جاءت التفجيرات الاجرامية التي ارتكبت قبل ايام في الرياض لتكشف عن الوجه القبيح للارهاب ومدى قصر نظروتشوش فكر وقناعات الذين يقفون وراءه ويحركونه حيث لا يدركون خطورة ووحشية ما يدعونه له الا بعد فوات الاوان ووقوع الضحايا الابرياء الذين لا حول لهم ولا قوة اضافة الى فشلهم في زعزعة الاستقرار والثقة العميقة في هذا البلد الآمن الذي ظل على مدى التاريخ مهوى أفئدة البشر من كل مكان وفي كل زمان واحة امان وامان للناس اجمعين.برعاية من الله سبحانه وتعالى وحكومة واعية تعمل من اجل السلام وتجنح للسلم وتدعو الى سبيل ربها بالحكمة والموعظة الحسنة. تفجيرات الرياض اكدت بشاعة الارهابيين التفجيرات التي استهدفت أبرياء اكدت من جديد بشاعة الارهابيين وخطورة ظاهرة الارهاب التي تتطلب من الجميع مواجهتها حتى يتم اقتلاعها من جذورها، بعد ان استفحل خطرها واصبحت تهدد امن واستقرار الشعوب. واذا كان الارهابيون قد نجحوا في ارتكاب هذه الجرائم البشعة فانهم لم ينجحوا في النيل من امن واستقرار المملكة ولا في ثقة دول وشعوب العالم في مبادئها وخطابها السياسي والديني والثقافي وكما اكد صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني فان السعوديين شيوخاً واطفالاً ونساء ادانواهذا العمل الاجرامي ووقفوا صفاً واحداً للحفاظ على امن واستقرار بلدهم. واذا كان الارهابيون قد نجحوا في تنفيذ جريمتهم التي تتعارض مع المبادئ والقيم الدينية وترفضها كل الشرائع السماوية تحت جنح الظلام فانهم لم ينجحوا في كسر ارادة التحدي لدى الشعب السعودي الابي في كشف مخططاتهم، وزيف مقاصدهم، وابعاد جرائمهم. استنكار واسع من جميع دول العالم لقد كان الاستنكار كبيرا و الادانة واسعة جاءت سريعة من جميع دول العالم لهذه التفجيرات الارهابية التي شهدتها مدينة الرياض واجمعت الدوائر السياسية والشعبية في مختلف بلدان العالم على ادانتها مما يعكس رفض المجتمع الدولي بكافة طوائفه وانتماءاته لهذا العمل الاجرامي الذي لا يستهدف سوى القتل وسفك الدماء وترويع الآمنين. ومن المؤسف ان بعض هؤلاء الارهابيين يتخذون من الاسلام لبوساً ومن العروبة درعاً ويعيثون في كثير من دول العالم هدماً وتدميراً دونما هدف. في القاهرة تحدث ل اليوم عدد من المهتمين بظاهرة الارهاب حول الدوافع النفسية والاجتماعية للعنف الذي يتحول الى جرائم ارهابية بشعة الدكتور علي فهمي خبير الدراسات الاجتماعية والنفسية رأي ان هؤلاء الذين يتخذون من العنف والقتل وسيلة للتعبير عن ارائهم وفرض مفاهيمهم غالباً ما يكونون مدفوعين بأفكار وآراء لا تستند إلى المنطق أوالعقل ولا لمبادئ وقيم الاديان. بل هم دائماً ما يقعون تحت تأثير واسر الافكار الهدامة، والرؤى المغيبة التي تنظر إلى القضايا من فهم خاطئ لا يستند إلى المنطق أوالى اسس واقعية، وبالتالي فان هؤلاء يعانون من خلل نفسي وضيق افق ولا يستطيعون التمييز بين ما هو حق وما هو باطل ويريدون فرض ارادتهم وآرائهم على الاخر، بل ويرفضون التحاور الا فيما يتفق مع آرائهم ومنطقهم ولا يقبلون بغير تفسيراتهم للامور التي تكون في الغالب خاطئة وغير مبنية على اسس منطقية. المجتمع العربي مطالب بالتخلص من ثقافة التطرف والعنف ويضيف ان المجتمع العربي مطالب بتخليص البيئة الثقافية والتعليمية من كل ما من شأنه تغليب ثقافة التطرف والعنف واثارة الكراهية ضد الاخرين وتعبئة المشاعر العدائية ضد المجتمع الذي يصفونهم عادة بالجاهلية والانحراف من منظور الفكر التكفيري. لان هؤلاء الذين يستخدمون العنف وسيلة دائماً يقعون تحت ضغط وتأثير من جماعات وخلايا تقوم بغسل ادمغتهم و تبث فيهم السموم والاحقاد والكراهية ضد الاخرين فيقومون بتنفيذ اعمالهم الارهابية دون وعي او ادراك لما يقومون به. ويؤكد الدكتور فهمي ان المجتمع كله مطالب ببذل المزيد من الجهود لكشف دعاوى هذه الجماعات الارهابية المتطرفة واسقاط الاقنعة التي يختبئون خلفها، حتى يتكشف امرهم، ويزاح التآمر عن نواياهم الخبيثة. حركات ارهابية تتدثر بثوب الدين واذا سلمنا بأن بعض الحركات الارهابية تدثرت بثوب الدين لاكتساب ثقة الجمهور والسيطرة عليه لامكننا ان ندرك اهمية الخطاب الديني الاسلامي في الحد من الظاهرة الارهابية بل والقضاء عليها صيانة للانسان وحماية للقوى الابداعية من الضعف ووصولاً إلى حياة ارقى وافضل للانسانية جمعاء، وفي هذا السياق يقول الدكتور كامل حنفي عيسى استاذ الدعوة والثقافة الاسلامية بجامعة الازهر، ان الدين الاسلامي أرسى العديد من الاسس التي تضمن عدم وقوع العنف لانه على سبيل المثال اختزال عملية التغيير الاجتماعي في اسلوب القوة فيه هدم للاسس الاسلامية الثابتة في منهجية التعبير الاجتماعي والقرآن الكريم والتطبيق العملي للرسول صلى الله عليه وسلم مليئان بالكثير من الادلة والوقائع التي تقرر ذلك ومن هذه الاسس المحافظة على المبدأ الاسلامي الذي يقرر حق الانسان في الاختيار وحمايته من كل مظاهر العنف والقهر والاجبار قال تعالى "لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" وقال تعالى "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". توظيف الخطاب الديني في مواجهة الارهاب ويضيف الدكتور كامل حنفي ان من المبادئ الاساسية ايضاً التي يجب ان نأخذها في الاعتبار حينما نتحدث عن اسلوب جديد للخطاب الديني في مواجهة الارهاب هو ان التغيير الاجتماعي اساسه تعبير عن النفس البشرية لتطهيرها من الافكار الميتة التي تجعلها كالانعام بل هي اضل سبيلا. وقال تعالى "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فمحور التغيير الاجتماعي هو النفس لان عملية التغيير في التطور الاسلامي تبدأ من الفرد باعتباره نقطة الانطلاق واللبنة الاساسية في البناء التعبيري مع الالتزام في منهجية التعبير بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن لقوله تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن" وقوله تعالى (ولو كنت غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر). ويضيف ان مفهوم الجهاد يقصد به استنفار كل الطاقات المتاحة للتفاعل مع الاسلام في كافة الحالات الانسانية ويبقى القتال المسلح من خلال المؤسسة الحاكمة تقرره حسب مصلحة الامة ولا بد من وضع كل في موضعه حتى لا نخسر ونظن اننا نحسن صنعاً، وللاسف فان هذه الجماعات المتطرفة خسرت مفهوم الجهاد في صورة القتال وما القتال الا صورة من صور الجهاد في سبيل الله وهذا التحريف ما هو الا محاولة لتبرير عمليات العنف ضد الاخر بالاحتماء في لباس ديني يرضي شهوة الانتقام ويجذب الاتباع والمريدين لان لمصطلح الجهاد سحره وتأثيره على المسلمين. وحول اشكال الارهاب يقول الدكتور احمد ابراهيم محمود انه في العصر الحديث تنوعت اشكال الارهاب واستراتيجياته واسلحته ومن الممكن التمييز بين ثلاث موجات كبرى للارهاب منذ اواخر القرن التاسع عشر وحتى اوائل القرن الحادي والعشرين ولكل موجة منها اهدافها واشكالها واطارها الاستراتيجي الخاص رغم وجود بعض التداخل فيما بينها وتتمثل في موجات الارهاب ذات الطابع القومي المتطرف فيما بينها وتتمثل في موجات الارهاب ذات الطابع القومي المتطرف في اوروبا منذ اواخر القرن التاسع عشر وحتى عقد الثلاثينيات وكان القائمون بالارهاب في الاغلب من الوطنيين المتطرفين والذين وجهوا عملياتهم الارهابية ضد الحكام والسياسيين في اطار عمليات اعادة رسم الخريطة السياسية في اوروبا والموجة الارهابية الثانية كانت ذات طابع ايديولوجي اثناء فترة الحرب الباردة وكانت بمثابة واحدة من اشكال الصراع بين الشرق والغرب حيث نشأت العديد من الحركات الارهابية اليسارية في اوروبا الغربية واليابان، مثل بادر ماينهون الالمانية والعمل المباشر الفرنسي، والالوية الحمراء الايطالية والجيش الاحمر الياباني، ومارست شكلاً من العنف الايديولوجي ضد مجتمعاتها فيما كان بمثابة احتجاج بائس ضد رأسمالية وليبرالية هذه المجمعات. اما الموجة الثالثة تمثلت في موجات الارهاب ذات الطابع الاثني الضيق في فترة ما بعد الحرب الباردة ولا سيما الارهاب ذي الطابع الديني او الطائفي او العرقي الضيق وكان هذا النوع من الارهاب مرتبطاً إلى حد كبير بتفاقم الصراعات الداخلية في العديد من دول العالم في فترة ما بعد الحرب الباردة وكان الارهاب واحداً من ادوات ادارة الصراع فيها وقد امتد هذا الشكل من الارهاب إلى داخل الولاياتالمتحدة ذاتها ممثلاً في حادثة اوكلاهوما. وتتخذ ظاهرة الارهاب صور عديدة بعضها نابع وبعضها مستقل فظاهرة الارهاب تكون واضحة بقوة عندما تقع عمليات ارهابية مستقلة مثل حوادث الاغتيال او التفجيرات او اختطاف الطائرات، ومن الممكن ان يكون الارهاب جزء من ظواهر اكبر حيث يمكن ان تقع عمليات ارهابية في اطار الحروب الاهلية او حروب العصابات مثل الاغتيالات او المذابح الجماعية او الابادة ولكن ربما لا يكون الارهاب واضحاً بداية وانما في ثنايا الحروب الاهلية او حروب العصابات ويكون جزء من عمليات ادارة الصراع من جانب الاطراف المتصارعة. الارهاب محاط بالتناقضات ونادرا ما يحقق اهدافه ومن ناحية اخرى فان هناك العديد من التناقضات والمفارقات التي تحيط بالارهاب ابرزها ان الارهاب نادراً ما يفلح في تحقيق اهدافه السياسية الموضوعية بل انه يؤدي في الاغلب إلى تحقيق نتائج عكسية تماماً للاهداف التي يسعى اليها القائمون بالارهاب وابسط النتائج التي يحدثها الارهاب يتمثل في استثارة الحوافز لدى المستهدفين بالارهابيين من اجل مقاومة الارهابيين والتصدي لهم بصورة حاسمة وافشال مخططاتهم ومع ذلك فان هذه الحقيقة لم تفلح في وقف وانهاء العمليات الارهابية او اقناع الارهابيين بعدم جدوى عملياتهم وهو ما يعود في الواقع إلى ان الارهاب ربما يكون محاولة بائسة لمواجهة اوضاع يعتقدون انها خاطئة وتكون قوة الرفض لهذه الاوضاع اعلى بكثير من أي حسابات عقلانية من جانب الارهابيين مما يجعل العمل الارهابي هدفاً في حد ذاته في بعض الاحيان حتى اذا لم يفلح في تحقيق أي هدف سياسي. ماهية جريمة الارهاب وهناك بعض الملاحظات التي يمكن الاشارة اليها في مقدمتها انه لا يوجد تعريف مستقر لماهية جريمة الارهاب ويمكن ان يشار إلى صور الارهاب مثل قتل الابرياء وتفجير المباني وحجز الرهائن وغيرها من الصور والمتفق على اعتبارها اعمالاً ارهابية كما ان جريمة الارهاب تختلف عن الجرائم العادية في ان الارهابي ربما يكون شخصا عاديا ليس له سجل اجرامي أي انه غير معروف لدى السلطات الامنية للدول ومن هنا تكمن خطورة الارهاب الذي يمكن ان يستعمل الوسائل التكنولوجية الحديثة كالتفجير من بعد لتنفيذ جريمته والفرار بسهولة من محل الحادث ولذلك لا بد من تشديد العقوبة على مرتكبي هذه الجرائم. وبالتالي فان هذه المخاطر الارهابية لا بد من مواجهتها من خلال مؤتمر دولي لوضع الية للتعاون في مجال مكافحة الارهاب وجرائمه ومرتكبيه فهناك على سبيل المثال بعض الدول التي تعتبر عقوبة الاعدام غير انسانية تمنح حق اللجوء السياسي لبعض الارهابيين المحكوم عليهم بالاعدام او من المتوقع الحكم باعدامه وذلك يفرض حمايتهم من عقوبة الاعدام، وهنا لا بد من استنثاء الارهابيين من هذه الحماية نظراً لخسة الجريمة الارهابية وما تسببه من اضرار جسيمة ولا بد ان يضع المؤتمر الدولي الية للتعاون في مجال تبادل المعلومات والتقنيات الحديثة المستخدمة في العمليات الارهابية ومحاصرة الجرائم الارهابية بجميع الطرق والوسائل المتاحة. من جانبه قال ضياء رشوان رئيس تقرير الحالة الدينية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام والمتخصص في الجماعات الاسلامية بان الاحداث الاخيرة اظهرت ان المنطقة العربية سوف تشهد موجة من عدم الاستقرار في حالة عدم وجود اهداف حقيقية تعود على المصلحة الوطنية للشعوب واستمرار نزيف الامة سواء في فلسطين او العراق فكلما زاد السوء في المنطقة وعدم تدخل ايجابي للولايات المتحدة ونصرتها اسرائيل سوف يشهد العالم العربي سلسلة من دماء قد تكون رد فعل لافعال الادارة الامريكية. الحذر واجب في التعامل مع هذه الجماعات ويدعورشوان للحكمة والحذر في التعامل مع تلك التنظيمات التي قد تجد ترحيبا شعبيا ان لم تكشف اهدافها ونتائج افعالها الاجرامية وما تحدثه من ضرر على المصالح العامة وعلى الامن والاستقرار. من جانبها قالت عزة كريم استاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية في القاهرة اننا كي ندرب اجيالاً بعيداً عن العنف لا بد من التربية على الحوار والقبول الاخر، وان كنا دفعنا إلى العنف فلا بد من ايجاد وسائل منطقية لتحقيق ما نراه من مصالح، وان ما يحدث اليوم وهو نتاج فترات طويلة متراكمة من جراء افعال الولاياتالمتحدة في المنطقة من نصر لليهود على حساب المسلمين في فلسطين وغيرها من سببت كراهية لامريكا في العالم العربي والاسلامي. وتطالب عزة كريم الحكومات باحتواء تلك التنظيمات حتى لا تزيد خاصة وان البيئة الاجتماعية مهيأة تماماً لمزيد من تلك التنظيمات التي قد تعمل على اعطاء شعور قوي بمحاربة العدو الذي يجسدونه في الولاياتالمتحدةالامريكية. اما دكتورة اجلال اسماعيل استاذ علم الاجتماع اكدت ان المسئولين عن تلك التنظيمات يستغلوا حالياً الظرف الحالي والظلم الواقع على الامة لتجنيد عدد من الشباب لقيام بعمليات ضد الوجود الامريكي في المنطقة فالامر يعود حالياً إلى الظلم وليس الاختلاف مع الاجهزة الرسمية في الدول او الظروف الاقتصادية. وان كان مفهوم التسامح وهو مفهوم اصيل في الاسلام الا ان الظلم والتهديدات للدول العربية قد تخلق حالة عنف غير عادي في الدول العربية ضد المصالح الغربية، وان كان العنف ليس صناعة عربية بل مستوردة من الخارج وحتى الان يوجد عنف في معظم دول العالم وان كنا نحن في الوطن العربي تحدث هنا لانه رد فعل ليست اكثر مع توقع بزيادة نشاط تلك التنظيمات الايام القادمة طالما ان الظلم يزيد ويكبر.