اللوم على هؤلاء في بادي الأمر زرنا مدينة القطيف وتجولنا في إرجائها ودخلنا مركز لبيع المواد الغذائية والتقينا بالأخ سعيد العوامي وتحدث عن تجربته في هذا المجال فقال : أنا اعمل في بيع المواد الغذائية منذ أكثر من 35 سنة ، ولكن في الآونة الأخيرة اصبح المردود المادي للمحل التجاري لايتناسب مع المصروفات الثقيلة من كهرباء وإيجار ورواتب عمال ورسوم بلدية وسجل تجاري ووو...... وكل ذلك لايتناسب مع الربح الذي اخرج به من المحل ، وفي السنتين الأخيرتين وبتطبيق ما يسمى بنظام السعودة على محلاتنا خضت تجربة الشراكة مع أحد المواطنين هو بالعمل وأنا بالمحل وفي نهاية الشهر تجد أن الربح لايتعدى 500ريال أو اقل ويقسم مناصفة بيننا فهل هذا يكفي بعد عناء شهر بأكمله ، ثم أخذنا للشارع المقابل وقال انظر هناك بقالة صغيرة يمتلكها عامل من الجنسية الهندية دخلها الشهري أضعاف مايدخله محلي الكبير هذا !!! فإذا كنت تبحث عن السبب فيرجع الى ضعفاء النفوس من المواطنين الذين هم وراء كل ذلك فيكفلون هؤلاء العمالة بمبلغ لايتعدى 400شهرياً ويتركونهم يتحكمون في أرزاق العباد ، ثم استطرق قائلاً : لو يدفع لي ذلك العامل 2000 ريال شهرياً لما كفلته بتلك الطريقة ، وإذا أردنا أن نعالج هذه المشكلة فعلى مراقبي البلديات أن يسعوا لمحاربة وملاحقة المتواطئين مع العمالة الأجنبية والذين يسعون لكسب مصالحهم دون الالتفات لمصالح العامة 0 باب الرزق الوحيد في بقالة صغيرة يجلس شاب في العشرينات من العمر اسمه حسين الشريف من بلدة البحاري الذي تحدث عن تجربته في هذا المجال : أنا طالب انتمي إلى أسرة ولكني ابحث عن باب رزق لي ففتحت هذا البقالة اعمل فيها مع ابن أخي وأتناوب معه في الدوام ، فادرس ليلاً واعمل نهاراً !! ، ولكن مايجعل العمالة الوافدة تمتلك مثل هذه المحلات هو المواطن نفسه فلولا تشجيعه لهؤلاء العمالة لما اشترى منه أحد بالرغم أننا نبيع بسعر مماثل أو اقل منه ولكن لاحياة لمن تنادي ، وهذا ماذهب إليه الشاب علي المطوع الذي يعمل في محل صغير لبيع المواد الغذائية بأجر شهري عند صاحب المحل 0 وفي مركز لبيع المواد الغذائية ببلدة القديح وكان المحل عامراً بالمشترين التقينا بالأخ أبو محمد الذي قال : أنا اعمل منذ صغري بهذه المهنة وهو الدخل الوحيد لدي والحمد لله سنوات الخبرة في هذا المجال تؤهلني كيف أتعامل مع السوق وظروفه أما إن كنت تسأل عن البقالات السائبة بعمالة أجنبية فحدث ولا حرج 0 عمال سعوديون ودخلنا محل لبيع المواد الغذائية ببلدة القديح يمتلكه عبدالله مكي عبد الحي وكان منهمكا بمحاسبة الزبائن فأخذنا جولة داخل المحل ريثما يتفرغ لمحادثتنا فوجدنا عمالاً لكن بجنسية محببة إلينا أنهم سعوديين ، فانتبه إلينا صاحب المحل وقال : كل عمال المحل من بلدتي وهم أربعة شباب بحاجة إلى باب رزق وبيت ومنزل وزواج فلم أستعن بعمالة أجنبية أليس أهل بلدي أولى بذلك كله ، فنحن الذين شجعنا العمالة الوافدة ، وملكناهم أرزاقنا وصرنا نتشكى منهم بعد أن وعينا لخطرهم على بلادنا وأرزاقنا ولكن بعد فوات الاوان. طلب الرزق ليس بمنقصة التقينا بعبد العزيز المبارك من بلدة الأوجام وهو خريج جامعي لم يتسنى له الحصول على وظيفة يقول عن هذه التجربة : بعد تخرجي من الجامعة لم أجد وظيفة بسبب الوضع الراهن ، ومنذ مدة طبق نظام السعودة على المحلات فعرض العامل محله للبيع فقررت أنا وأخواني شراءه ، وها أنا اعمل اكثر من سنة في هذا البقالة ، والحمد لله ألقى قبولاً وتشجيعاً كبيراً من الأهالي ، والمشكلة في نظره الازدراء والمنقصة التي لازال يحملها الكثيرون لمن يعمل في مثل هذه الأماكن ولكن المنقصة في نظري أن تمد يديك وتطلب مساعدة الآخرين وأنت قادر على طلب الرزق0 الكل يطلب بيعاً بالدين طاهر الجساس من بلدة الخويلدية تحدث بدوره عن هذه الحالة فقال : لاتخرج ظاهرة تملك الأجانب لمثل هذه المحلات عن أسباب معروفة لدى الجميع ولكن السبب الرئيسي هو تشجيع الأهالي للعمالة فيشتري من الأجنبي ويترك ابن البلد بحجة واهية وهي أن ذلك يبيع بالدين والآخر يبيع بالنقد ، ولكنه استطرق قائلاً : كيف أبيع بالدين وماهو المردود الذي سأجنيه إذا بقي الدين لعدة شهور ولم يسدد وأنا بحاجة إلى جلب بضاعة جديدة للمحل ، ودفع الأموال المترتبة للمموليين وأصحاب الشركات والمصانع ، أما العامل الأجنبي لايهمه ذلك فإنه إذا خرج بربح بأكثر من الراتب العادي الذي يتقاضاه لوكان عاملاً في المحل فهو جل مايتمناه ، وكانت الصورة التي تكلم عنها الجساس مرتسمة على الواقع عندما دخلنا محل الأخ أبو علي الذي كان محله أشبه بالخالي عدا بعض البضائع الخفيفة فلما تحدثنا معه عن ماجئنا إليه مد يده إلى دفتر بجانبه وقال : كيف لي أن استمر في هذا المجال والديون تملأ هذا الدفتر ولم يسدد لي أحد ريالاً واحداً ، الناس تريد حاجتهم ولكن إذا جاء موعد السداد قال لك الشهر القادم حتى صارت شهور ، فماذا افعل إذا كان هذا باب رزقي الوحيد !! نظرة المواطن لم تتغير في بقالة صغيرة بالكاد تخلو إلا من بضاعة خفيفة يجلس فيها علي مهدي الناصر من الأوجام يقول : خضت هذه التجربة قبل حصولي على وظيفة ، وبعد سنوات من خوض هذه التجربة ، لم يتغير شئ فنظرة الناس هي هي لم تتغير شئ عن العمالة فابن البلد هو سبب ذلك ، هذه البقالة أمامك لاتجد فيها إلا بعض الحاجات الأساسية بسبب الديون المترتبة عليّ فلولا هذه الدين لكان باستطاعتي أن أومن بضاعة ضخمة ولكن ماذا نفعل والكل يشجع العمالة بطريقته ويترك ابن بلده فأي مصلحة يجنيها من تخاذله معهم. مندوبو الشركات والمصانع شجعوا العمالة تحدث عبدالله السماك الذي يمتلك محلاً لبيع المواد الغذائية في بلدة الجارودية والذي أوكل لأخيه إدارته قال : هناك سبب غاب عن أذهان الكثيرين ، فتلاحظ أن الكثير من المحلات التي تمتلكها عمالة أجنبية يبيعون بأسعار اقل من أسعار محلات نمتلكها والسبب في ذلك هم مندوبو الشركات والمصانع فمعظمهم من جنسيات أجنبية يعرضون بضاعتهم على المحلات التي يختارونها وبالطبع محلات يملكها أجانب مثلهم ، واكثر من ذلك أن هؤلاء المندوبين يبيعون البضائع على تلك المحلات بفواتير مؤجلة لحين بيعها ، وفي المقابل ما إن يصل المندوب إلى محلاتنا حتى يقول أن البضاعة نفذت أو ادفع نقداً لكي أزودك ببضاعة ، والأدهى من ذلك إذا طرحت تلك المصانع والشركات تخفيضات أو عروضاً على بضائعها كان المستفيد من ذلك كله هو الأجنبي ، وعندما تسأل المندوب عن تلك العروض قال أنها غير صحيحة أو انتهت مدة العرض عليها ، وعندما تلجأ لمسؤول الشركة أو المصنع لكي تشكو أليه ذلك تتفاجأ أن المسئول من جنسية ذلك المندوب أو من المتواطئين معه ، وهذا يبدوا جلياً مع معاناتنا اليومية والمتكررة مع مندوبي مصانع الألبان ، فكيف للأهالي أن يقارنونني بالعامل الأجنبي وهذا وضعنا نحن السعوديين .وظيفة على الطريقة الهندية واستوقفنا أحد المارة عندما هممنا بدخول أحد المحلات وسألنا عن مرادنا فقال : أتعرف أي حقيقة يخفيها هذا العامل فمنذ أن علم بنظام السعودة في وقت سابق حتى سارع إلى توظيف أحد الشباب الصغار السن والمحتاجين مادياً لكي يجلس بالمحل لبضع ساعات كواجهة فقط ولما أحس بعدم وجود أي رقابة على تطبيق النظام الجديد حتى ركن ذاك الشاب خارجاً فكانت حقاً وظيفة على الطريقة الهندية. المعادلة مغلوطة عند الأغلب التقينا بأحد التجار المعروفين في منطقة القطيف ودار الحديث حول ذلك فقال : أن الأكثر والأغلب من الناس يظن أن هذه العمالة التي تنتشر هنا وهناك لايملكون تفكيراً تجارياً صحيحاً ، ولكن الأصح أن تقلب طرفا المعادلة وتكون المعادلة صحيحة وواقعية ويمكننا بعد ذلك أن نحل المعادلة ونجد الطرف المجهول فيها ، واعتقد انك تعرف ذلك المجهول وهو سر هذه العمالة فهي تفكر بعقول مستقبلية حتى باتوا يتحكمون في قوت يومنا. عامل يملك عشرات من البقالات والمحلات في تجوالنا في إحدى قرى منطقة القطيف لما عرف أحد المواطنين بوجودنا اصطحبنا إلى محلات وبقالات ثم أشار إلى محل ومحلين وثلاثة ثم قال هناك محلات ببلدة كذا ومحلان ببلدة كذا ومحل بلدةكذا و...... وكل ذلك اتعرف لمن لعامل هندي ، ثم قال : وأزيدك من الشعر بيتاً أن هذا العامل استقدم اكثر أقاربه من الهند للعمل في هذه المحلات - طبعاً بمساعدة الكفيل المحترم واصبح هو المدير لكل هذه المحلات وتعرف من الذي ساعده على ذلك؟ ذاك الكفيل وذاك من ملكه وذاك من استتر عليه ، وبعد ذلك نقف ونصيح : من ملكهم وجلبهم إلينا 0 محلات عمالة تمول أحياء بأكملها استوقفنا مركز لبيع المواد الغذائية بحي التركية بالقطيف مكتظ بالزبائن وما أن دخلنا المحل حتى وجدنا عاملاً من الجنسية الهندية يديره فسألنا أحد الزبائن عن المحل فقال : هذا المحل يملكه هذا العامل ويمول هذا المحل معظم هذا الحي !! وكان هذا الحال في أحياء عديدة زرناها تحكي نفس المنوال ، وفي بلدة من قرى القطيف وفي ركن من زوايا إحدى البيوت توجد بقالة صغيرة يملكها أحد الهنود وبجانبها مجمع لإحدى المؤسسات يربو عدد العاملين بذلك السكن إلى اكثر من 700 عامل يشترون بضائعهم واحتياجاتهم اليومية منها ، فلنفترض جدلاً أن مرتادي هذه البقالة نصف عددهم وان معدل شراء كل واحد منهم 3 ريالات فكم من المبالغ التي سيجنيها ذلك العامل بالبقالة في اليوم والشهر والسنة ، مبالغ لايحلم بها حتى موظف حكومي بالمرتبة العاشرة والبقية تأتي. ملايين الريالات في الدراسة الميدانية التي قمنا بها وجدنا 91% من البقالات ومحلات بيع المواد الغذائية في منطقة القطيف تمتلكها عمالة أجنبية ، وهذا الحال في منطقة واحدة بها المئات الآلاف من المحلات تدر الأموال الطائلة على العمالة الأجنبية فما حال مناطق عديدة في بلادنا وماقدر الأموال التي يمكن تخيلها والتي تصل إلى الملايين يحولها تلك العمالة إلى دولهم وبلدانهم ، وهي في الأصل أموال كان من المفترض أن تكون لنا . منطق ضعفاء النفوس وجدنا في أحد المحلات أحد الأشخاص ممن يعرفون بكفلاء الظل ، وبعد إصرار منا على مناقشته رد علينا بقوله : أنا واحد من المئات المنتفعين من هذه الطريقة ، وبصراحة اعرف أنني اضر بمصالح الآخرين بشكل و بآخر ولكن مابيد حيله ، فمن يرمي أموال تأتي إليه بدون عناء وتعب فذلك المغفل بعينه ، فذكرني هذا الموقف بالقول الذي يردده ضعفاء النفوس : إذا لم اسرق أنا يأتي غيري ويسرق 0 من هنا وهناك سألنا عدد من المترددين على تلك المحلات عن سبب هذه المشكلة في مجتمعاتنا فأجاب بحرقه : الداء فينا ولانشعر به فالمشكلة في عقولنا وتفكيرنا فلو افترضنا أن هناك مستفيدين من هذه العمالة إلا أستطيع أنا وأنت أن نتجنب محلات الأجانب ، وهل سيظل المحل مفتوحاً إذا لم يجد زبائن يرتادونه. وفي جانب آخر يقول الحاج أبو علي : خير الناس انفعهم للناس ، وآخر يقول : أريد حاجتي ولايهمني من أي محل كان ، وأضاف أحدهم : أنا اشتري مئونتي المنزلية من المحلات والمراكز الضخمة التي انتشرت في منطقتنا أما إذا نقصني شئ فالجأ إلى اقرب محل قرب منزلي بغض النظر عن مالكه. السعودة على الطريقة الأجنبية يظن البعض أن هذه المشكلة مشكلة اعتيادية يمكن التغاضي عنها مع وجود مجالات ومشاريع ومصانع استطاعت العمالة أن تبسط سيطرتها عليها والتي تكلف الدولة مليارات الريالات من اقتصادها ، ولسنا هنا لنقيم الأمور بل لننظر بواقعية اكثر فنقول : تلك المشاريع التي استطاعت العمالة السيطرة عليها والتي ترجع اغلبها لأفراد أو أصحاب رؤوس أموال تجمعهم مصلحة مشتركة فيما بينهم وفي المقابل هذه المحلات والبقالات التي تنتشر هنا وهناك وقف مجتمع بأكمله يشجع ويدعم تلك العمالة مابين موظف وكفيل ومؤجر وتاجر ومشتر ومتواطئ وبالطبع لابد أن أكون أنا وأنت أحد هؤلاء ، فلو نظر أحدنا بنظرة فاحصة للأمور ، وجعل نصب عينيه مصلحة مجتمعه وبلده لما اكتملت الحلقة التي استخدمتها العمالة لخنق اقتصادنا ومصالحنا ثم نقف ونردد : أن الدولة هي المسئولة عن ذلك وتغاضينا عن دورنا الأكبر ، وكأن حال ألسن تلك العمالة تردد : هذه سعودة ولكن بطريقتنا وانتظروا باقي مشاريعنا للسعودة . بقالة صغيرة لا أحد يدخلها العمل الشريف افضل من التسول