صدق أو لا تصدق خمسة آلاف بقالة منتشرة في أحياء وشوارع وأزقة مدينة جدة المترامية الاطراف لا يعمل فيها "سعودي واحد" كل هذه البقالات والكافتيريات ومحال الوجبات السريعة وباعة الشاورما والفول والطعمية يديرها الأخوة الوافدون .. والبقالات بالذات تخصص فيها وافدون من جنسية آسيوية واحدة وبرعوا فيها لدجة أن كل بقالة تبدأ "صغيرة وتتوسع" وتصبح شبه سوبر ماركت صغير كل هذه البقالات تعمل تحت سمع وبصر الجهات المعنية وجميعها تعلق "لافتة" في واجهة المحل تحمل اسماً سعودياً صاحب الرخصة .. وكأن هذه اللافتة "جزء من ديكور البقالة أو المحل الصغير" الوافدون لهم الإدارة ورأس المال الذي يتم تدويره بسرعة والسعودي يكتفي "بالمعلوم المتفق عليه" شهرياً أو سنوياً. أين دور الغرف التجارية في القضاء على هذه الظاهرة.. وأين الشباب السعودي للعمل في هذه المشروعات الصغيرة .. هذا هو موضوع التحقيق الذي ننشره اليوم. وفي بادرة جديدة أخذ بها وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين دشن أول محل تجاري تحت اسم "ركن اليوم" في محاولة جادة لبدء توطين العمل في البقالات في المملكة والمشروع الذي بدأ بتمويل من احدى صناديق الخير الاجتماعي.. البقالة اختير أحد الشباب السعوديين للعمل بها ودعمته احدى المؤسسات الوطنية الكبيرة وسوق كبير في الرياض. الوزير الذي افتتح هذا المشروع الصغير اشار إلى أنه موجه للشباب السعودي لايجاد فرصة عمل جادة لتوطين البقالات مؤكداً أن هذا المشروع يوفر فرصة عمل حقيقية وليست هامشية للشباب السعودي مشيراً إلى توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حريصون جميعا ودوما في أن تكون لشبابنا الأولوية في الاستفادة من فرص العمل المتوفرة في سوق العمل بالمملكة مشيراً إلى أن الصندوق الخيري الاجتماعي سيقدم تمويلا يصل إلى "250 ألف ريال" وهو مبلغ جيد لبداية مشروع قابل للبقاء والاستمرار.. وأن هذا المشروع واعد وليس له نهاية وأن البداية كانت من الرياض ولكنه سينطلق للمناطق الأخرى. التستر التجاري عندما عرضت مشكلة العمل في البقالات الصغيرة على رجل الأعمال المعروف مصطفى فؤاد على رضا لأتعرف على وجهة نظره تحدث بصراحة كاملة وقال هذا نوع من انواع "التستر التجاري" نشهده في كافة المدن الكبرى بالمملكة ومن بينها جدة ومكة المكرمةوالرياض وللأسف الشديد الشاب السعودي امتنع عن العمل في تلك "البقالات" واستهوى الكسل وجعل الوقت الأكبر من حياته للهو والمتعة والسهر وأصبح "الأجنبي" مصدراً لرزقه وللأسف الشديد هذه ثقافة مجتمع تحتاج إلى تغيير وهو يكتفي بما يحصل عليه من الوافد الذي يدير المحل تحت اسمه ويكتفي بالحصول منه كل شهر على ألف أو ألفين أو ثلاثة آلاف ريال ويترك الغنيمة لمن يدير المحل، والحقيقة أن هذا الموضوع يحتاج لعلاجه تدخل حكومي يمنع البيع في هذه البقالات أو الكافتيريات إلا "للسعودي" وتدخل الدولة بصورة مباشرة في هذا الموضوع سيحد من هذه الظاهرة التي تنتشر وتزيد يوما بعد يوم لأن بعض ذوي النفوس الضعيفة في هذه "البقالات" سوف يلجأون إلى بيع مواد منتهية الصلاحية أو العاب اطفال "مسرطنة" لمحاولة تحقيق أكبر دخل ممكن، تدخل الدولة مهم.. ولكن الحقيقة أن تدخل الدولة ليس في مصلحة بعض المستفيدين من وراء وجود هذه الظاهرة الملفتة.. الموضوع يجب أن يناقش على اوسع مدى بتدخل من الغرفة التجارية والاستقدام ومكاتب العمل كل هذه الأجهزة لها دور يجب القيام به وأيضا مؤسسات العمل المدني والمدرسة والجامعة يجب أن تتكاتف جميعها لغرس "حب العمل المهني" لدى الشباب الذي يجلس حتى الرابعة فجرا أمام الفضائيات مطلوب تغيير ثقافة المجتمع وهذا هو الحل في رأيي رغم أنه قاس إلا أنه هو الحل المطلوب. بين الإعلان والتمويه حاولت أن استطلع رأياً شبابياً من رجل أعمال سعودي شاب يعمل فعلاً في العمل التجاري كيف ينظر لهذه الظاهرة يقول الشاب فيصل بن أحمد الحمدان: هذا الموضوع هو نوع من التستر التجاري الواضح وهي تتم وتمضي قدما بمباركة الافراد والشعب السعودي وهناك البعض للاسف الشديد ينتقد هذه الظاهرة "في العلن" ومن "فوق الطاولة" وهو نفسه يمارسها من تحت الطاولة. وهذه الظاهرة التي نلحظها في مدينة جدة على وجه الخصوص من الناحية الشرعية تستنزف موارد البلد فنحن نشاهد الكثير من المواطنين السعوديين يكتفي بأن يكون "كفيل" أمام الجوازات ويأخذ مقابل لذلك "وبدون عمل" لأنه لا يريد أن يعمل حتى لو كان في مشروع صغير يتحقق فيه البيع السريع غير المكلف فنجده يترك رخصة المحل لبعض الوافدين يتصرفون فيها كما يريدون لدرجة أن البعض منهم قد يتاجر في البضائع غير الصالحة أو اسعارها "نازلة" في السوق فهو يستحوذ عليها ويبيعها بسعر عال ويتعامل في هذا الموضوع مع أناس من نفس جنسيته ويصبح دور المواطن صفرا فهم اذا عرفوا أن منتجاً ما سوف تنتهي صلاحيته بعد مدة شهر فإنهم يشترون هذا المنتج بسرعة ويبيعونه بسعر عال وتكون ارباحهم في هذا الصدد مضاعفة ونرى أن اصحاب البقالات الصغير بعد فترة من الزمن قد يحولونها إلى "هيبر" وهناك مثال آخر وهو عمل الشاب السعودي في سوق الخضار هذا الموضوع يتم "بشكل صوري" ومراقبو البلدية هم من السعوديين ولكن سعودة سوق الخضار وهمية ومن يبيع في سوق الخضار والفاكهة هم من الأخوة الوافدين وكل من يبيع في الحراج هم غير سعوديين أما السعودي فهو في الواقع "البائع الصوري" وهو من يلبس الغترة والشماغ وأما البائع الحقيقي فهو "الوافد" الذي يبيع ويشتري ويحقق ارباحاً طائلة من وراء ذلك. البطالة المقنعة حاولنا معرفة الرأي الاكاديمي حول هذه القضية المطروحة للنقاش وكان الحوار مع الدكتور علي بن حسين القحطاني من قسم ادارة الأعمال وادارة الموارد البشرية بجامعة الملك عبدالعزيز.وقال على الفور هذه مشكلة حقيقية فالسعودي يعمل من تحت الباب وتبرز لنا مشكلة "البطالة المقنعة" وهو نوع من المسرح المفتوح، والممثلون العاملون فوق المسرح هم الاخوة البنغالة واسماء السعوديين هدية منا للاخوة الوافدين العاملين في مجال البقالات الصغيرة والكافتيريات والمحال الصغيرة التي لا يعمل فيها سعودي واحد.. وبما اننا سمحنا باسمائنا لكي يستخدمها الاخوة الوافدون ومنحناهم "السجل التجاري" الخاص بنا فنحن نلاحظ ان العمالة الوافدة وجدت ضالتها في هذا المحور الاساسي.. ويطرح الدكتور علي القحطاني طرقاً لحل هذه المشكلة وهي تحقيق التعاون والتنسيق بين ثلاث جهات وهي العمل والعمال والشؤون الاجتماعية والغرف التجارية على ان يتم تفعيل نظام المؤسسات الصغيرة، وتأكيد دور هذه المؤسسات الصغيرة حتى يكون لها نصيب في الخصخصة تحت مظلة المؤسسات الصغيرة ولا بد من وضع آلية تحفز الشباب ونضع لها رؤية واضحة ليكون (شريكاً في هذا العمل) وقد اخذت اليابان في نهضتها بأسلوب ان كل عامل يمتلك اسهماً في مؤسسته ليصبح شريكا بدلا من يظل عاملا وهذا ادى الى نجاح هذا الاسلوب في المؤسسات الصغيرة وتطبيقها لانها ستوفر فرصة ممتازة للشباب لكي يمتلك متجرة. قانون ملزم للجميع نقلت الفكرة لواحد من رجال الاعمال الناجحين معروف عنه الصراحة والشفافية في الآراء التي يطرحها الاستاذ جميل فارسي رئيس لجنة الذهب والمجوهرات في غرفة جدة لنعرف وجهة نظره حول هذا الموضوع الذي تطرحه (البلاد) للنقاش فقال على الفور لا تقوم الدول الا على القانون الملزم للجميع، انما الاختلافات فهي في العلاقات الاسرية للشخص ولكن علاقات المجتمع يجب ان تحكم بالقانون فلا يكفي ان نطالب بالالتزام بالنظام كمحبين للنظام.. فاذا اراد المشروع خلق فرص العمل الحقيقية للشباب السعودي فعليه ان يضع آلية تفتيش حقيقية تجبر بعض القطاعات على ان تكون نسبة السعودة (مائة بالمائة) او (خمسين بالمائة) او اي نسبة يحددها النظام وقوانين العمل، اما ترك الحبل على الغارب فإنه يخلق ايرادات لبعض المتسترين وفي نفس الوقت يقطع الطريق على الشباب السعودي الباحثين عن عمل. ويضيف الاستاذ جميل فارسي قائلا: ان ما لدى الدولة من مال كاف والحمد لله وهذا يدفعنا الى اعطاء الشباب ليس فقط فرص عمل بل ايضا رأسمال مناسب ليبدأ الشباب السعودي مشروعه الصغير الذي استولى عليه "الوافد البنجلاديشي". فرص عمل الشباب السعودي اما سيدة الاعمال الاستاذة رانيا شاكر فتطرح وجهة نظر خاصة في هذا الموضوع وتقول: الحقيقة ان الكثير من الشباب السعودي لا يسعى الى اكتشاف الخبرة ونجد ان الكثير من الشباب ليس لديه خبرة في العمل الحرفي الميداني وانه لا يرضى بالعمل في بداية حياته بمرتب معقول يبدأ من 2500 الى ثلاثة الاف ريال وهو يحتاج الى راتب اربعة او خمسة آلاف ريال وبالتالي نجد ان العامل الوافد وجد فرصته للعمل والتي رفضها الشاب السعودي المطلوب من شبابنا بدء العمل في هذه الفرص المتاحة امامه والتي يقبل عليها الوافدون وتدر عليهم ارباحا جيدة. وتضيف الاستاذة رانيا شاكر:ان صندوق التنمية البشرية يساهم بنصف الراتب في حالة تشغيل الشاب السعودي ولكن للاسف الاجراءات طويلة ومعقدة والمطلوب اختصار هذه الاجراءات خاصة انه يدفع الى سوق العمل بشباب ليس لديهم الخبرة الكافية واقترح انشاء مراكز تدريب بعد الثانوية العامة لتدريب الشباب على المهن التي يحتاجها سوق العمل حتى يتم الاقبال على تشغيل الشباب السعودي في المؤسسات الصغيرة بصورة افضل مما هي عليه الآن كما ان الغرف التجارية يمكن ان تلعب دورا مهما في هذا المجال. تستر تجاري طرحت الموضوع برمته والمرئيات التي خرجت بها على واحد من رجال الاعمال المعروفين والذي وقام بالعمل لفترة كرئيس لغرفة جدة وكان شغله الشاغل في تلك الفترة التي تابعتها عن قرب (المؤسسات الصغيرة) وهو الاستاذ صالح التركي لاعرف ماذا يقول عن هذه القضية المطروحة للحوار فقال لي مباشرة: (معظم البقالات الصغيرة في جدة تعمل تحت نوع من التستر التجاري وبالتالي هذه البقالات الصغيرة تؤثر على سير الاقتصاد الوطني في مدينة جدة وهو يسحب سوق التجزئة من تحت بساط السعودة وتركها ليعمل فيها الوافدون ومعظم البقالات في جدة تعمل بصفة عامة تحت نوع من التستر التجاري.. وهو اكبر ضرر يصيب الاقتصاد المحلي.. وفي رأيي ان من الحلول المقترحة وهو موجود لدى امانة مدينة جدة والمهندس عادل فقيه ان يفعل النظام الالكتروني الجغرافي ويضع مجموعات من المنافذ ويفرض على البقالات واغلبها يعمل بدون ترخيص ان تشغل شباباً سعوديين والمطلب العاجل هو تقسيم مدينة جدة لامكانية منح تراخيص لهذه البقالات تخضع لاشراف مباشر من الامانة ويتم مراقبة وتشغيل العاملين فيها وتقسيم الGIS وهو برنامج المعلومات الجغرافية ويهدف الى تقسيم جدة الى عدة مناطق وكل منطقة لها جهة اشرافية وبالتالي حق منح التراخص لكل المجالات فاذا نظمت الامور وتم تحديد الموقع تفتح البقالة ويتم التحكم في كل العمالة داخل المحل وتحديد ساعات العمل وحجم وسعة المحل ولقد بذلنا جهودا لتنظيم هذا الموضوع وكنا نعمل كفريق عمل وباتفاق مع مكتب العمل والشرطة لتحديد ساعات العمل وقد بدأت العمل في هذا الموضوع قبل ثلاث سنوات والحقيقة انه موضوع خطير يستحق الدراسة واتخاذ الخطوات العملية فيه. رأي قانوني كان لا بد لنا في النهاية ان نستمع الى رأي قانوني في هذه القضية المطروحة لنتعرف على رأي المحامي المعروف خالد ابو راشد الذي يقول: انني اتمنى القضاء على هذه الظاهرة سواء كانت قانونية بمعنى ان البقالة يملكها (سعودي) ويعمل فيها (غير سعودي) لان اولاد البلد اولى بهذا العمل الذي كان يعمل فيه اباؤنا واجدادنا من قبل واما اذا كانت (البقالة) يملكها مخالف (غير قانوني) فيجب تطبيق العقوبات عليه والنظام نص على العديد من العقوبات منها شطب السجل التجاري والسجن والغرامة في حالة (ثبوت التستر التجاري) وهي ظاهرة سلبية في كلا الحالتين. والحلول كثيرة منها تكثيف الجولات التفتيشية (والعمل على سعودة البقالات تدريجيا) مثل ما حدث في سعودة محال الذهب والمجوهرات بحيث يكون في كل محل (سعودي واحد) على الاقل والامل معقود على مكتب العمل ووزارة التجارة والغرف التجارية في هذا الصدد.