرة او تجاهلا لمعايب صارخة في كتابة الانثى سواء كانت اعتدال الذكر الله، وغيرها من الشاعرات، ولكن للكتابة عن شعر اعتدال الذكر الله غواية اخرى قد لا يحسب المرء حسابها، انها غواية النسب المكاني، تلك الغواية الشبيهة بغواية الكتابة عن ابداع صديق.. فأنا من الاحساء وهي من الاحساء، انا هجري وهي هجرية، فهل اخون الماء والسكر؟ على اعتبار انني واعتدال شربنا كلانا من مياه عيون الاحساء واكلنا من تمرها.. ثم هل انجو من غواية ثقافة المكان الشعبي؟ هل انجو من غواية الحارة الشعبية الاحسائية. فأدافع وانافح عن شعر اعتدال على انها بنت الحارة.. ويجب ألا انطق عليها بسوء، او اسمح لأحد غيري ان يفعل ذلك؟ ان ثقافة التعصب الى المكان او الى النوع او الانسياق وراء مغرياتهما او الخوف من نتائجهما فعل ثقافي ارفضه وامقته واحاول طرده وابعاده حتى من اللاشعور، لذلك قررت ان اقرأ شعر اعتدال الذكر الله بعيدا عن أي مؤثر سواء كان نوعيا او مكانيا وعساي ان انجح في هذا المسعى الصعب!! 4 ترتيل في القوافي: يتوهم بعض الشعراء والشاعرات ان تطويعهم او تطويعهن للقافية فعل اجادة، وان ركوب القوافي الصعبة يعكس مقدرة شعرية عالية او فحولة شعرية مستحقة اذا كان الشاعر ذكرا، وهذا وهم خاطئ فالشعر ليس قافية فقط، او انتقاد قواف محددة او مرورا على قواف كثيرة او بعدد حروف المعجم العربي الثمانية والعشرين.. وللاسف هذا وهم وقعت فيه الشاعرة اعتدال الذكرالله، واكتشاف ذلك لايحتاج الى كثير ذكاء فالقصيدة الاولى ميمية والثانية بائية والثالثة يائية والرابعة هائية والخامسة لامية.. ولقد حاولت الشاعرة ان ترتل قوافيها وان تظهر مقدرتها وتخفي عجزها وان تصرح لمعشر الذكور بأنها ليست مهيضة الجناح، وانها شاعرة فحلة، وانها ليست ناقصة عقل كما يردد الذكر دائما على مسامعها ومسامع غيرها من الاناث. وهذا القصد الخطأ او الارغام على الاتيان بالقوافي وتنوعها في الديوان قد عطل الشعر عن الحضور في كثير من قصائدها وهذا الحكم لايعني ان الشعر لم يحضر في ديوانها، انما حضر ولكن حين كان الشعر ينتقي قافيته لوحده وليس حين تنتقيها اعتدال. 5 * ترتيل في المعاني : معاني الشاعرة اعتدال الذكر الله سامية رفيعة لا ابتذال فيها نهائيا وهي تنتج عن حرص الفتاة العربية على سمعتها، وحرص الفتاة السعودية بشكل خاص، وحرص الفتاة الاحسائية بشكل اخص من غيرها، وباستقراء معاني الشعر وموضوعات القصائد عند اعتدال الذكر الله نجد صوتين اثنين قويين، الصوت الاسلامي والصوت الوطني، وقد امتزج الصوت الاسلامي بالصوت القومي العربي - لا بأس في ذلك، وليس في الديوان كله اي صوت او اية قصيدة تروج او تعلم عن مذهب بعينه او عقيدة فئة معينة من الفئات او حتى دخول لاسطورة من الاساطير الوثنية، فشعر اعتدال في هذا الديوان خال من الاساطير والرموز، شعر ليس عصيا على الفهم او التذوق، مباشر لا حجب فيه، يأتي الى القارئ كما تأتي الشمس، وكما يأتي القمر، الكل يراهما بوضوح تام، وهذا الرأي لا يعني انني مع او ضد الشعر المباشر انما يعني شيئا واحدا وهو انني اشخص شعر اعتدال بعيدا عن اية قناعات مسبقة، فقد حظي الاسلام بقصيدتين من اعتدال وهما الاولى بعنوان : يا فلول الغدر والثانية بعنوان : الاسراء في ذكرى اللقيا، وكذلك الوطن حظي منها بقصيدتين ايضا وهما الاولى بعنوان : فهد المعالي والثانية بعنوان : يا أهل هجر وهي خاصة بالوطن الصغير (الاحساء). وتتكرر تلك (الصيغة) الجميلة في معناها عند اعتدال الذكر الله وتخص طفلة تدعى حوراء بثلاث قصائد، الاولى بعنوان: حوراء يا فرصة العمر والثانية بعنوان: حوراء والثالثة بعنوان : حبيبتي الصغرى، واعني بلفظي (الصيغة) صيغة التكرار في الموضوع او المعنى ليأتي بعد المعنى الجميل للصيغة الحكم القبيح على اعتدال وهو شح الافكار لديها ونضوب الابتكار في المعاني وعدم الذكاء في اقتناص الموضوعات وفي عرض المخزون الشعري.. فاسلاميات اعتدال ووطنيات اعتدال واخوانيات اعتدال مقبولة ولكن تبقى غير مقبولة ولامستساغة اذا حدث الافراط فيها.. وكان من الممكن ان تفكر شاعرتنا الواعدة تفكيرا شعريا يمتاز بالكياسة ويحظى بالرضا من النقاد اذا هي افردت للاسلام ديوانا وافردت للوطن ديوانا آخر وللاخوانيات افردت او خصصت ديوانا ثالثا، وهذا الخطأ الفني او الغفلة الشعرية او غفلة اعتدال ناقضت ما جاء في بيانها الشعري الذي اعلنته في الصفحة الخامسة.. اذ انها لم تلتزم بما نص عليه بيانها العاطفي الذي اظهر هما خاصا فقد ولم يشتمل على مضامين اسلامية او وطنية او اخوانية. وقد عللت لها هذه الغفلة وقلت فيما سبق : انه يمكن ان يختبئ الهم العام داخل الهم الخاص او ان الهم الخاص مسيطر على الهم العام وهذا ما لم تحكه قصائد الديوان.. فهل جاء الترتيل جميلا ام نشازا ام مقبولا؟ أظنه جاء جميلا في قصائد ومقبولا في أخرى!! 6 محاكمة البيان الشعري لعديلة الهجرية: اعتادت المجموعات الادبية على اعلان بيانات قصصية او شعرية وفي النادر اعلان بيانات نقدية ، وقد سلك بعض الشعراء او القصاصين هذا المسلك الصعب، اذ لا بد من الالتزام الصارم من قبل الجماعة الادبية او الفرد بما جاء في البيان المؤرخ بتاريخ معين والموقع باسماء المبينين عن توجهاتهم الفكرية او اللغوية او الشعرية او السردية او النقدية، وبمراجعة القصائد التي حواها الديوان او التي تحدثت عن الهم الخاص للشاعرة اعتدال موسى الذكر الله نكتشف الآتي : ان الشاعرة لامست بيانها ملامسة البعيد، ولم تتشرب به قصائدها تشرب الاسفنجة بالماء، ان الملامسة جاءت كما الندى حين يسقط على اوراق الشجر في ساعات الصباح الاولى، اذ سرعان ما يزول اثره فلا تستفيد منه الورقة اذا اشرقت الشمس!! فالشاعرة صرحت في بيانها انها تعاني الغربة الروحية والاحزان والآلام والحسرات وحين جاء التطبيق في القصائد لم اعثر على اية غربة روحية او حزن او ألم او حسرة!! ، لقد عثرت على مسمياتها فقط اما الغربة الحقيقية الذائبة في الالفاظ والحزن الحقيقي الساري في جسد القصيدة من اولها الى آخرها والالم المدر لدموع القارئ والحسرة المفجعة التي تستوجب التعاطف مع الشاعرة والمشاركة الوجدانية فهي غير موجودة كلها!! ، فهل يعني حكمي ان الشاعرة لاتعاني من ذلك كله او انها تمارس كذبا شعريا على القارئ؟ قد تكون الشاعرة تعانيه فعلا ولكنها تخاف من البوح به او التصريح عنه، لكونها آتية من مجتمع فيه العادات والتقاليد تفعل فعل السيف في الرؤوس ، وفي هذه الحالة نغفر لها هذا الكذب الشعري، اما اذا كانت تجهل كيفية وجود الغربة والحزن والالم والحسرة في القصيدة، وكيفية توظيفها في صالح الشعر والشاعر فهذا ما لا نغفره أبدا ليس لها وحدها بل لكل شاعر وشاعرة. ولان الحق لابد ان يجهر به فاعتدال الذكر الله شاعرة موهوبة قادرة على الوصول بقصيدتها الى الحد الاعلى للابداع ولكنها خائفة جدا من ان تظهر ابداعها!! * (فنجان قهوة لمن أهوى) نموذج أعلى: اعلى قصائد الديوان جودة فنية تلك القصيدة المعنونة ب (فنجان قهوة لمن أهوى) ، فهي النموذج الشعري الوحيد في الديوان الذي خلا من خوف الشاعرة، ومن رقابتها الصارمة على مضامينها ومعانيها، هي النموذج الذي لم يحجبه حجاب العادة، او حجاب العادات والتقاليد، فقد تكون ادرجت ضمن قصائد الديوان سهوا، او قفزت على ذلك بتأثير سحر ساحر، وقد يكون هذا الساحر رغبة اعتدال في اختبار المجتمع المحافظ اختبارا صعبا، وذلك في اظهار مواجهة معه عتادها بارود قليل، او رغبة في دخول حرب مشروعة، وهي ان عاطفة الحب عاطفة سماوية نبيلة لا تردي فيها ولا وجود لوحل، وان الحب ملك مشاع للجميع وان الانبياء قد ابوا؟؟.. بهذه الرسالة وبرسالة اخرى مفادها: ان ما يقوله الشاعر او الشاعرة لا يعكس تجربة حقيقية عاشها او عاشتها. * فحولة أولى.. فحولة أخيرة : المعارضة الشعرية تعني الاتيان بقصيدة جديدة على نفس وزن وقافية القصيدة القديمة التي اختارها الشاعر لغرض المعارضة، وقد يلتزم الشاعر في قصيدته الجديدة بمضمون القصيدة الاقدم من حيث الولادة والتي قالها شاعر آخر وقد لا يفعل ذلك، والقصائد التي تعارض كثيرا من قبل الشعراء هي القصائد الاجمل في تاريخ الشعر العربي، ومعارضة الشعراء الفحول اثبات مهارة شعرية، وتسجيل حضور لفحولة جديدة بدأت تظهر في المشهد الشعري، ومع انه ليس الاول كالآخر وليس السابق كاللاحق الا انه يوجد في المعارضة جمال شعري ونبوءة بفحولة، ومقياس الجمال الشعري في المعارضة الشعرية الاضافة الى الابداع وليس المماثلة في الابداع ،و هذه الاخيرة قد تحدث ونعثر على نصين شعريين او قصيدتين شعريتين متشابهتين تماما، اما الاضافة الى الابداع فهي التي تضيف الى الشعر والى الشاعر اصواتا جديدة وبلاغة رحبة، مع العلم ان المعارضة ليست فنا سهلا ولا تتأتى لكل شاعر وشاعرة. وقد عارضت الشاعرة اعتدال الذكرالله قصيدتين اثنتين في ديوانها الاول تراتيل الروح، قصيدتان غير عاديتين، انهما مسجلتان في ذاكرة الشعر العربي، وفي سجله الذهبي باسمي فحلين عظيمين من فحول الشعر في عصرين مختلفين من اقوى عصور الشعر العربي. عارضت قصيدة أمرئ القيس (الجاهلي) التي مطلعها: ==1== قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل==0== ==0==بسقط اللوى بين الدخول فحومل==2== فقالت في الصفحات الاخيرة من الديوان: ==1== قفا نحك عن بلوى سقيم مكلل==0== ==0==بعشق الهوى بين النحول ومعول ودهر كنقع السم أهدى نواله==0== ==0==إلي بأرتال الشرور ليجتلي فقلت له لما تجلى بشره==0== ==0==وزاد بآهاتي وجاء بجحفل ألا أيها الدهر الثقيل ائت لي==0== ==0==بغيرك ما الأغيار منك بأفضل فيا لك من دهر كأن همومه==0== ==0==بكل صنوف الظلم شدت بأحبل==2== وعارضت قصيدة احمد بن الحسين المعروف بالمتنبي (العباسي) التي منها قوله: ==1== أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي==0== ==0==وأسمعت كلماتي من به صمم==2== فقالت في أول قصيدة لها في ديوانها والتي اختارت لها عنوان (هويتي): ==1== الهم والحزن والآهات تعرفني==0== ==0==والضيق والعسر والأنات والألم أنا التي نظمت آهاتي الكلم==0== ==0==وأنطقت حسراتي من به بكم==2== ورغم ان معارضة الشاعرة الشابة اعتدال الذكرالله للشاعرين الفحلين لم تأت بجديد ابداعي على مستوى المضمون الشعري (أي لم يضف اللاحق الى السابق شيئا) الا ان فعل المعارضة من الشاعرة بحد ذاته فعل ابداعي، فعل قوة وتحد واعلان تسجيل وحضور لفحولة شعرية لأمرأة قادمة بقوة الى المشهد الشعري في الاحساء، امرأة ارادت ان تبلغ الذكور من الشعراء انها عارضت اثنين من جنسهم، الجنس المهيمن على الابداع الشعري والمستحوذ عليه، وعليك ايها الشاعر الذكر ان تكشف سر هذا الترتيب الذي قصدت اليه الشاعرة، قصيدة معارضة في اول الديوان وقصيدة معارضة ثانية في آخر الديوان.