وجهت حركة المقاومة الاسلامية في فلسطينالمحتلة (حماس) أمس رسالة دموية الى الإسرائيليين تؤكد من خلالها أن تجرؤ حكومتهم على الوصول الى تصفية قادتها السياسيين وتصعيد استهتارها بأرواح النساء والأطفال والعجزة الفلسطينيين، هي أعمال إجرامية لن تمر دون عقاب، كما أكد على ذلك الشيخ أحمد ياسين مؤسس ومرشد حماس.فعصر أمس، صعد الفدائي عبدالمعطي شعبانه (18 عاما) الى حافلة ركاب في محطة السوق المركزية في مهاني يهوداه بشارع يافا بالقدس الغربية وعندما كانت تمر أمام مركز تجاري كبير، قام بتفجير نفسه فأسقط 16 قتيلا فضلا عن جثته و70 جريحا العديد منهم في حال حرجة، في إحصائية غير نهائية أعلنها ميكي ليفي قائد شرطة القدس. وقال: اننا نتحدث الان عن 16 قتيلا على الاقل وخمسين جريحا. انه اعتداء قاس جدا. الشحنة التي تم تفجيرها كانت كبيرة جدا. وتحتوي العبوة على مسامير وهو ما زاد من قوتها التدميرية. وقال التلفزيون الاسرائيلي ان أعضاء بشرية وركام الباص انتشرت على مساحة واسعة جدا. وبعد ساعة فقط من العملية الفدائية، غارت مقاتلات الأباتشي الاسرائيلية على غزة مستهدفة سيارة مدنية في حي الشجاعية، فقتلت ثمانية فلسطينيين من بينهم امرأتان ومسعود التيتي وسهيل أبو نحل العضوان في كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحماس، وقد تفحمت جثث الضحايا كما أعلنت المصادر الطبية الفلسطينية. وقال شهود عيان ان الأباتشي أطلقت أربعة صواريخ على السيارة فدمرتها كليا بمن فيها. وأعاد جيش الاحتلال الاسرائيلي تقسيم قطاع غزة الى ثلاثة أقسام، مقيما الحواجز على الطرق، حسبما أكدت المصادر الأمنية الفلسطينية واشارت الى ان الجيش الاسرائيلي في الخليل طلب من أسرة منفذ العملية عبدالمعطي شعبانه اخلاء المنزل تمهيدا لنسفه. واعتبرت رئاسة الوزراء الاسرائيلية أن عملية حماس لا تأتي نتيجة رد على محاولة اغتيال عبدالعزيز الرنتيسي قائدها السياسي صباح الاثنين. وأشار الناطق رعنان غيسين لتلفزيون "سي إن إن" أن حماس تشن الهجمات الدموية في الماضي وتقوم بذلك حاليا وتنوي فعله مستقبلا. ووصف اسماعيل هنية من سياسيي حماس ان الغارة الجوية على غزة مساء امس هي مجزرة جديدة تهدف الى كسر إرادة الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن الرد مفتوح على جرائم العدو، لأن اسرائيل تستهدف المدنيين وتريد فرض الشروط الاستسلامية وتصفية القضية والمقاومة الفلسطينية. وأكد نهية أن الشهيدين ابو نحل والتيتي من الاخوة في الجهاز العسكري لحماس (كتائب عز الدين القسام). وقال محمود الزهار من سياسيي حماس ان عملية القدس الانتحارية انتقام لأرواح الشهداء ودليل على ان الشعب الفلسطيني يستطيع الرد في أي وقت ومكان على الجرائم الاسرائيلية، مؤكدا أن مسؤولية ما يجري تتحملها حكومة ارئيل شارون لأنه يقوم بقتل ليس الفلسطينيين فقط بل الإسرائيليين أيضا. و"بأقسى التعابير الممكنة" دان الرئيس الأمريكي جورج بوش العملية الفدائية في القدس الغربية دون أن يتطرق البتة الى العملية الجوية الاسرائيلية على غزة بالرغم من أنها أسقطت مدنيين فلسطينيين بينهم النساء والأبرياء. وقال مساعد الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان ان الرئيس بوش تبلغ نبأ عملية القدس بينما كان متوجها الى شيكاغو لالقاء خطاب وهو يدينها بأقسى التعابير الممكنة. وكان بوش قد قال أمس الأول: انه منزعج من محاولة اغتيال الرنتيسي ودعا كل الاطراف في الشرق الاوسط الى التصرف بطريقة مسؤولة. وادعى شارون في بيان صادر عن رئاسة الوزراء أمس أنه لا تسوية مع الارهاب. وأكد أن اسرائيل هي الوحيدة التي يحق لها ان تقرر ما الاجراءات المناسبة لمكافحة الارهاب. وقال البيان ان رئيس الوزراء أعلن ذلك لدى اجتماع مجلس الوزراء. وأضاف ان هذا الموقف عرضه شارون بوضوح اثناء كل لقاءاته في البيت الابيض ومع وزارة الخارجية الامريكية. وزعم شارون في بيانه: أن العملية الامنية (محاولة اغتيال الرنتيسي) كانت اختبارا لمصداقية وبيانات الحكومة. ونظرا لان العمليات الارهابية الفلسطينية تكثفت، يجب ان يكون واضحا تماما ان اسرائيل لن تتراجع ابدا عن التحرك ضد الارهاب على حد قول جزار صبرا وشاتيلا . ومضى في ادعاءاته قائلا: العملية الامنية الاسرائيلية لا تسيء الى السلام لكنها تعزز احتمال بلوغه. وبعد العملية الفدائية والهجوم الاسرائيلي مساء أمس، ألقى رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات خطابا عبر التلفزيون وصف فيه الوضع بأنه حلقة جهنمية يجب أن تتوقف فورا. وقال: أدين بشدة العملية الارهابية التي استهدفت مدنيين في القدس بنفس الشدة التي أدنت وأدين بها العملية الارهابية الاسرائيلية لمحاولة اغتيال الأخ الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي وما سبقها وتلاها من عمليات ارهابية ضد المدنيين الفلسطينيين. وأضاف: أدعو جميع الفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية لتحمل مسؤوليتها وتغليب المصالح العليا لشعبنا الفلسطيني ولأمتنا العربية ورفض الانجرار الى الشرك الذي تحاول اسرائيل جرنا اليه لنسف فرص انقاذ عملية السلام سلام الشجعان. ودعا عرفات الرئيس بوش الى وقف التدهور والى الزام اسرائيل بتنفيذ خارطة الطريق وبسرعة ارسال المراقبين الدوليين. واتهم الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اسرائيل بأنها تدخل المنطقة في دائرة مفرغة من العنف والعنف المضاد. ووصفت الحكومة الفرنسية العملية الفدائية بالعمل الوحشي، حسبما قال الناطق باسم وزارة الخارجية فرانسوا ريفاسو، معزيا الاسرائيليين. كما دان العملية رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني في رسالة تعزية شخصية الى شارون، حسبما أعلن بيان من رئاسة الحكومة الايطالية، ووصفها بأنها اعتداء رهيب أصابني بصدمة. وأدانها أيضا الاتحاد الأوروبي بلسان رئاسته اليونانية وممثله الأعلى للسياسة الخارجية خافيير سولانا. تقرير مأساوي من جهة أخرى، جاء في تقرير لخوان سومافيا للمدير العام لمنظمة العمل الدولية ومقرها جنيف أن البطالة تفاقمت في الاراضي الفلسطينية التي تحتلها اسرائيل، في العام 2002 لتصل الى ما بين 31 و38% وبلغ التراجع التراكمي في الدخل الفردي نسبة عالية جدا تبلغ 47.7% مقارنة بالعام 1999. وجاء في التقرير الذي نشر أمس: ان وضع الاراضي العربية المحتلة تفاقم مجددا في الاراضي التي احتلت العام الماضي ونجم عن ذلك ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض المداخيل ونشوء ازمة انسانية لا سابق لها. وقال التقرير ان 60% من سكان الاراضي الفلسطينية، اي حوالي مليوني نسمة، كانوا يعيشون باقل من 2.15 دولار في اليوم في العام 2002. واكد التقرير الذي أعده ميدانيا عدد من خبراء المنظمة خلال جولتهم في الاراضي الفلسطينية التي زاروها في نهاية ابريل ومطلع مايو ان القيود القاسية المفروضة على حركة تنقل الاشخاص والبضائع داخل الاراضي المحتلة وبين هذه الاراضي واسرائيل ادت الى انخفاض كبير في الاستهلاك والعائدات والعمالة والى تقلص لا سابق له في النشاط الاقتصادي.