في أمسية مقر نقابة الصحفيين بالقاهرة اقامت رابطة الادب الحديث برئاسة د. محمد عبد المنعم خفاجي كان المتحدث الرئيسي فيها الاديب السعودي الشيخ محمد بن سعود الحمد الحائز على جائزة امير الشعراء العام الماضي رئيس رابطة (مفكرون بلا حدود) عضو اتحاد المؤرخين العرب، وله كتب ادبية، منها: هكذا علمتني الكتب، من روائع القصص، مختصر الكلام فيمن لقب بشيخ الاسلام، معاصرون منسيون، وكانت محاضرته بعنوان "الملك عبد العزيز ال سعود في وجدان شعراء مصر" وذلك تزامناً مع احتفالات المملكة باليوم الوطني. في البداية اشار د. محمد مصطفى سلام امين عام رابطة الادب الحديث إلى ان الملك عبد العزيز شيد بنيان المملكة على اساس من العدل واذا نظرنا في صفحات التاريخ نجد ان الروابط بين الشعبين السعودي والمصري متينة، وهي روابط الدين واللغة والتاريخ المشترك. وهذا البلدان اقرب إلى بعضهما البعض من أي بلاد اخرى، والسعودية لها مكانة في نفوس المصريين، ومصر لها مكانة في نفوس السعوديين واشار إلى ان الملك عبد العزيز عرف الله حق المعرفة وعدل بين الناس وامر بالمعروف واحس الناس بالامن والطمأنينة في عهده، - فجزاه الله خير الجزاء -. وارجو للمملكة كل تقدم وازدهار برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - ايده الله-. شخصية فذة واوضح الشيخ محمد بن سعود الحمد ان الملك عبد العزيز شخصية فذة عظيمة، واشار إلى ان الملك عبد العزيز زار مصر ايام الملك فاروق، وارسلت اليه باخرة المحروسة لتقله مع بعثة الشرف من جدة إلى مصر، وهذا من قمة الحفاوة، وكان المرافقون للملك عبد العزيز في رحلته في مصر من كبار رجال العائلة المالكة ومن كبار الادباء والساسة، وكان من المشاركين في معية الملك عبد العزيز الشاعر والاديب الكبير عباس محمود العقاد، الذي رافق الملك من جدة إلى مصر، ونظم على ظهر "المحروسة" قصيدة عصماء، جاء فيها: ==1== اسد العرين يخوض غيل الماء==0== ==0==يا بحر راضك قاهر الصحراء حياة باديها وحاضرها معاً==0== ==0==فاغنم تحية يومه الوضاء يوم من البشرى يردد ذكره==0== ==0==ركب السفين وجيرة البيداء عش "يا طويل العمر" عيش معمر==0== ==0==تحيا به امم من الاحياء==2== وقد خص العقاد الملك عبد العزيز قصيدة اخرى، وتخصيص الاديب العملاق قصيدتين في الملك المؤسس جاء على غير العادة من شاعر كبير عرف عنه الانفة والاعتزاز بالنفس وعدم مدح الملوك والزعماء، فالعقاد لم يمدح السلطان فؤاد او الملك فاروق او جمال عبد الناصر: وهذا يؤكد ان شخصية الملك المؤسس لم تكن عادية، وهو ما بلورته سيرته العطرة على جميع الاصعدة.. ومن الشعراء الآخرين الذين مدحوا الملك عبد العزيز اثناء زيارته لمصر عام 1946 اكثر من 40 شاعراً، منهم محمود حسن اسماعيل وصالح جودت وبيرم التونسي وعلي محمود طه ومصطفى حمام ومحمد الاسمر، وقصيدة صالح جودت غناها موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب. ولم يحدث ان احتفلت مصر بملك او رئيس دولة مثلما احتفت بزيارة الملك عبد العزيز. وفي كتابي "الملك عبد العزيز في وجدان شعراء مصر" جمعت فيه سبعين قصيدة، والكتاب سيصل إلى ثلاثمائة صفحة. زار مصر في تلك السنوات كثير من الرؤساء والساسة، فما نظم شعر في مدحهم، لكن مصر عن بكرة ابيها من ادباء وشعراء وساسة مدحت الملك عبد العزيز، حتى انه توجد لدي قصائد نظمها ضباط ومهندسون وائمة مساجد ومدرسون، فشتى طبقات المجتمع اجتمعت على اكرام هذا الوافد الجليل. واوضح ان السعودية اثناء زيارة الملك عبد العزيز لمصر كانت في بدايات النهضة النفطية، ولم تكن هناك جامعات في السعودية، فلم يمدحوا الملك عبد العزيز تزلفاً للبترول او تقرباً من الذهب او بأمر سام ملكي، انما لان الملك عبد العزيز يحب مصر فأحبه اهل مصر، وأحبه اهل مصر فأحبهم، وذلك لانه رفع راية "لا اله الا الله محمد رسول الله". وقال الحمد: كنا في حالة من التفرق، وجاءنا الله بهذا الرجل موحد هذه البلاد الصغيرة بستين رجلاً، لان الله سبحانه وتعالى كان ناصره، فلم يكن معه مصباح علاء الدين او كان ساحراً، وانما كانت اول راية رفعها راية "لا اله الا الله محمد رسول الله" واقام العدل، ولما احس بدنو اجله علق مرسوماً - عندما قرأته بكيت - على الكعبة وعلى باب المسجد النبوي الشريف، وكان هذا عام 1372 ه، وعنوانه "ألا قد بلغت اللهم فاشهد" وجاء فيه: من عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود إلى شعب الجزيرة العربية.. على كل فرد من رعيتنا يحس ان ظلماً وقع عليه ان يتقدم الينا بالشكوى، وعلى كل من يتقدم بالشكوى ان يبعث بها بطريق البرق او البريد المجاني على نفقتنا، وعلى كل موظف في البريد او البرق ان يتقبل الشكاوى من رعيتنا، ولو كانت موجهة ضد اولادي او احفادي او اهل بيتي على السواء، وليعلم كل موظف يحاول ان يثني احد افراد الرعية عن تقديم شكواه مهما تكن قيمتها او حاول التأثير عليه ليخفف من لهجتها اننا سنوقع عليه العقاب الشديد، ثم ختم هذا المرسوم الملكي بقوله: "لا اريد ان اسمع عن مظلوم ولا اريد ان يحملني الله وزر ظلم احد او عدم نجدة مظلوم او استخلاص حق مهضوم".. وهذه سطور من نور، وهي تدل على العدل، ولم تكن بين الملك عبد العزيز وشعبه أي تكاليف.