ظاهرة ملفتة للنظر انتشرت في الفترة الاخيرة بمدينة الرياض وهي كثرة الباعة المتجولين على ارصفة الطرق السريعة.. فيوما بعد يوم يزداد عددهم مما اربك الكثيرين من اصحاب المحلات النظاميين وحرمهم من الزبائن الذين يجرون وراء الاسعار الرخيصة بصرف النظر عن جودة المنتج او البضاعة. ومعظم هؤلاء الباعة المتجولين يبيعون الخضار والفاكهة ويقفون بجوار تلك المحلات مما جعل هؤلاء المتضررين تعلو صرخاتهم لعل احدا من المسئولين يسمعهم. اليوم رصدت هذه الظاهرة.. وخرجت بهذا التحقيق. تجولنا على عدد من اصحاب محلات الخضار والفواكه في عدة اماكن متفرقة في مدينة الرياض وسألناهم عن سبب انتشار الباعة المتجولين وازديادهم لاسيما وانهم يبيعون نفس البضاعة التي يبيعونها، وكانت اجابتهم مختلفة، حيث اكد الشاب يوسف وهو بائع في محل خضار لوالده ان الباعة المتجولين سببوا ارباكا للحركة المرورية في الرياض، حيث وقعت عدة حوادث بسبب ازدحام الزبائن حول بضاعتهم، وقد شاركنا زميل يوسف في المحل (خالد الدوخي) بمداخلة، حيث قال ان الباعة المتجولين يخلفون وراءهم كما كبيرا من النفايات في المكان الذي يبيعون فيه ولا يكترثون بنظافته. وقال (احمد القرني) انهم يسترزقون والرزق عند رب العالمين وقد تكون قلة الوظائف سبب انتشار هذه الظاهرة. وبعدها ذهبنا الى حي السويدي والتقينا ببائع خضار اسمه حسين، وقد انهكه التعب في ترتيب المنتجات الموجودة في المحل وسألناه عن رأيه، فأجاب بغضب: هؤلاء الباعة الجوالون سببوا لنا قلقا، حيث اصبحت الرياض كلها سوقا حتى في الاماكن السكنية والمتنزهات والاستراحات بدون تنظيم وبعدها تحدث لنا صاحب محل اخر اسمه (محمد الشهراني) حيث قال: ان الباعة المتجولين يشترون بضاعة رديئة بأرخص الاسعار ويبيعونها بسعر بخس ليضمنوا بيع سلعتهم بسرعة كبيرة وتحقيق الكسب السريع،مثلا الجزر والخيار يشترونها ب 3 ريالات ويبيعونها ب5، وهذا فرق السعر بيننا وبينهم، وفي حي اخر وفي (سلطانة) تحديدا توجهنا الى صاحب محل اخر اسمه (علي ضيف الله) يقول: لي ثلاث سنوات وانا ابيع في هذا المحل والحمدلله الامور ماشية ولكن بعد انتشار الباعة المتجولين الذين يبيعون على سياراتهم اختلف الوضع قليلا، حيث اصبح الزبون يفاصل في السعر ويقول اسعاركم اغلى من الذين يبيعون في سياراتهم مما يسبب لنا بعض الارباك واعادة التفكير في تحديد الاسعار. وتوجهنا الى محل اخر في الشارع المقابل وسألنا (ملفي) بائع عن رأيه فأجاب: انه في فترة قصيرة اصبح على ارصفة الشوارع عدد من الباعة رغم ان هذا لم يكن موجودا سابقا مع العلم ان البلدية تطاردهم في كل وقت وتعطيهم الغرامات ولكن بدون جدوى. وانتقلت الى حي (الدخل المحدود) حيث وجدنا عددا من محلات الخضار والفواكه المتجاورة، فدخلنا المحل الأول، فوجدنا ثلاثة شباب سألناهم عن هذه الظاهرة فرد الاول واسمه (خلف الدوسري) باجابة سريعة قائلا: ان هؤلاء الباعة قد لايملكون رأس المال لفتح محل لبيع الخضار وطريقة بيعه المتجولة افضل له كثيرا فهو لايتحمل ايجار محل او كهرباء او رواتب ويختار اماكن بيع ممتازة على طرق سريعة ومزدحمة. وقال الثاني: ان هذه أرزاق ويا جماعة خلوهم يترزقون الله. ويقول احمد انه يجب تنظيم البيع ووضع اماكن مخصصة للباعة المتجولين لكي يبيعوا بضاعتهم او يمنعونهم من البيع بتاتا، حيث ان بعض هؤلاء الباعة للاسف يبيعون على طريق يوجد به محلات للخضار مما يؤثر على البيع فقد اثر بعضهم على محل لنا في حي الروضة وتسبب في انخفاض ايراده. بعد ان اخذنا رأي اصحاب محلات الخضار والفواكه توجهنا للطرف الاخر والمعني في الموضوع وهم (الباعة المتجولون) حيث زرنا عدة اماكن معروفة يبيعون فيها في مدينة الرياض وسألنا عددا منهم عن رأيه في طريقة بيعهم هذه خصوصا وانهم متهمون بالتسبب في ارباك الحركة المرورية لبيعهم على ارصفة الطرق السريعة والمزدحمة والتأثير على سوق اصحاب محلات الخضار والفواكه، فأجاب العم (حكمي) وهو رجل كبير في السن يا ولدي خلينا نترزق الله والحالة ما يعلم بها الا الله وبعد هذه الكلمات المختصرة. (ابو وليد) الذي عرف اننا من احدى الصحف المحلية وجه لنا مباشرة نقدا بسيطا قائلا: انت تريد ان تكتب عن طريقة ومكان بيعنا ولكن انت لاتعرف ظروفنا، فنحن وراءنا التزامات تجاه اسرنا فأنا مثلا لا يوجد لي وظيفة، فمن اين اصرف على اولادي؟ فتدخل في الحوار رجل اسمه (فايز الشهري) وقال: لقد تركت اهلي واولادي في الجنوب، وجئت اترزق الله، ولكن البلدية لم تتركنا في حالنا، حيث حررت علينا مخالفات كثيرة ولم يكتفوا بذلك، بل سحبوا بطاقة الاحوال، ووقعوا علينا بعض الغرامات، وسألته كم قيمة الغرامات؟ فاجاب (فايز) تختلف احيانا مائة ريال واحيانا مائتين وفي بعض الاحيان خمسمائة ريال، والله يعين. ونقلنا الحوار بعدها لبائع اخر اسمه (ابوسيف) حيث يقول: انا آكل في اليوم وجبة واحدة فقط، حيث احضر في الصباح الباكر ولا ارجع الا قبل المغرب لتوفير مستلزمات اسرتي، ويكمل بائع آخر بجوارنا اسمه (ابو محمد) ويقول: انا ابيع لكي اصرف على اولادي، ويقول بائع آخر: الناس يظنون اننا نبيع من اجل شراء سيارة فخمة او بيت جديد، والله العالم بالحال. البلدية تمنع البيع على الارصفة. توجهنا مباشرة الى بلدية (عرقة) وسألنا رئيس البلدية محمد المالك هل يسمح للباعة المتجولين بالبيع على ارصفة الطرق؟ فاجاب: ان هذا الموضوع ممنوع وستتم مطاردة اي بائع كان وأي بضاعة كانت وقد صدرت غرامات على عدد من الباعة المخالفين وسوف يتم اصدار الغرامات على كل المخالفين وسحب بطاقاتهم الشخصية، لأن هذا مخالفة صريحة والبلدية لن تتساهل مع هذه الحالات. الاختلاف كبير في الجودة والاسعار بعد تجولنا في عدد من محلات الخضار والفواكه وجدنا ان المنتجات الموجودة في المحلات اسعارها اغلى قليلا من منتجات الباعة المتجولين وافضل مع ان المصدر يكاد يكون واحدا وهو سوق الجملة بالرياض، ولكن نظرا لرغبة الباعة المتجولين في البيع بسرعة وتعرض منتجاتهم للشمس نقص ثمنها بخلاف بضاعة محلات الخضار والفواكه التي توضع في مكان مكيف وبارد يحافظ على جودة السلعة لديهم. تعرض المواد والمنتجات الغذائية للشمس يعرضها للبكتيريا وينصح الدكتور محمد لمعي بعدم تعرض المواد الغذائية مثل السمن البري والاقط وبعض الخضار والفواكه للشمس باستمرار، لأن ذلك يعرضها لنمو البكتيريا ويضعف جودتها وقيمتها بسبب تعرضها للشمس لفترة طويلة، ويجب غسل الخضار والفواكه جيدا قبل استخدامها واكلها. الباعة المتجولون: هذه الاقتراحات لحل مشكلتنا اقترح عدد من الباعة المتجولين ان يسمح لهم بالبيع في اماكن مخصصة معروفة يعرف كل بائع مكانه، وذلك باسعار مناسبة لنا، او يسمح باقامة اسواق صغيرة على مداخل مدينة الرياض الاربعة مثل: طريق القصيم وطريق الجنوب، وطريق الحجاز، وطريق الشرقية، وتكون عبارة عن اكشاك تناسب مقدرتنا المالية، وبهذا تنتهي هذه المشكلة ونريح ونستريح ويتيح هذا لكل شخص يبحث عن الرزق الحلال ان يعمل ويشتغل واملنا كبير في الله وفي امير الرياض الامير سلمان بن عبدالعزيز لحل مشكلتنا. بائع يفترش الرصيف ليعرض بضاعته البيع في الشارع يعرض البضاعة للأتربة