هناك قاسم مشترك بين اسرائيل ومرض الايدز هو ان كليهما يحظى بدعم امريكي خالص رغم ان العالم يرى خلاف ذلك! الموضوع الاسرائيلي يعرفه القارىء ويعرف مسبباته، اما عن المرض الفتاك الذي يحصد ارواح الملايين خصوصا في افريقيا، فامريكا تساند شركاتها الكبرى المتخصصة في الصناعات الدوائية بتقديم كافة اشكال الحماية الضرورية لمنع تقليد ادويتها من قبل الدول النامية بهدف بيعها باسعار زهيدة للفقراء المصابين هم او اي من افراد عائلاتهم او مواليدهم بمرض الايدز. امريكا تتفاوض وحدها امام دول العالم اجمع في جنيف هذه الايام بشأن امكانية منح او منع حق استيراد ادوية رخيصة او تصنيعها في الدول النامية لمكافحة مرض الايدز وامراض فتاكة اخرى كالملاريا وغيرها، هذه المفاوضات ألغيت العام الماضي بعد رفض امريكي قاطع، وتستأنف هذا الاسبوع للاستماع لاستجداءات العالم النامي الذي يعقد الامل على مشروع تقدمه سنغافورة لمشروع حل وسط ومقنع للولايات المتحدة. منظمة "اطباء بلا حدود" تحذر في الوقت نفسه من ان اسعار الادوية في الدول النامية باهظة وبخاصة ادوية علاج الايدز، وان النتيجة المباشرة لذلك ان الناس في الدول النامية لا يستطيعون تحمل تكلفة انقاذ ارواحهم. نفهم منطق قوانين حماية براءات الاختراع ونتفهم اغراضها، لكن الامر اليوم متعلق بحياة الملايين من البشر الفقراء المعدمين، الذين تعدهم امريكا اما زبائن محتملين لمنتجات شركاتها العملاقة، او مرتزقة سيجنون ارباحا طائلة من وراء التقليد، فالولايات المتحدة تدعي ان منح التراخيص قد يتم استغلاله لتحقيق مصالح تجارية للدول الفقيرة، من بينها امكانية تصدير الدواء من الدول الفقيرة الى الدول الغنية. اليوم هناك اكثر من 38 مليون مصاب بالإيدز ينتظرون ان تنجح دول العالم في اقناع امريكا بالموافقة على الاستجداء خصوصا ان 1 بالمائة فقط من المصابين بهذا المرض يحصلون على علاج للفيروس بسبب الاسعار. ان امريكا تصر على تطبيق معاييرها المزدوجة في كل مرة، خصوصا فيما يتعلق بالعدالة التي تتشدق بها، وهي اليوم تطبق منطقا سقيما جديدا يدعو الى التخلي عمن لا يستطيع الانفاق على الدواء حتى يموت!.