الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    أمير حائل يشهد حفل ملتقى هيئات تطوير المناطق والمدن 2024    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    إمارة جازان تستعرض معالمها السياحية وتراثها في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل 9    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    لمحات من حروب الإسلام    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    الحربان العالميتان.. !    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحكام القضائية في حق «الإرهابيين».. غير مسيسة!
وزارة الداخلية قبضت وأعدت لائحة الدعوى وتركت كلمة الفصل للقضاء المستقل من دون تدخل أو ضغط
نشر في الرياض يوم 03 - 11 - 2014

ساهمت المملكة ولا تزال في مكافحة الإرهاب، والتصدي له، والسعي للقضاء عليه، وتسخير كافة الوسائل المؤدية لذلك، والتنسيق مع المجتمع الدولي لمحاصرته، وتفكيك خلاياه، بل أكثر من ذلك تبادل المعلومات بما يضمن الاستقرار والسلم العالمي، وفعلاً نجحت تلك الجهود المخلصة، وشهد الجميع بكفاءة رجل الأمن السعودي في مواجهة الإرهاب بقوة السلاح، وللعلماء والمختصين في احتواء المتورطين نصحاً وتوجيهاً.
ومما يعزز تلك الجهود الحثيثة في محاربة الإرهاب بكل قوة وحزم، محاكمة الإرهابيين المقبوض عليهم، وإعداد لائحة الدعوى (الاتهام) بحقهم، وترك القضاء النزيه والمستقل والعادل يطبق شرع الله فيهم من دون تدخل أو ضغط.
وقد شهدت الأحكام القضائية الأخيرة بحق الإرهابيين جانباً مهماً في عملية التصدي لتلك الآفة الخطيرة، دون التفرقة بين أحد، وبغض النظر مهما كان الشخص، أو الفئة، أو الجماعة، بالإضافة إلى ما تحمله تلك المحاكمات من عدل، وإنصاف، ومساواة بين الجميع، وحفظ حقوق المتهمين، إلى جانب دور الإصلاح والتأهيل من الاعتناء بالموقوفين والمحكوم عليهم، وتسهيل اندماجهم في المجتمع، وتعميق انتمائهم الوطني، وتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم.
«الرياض» تناقش في هذا التحقيق إصدار الأحكام القضائية بحق الإرهابيين وردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن، دون التفرقة بين أحد.
خطة استراتيجية
في البداية أوضح اللواء ركن متقاعد "د. أنور ماجد عشقي" -رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية- أنّ كثيرين هم الذين يتساءلون عن سر النجاح الذي حققته المملكة في مواجهة الإرهاب، وما علموا بأنّها تسير بناءً على خطة استراتيجية، وقيم فكرية في مكافحة الإرهاب والتعامل معه.
وقال إنّ المملكة لا تواجه الإرهاب بالإرهاب، فهي تتعامل معه بأسلوب المكافحة وليس الحرب، فالمكافحة تقتضي التمييز بين الإرهابي المجرم، والإرهابي المضلَّل، مؤكّداً على أنّ الإرهابي المجرم هو الذي يقوم بأعمال إجرامية فيقتل الأبرياء، ويخل بالأمن، فهذا يحال إلى القضاء الذي يحكم فيه بشرع الله، أما الإرهابي المضلل فهو الذي انخرط مع الإرهابيين نتيجة لإيهامه بمشروعية العمل الإرهابي، وإقناعه بأنّ هذا العمل هو الجهاد، موضحاً أنّه إذا سلَّم نفسه أو ألقي عليه القبض يُعرض على المناصحة، ويجري الحوار بينه وبين العلماء والمختصين، فإن تراجع وأبدى اقتناعاً وتعهد بعدم العودة، فيعفى عنه وتوفر له الحياة الكريمة، أما إذا ظل على غيِّه فإنه يحال إلى الشرع ليحكم فيه.
وأضاف أنّ المملكة لم تشأ لنفسها أن تكون طرفاً في الصراع مع الإرهابيين بعد القبض عليهم، بل جعلت الطرف الآخر هو العدالة، حيث أصبح دور الجهات الأمنية هو إلقاء القبض عليهم وتسليمهم للعدالة، مشدداً على أنّ المملكة حكومةً وشعباً تحترم الأحكام القضائية؛ لأنّ القضاء في المملكة لا يعتمد على الأهواء، بل على نصوص من الكتاب والسنة، ومع هذا فالقاضي ليس معصوماً من الخطأ، لكنه منزه عن الأهواء، خصوصاً وأنّ هناك إجراءات رقابية، مبيّناً أنّ الحكم قابل للاستئناف والنقض، وعلاوة على ذلك، فإنّ لرئيس مجلس القضاء الأعلى ومن خلال هذا المجلس أن ينقض الحكم -إذا تبين أنّه تعرض للخطأ أو الزلل-.
وأشار إلى أنّ الأحكام القضائية في المملكة تُعتبر أكثر الأحكام عدالة في دول العالم، لافتاً إلى أنّه اطلع من خلال دراسته وتطبيقاتها العملية في بعض الدول الكبرى، ووجد أنّ القضاء -والحمد لله- ليس مسيساً، وليس مخالفاً لقواعد العدالة، ولأنّه لا يأتي على أهواء الآخرين تجدهم يكثرون من الاتهام له، ذاكراً أنّ التشكيك في القضاء الشرعي يراد به إما الطعن في الشريعة السمحاء أو إحداث الفتنة.
تطبيق العدالة جزء من محاربة الإرهاب والتصدي له وردع المتطاولين على أمن الوطن ومقدراته
عقوبات رادعة
ونوّه "د. عمر الخولي" -أستاذ القانون بجامعة الملك عبدالعزيز- أنّ المملكة من الدول التي تجرعت مرارة بعض العمليات الإرهابية في وقت سابق، وهو الأمر الذي قادها إلى اتخاذ عدد من الخطوات العلاجية والوقائية للحيلولة دون المزيد من هذه الجرائم، موضحاً أنّ من أبرز وأهم الإجراءات صدور نظام مكافحة الإرهاب وتمويله الذي تم تطبيقه، اعتباراً من تاريخ 1-3-1435ه، والذي تضمن تعريف الجريمة الإرهابية، وجريمة تمويل الإرهاب، وتعريف عدد من المصطلحات ذات العلاقة بهذه الجريمة، وبيان ما يترتب على ارتكاب أي منها، مؤكّداً على أنّه قد تم إسناد الاختصاص القضائي "لولاية النوعية"، لنظر مثل هذه القضايا إلى المحكمة الجزائية الخاصة، ومحكمة الاستئناف الجزائية الخاصة، مبيّناً أنّها محكمة وحيدة على مستوى المملكة، مقرها في مدينة الرياض، وتنتقل صيفاً إلى مدينة جدة.
وقال إنّ هذه المحكمة تولت النظر والفصل في عدد من القضايا التي ينطبق عليها تعريف الجريمة الإرهابية أو تمويلها، وفقاً لما ورد عليه النص في النظام المشار إليه، مضيفاً أنّ البعض قد يرى أنّ أحكام هذه المحكمة تتسم بقدر من التشدد أو المبالغة في الأحكام، إلاّ أنّ طبيعة القضايا التي تفصل فيها هذه المحاكم تقتضي التعامل معها بقدر من الشدة، وتطبيق للعقوبات التي ورد النص عليها في النظام، وهي عقوبات بطبيعتها تتسم بالقسوة التي ينبغي أن تتماشى مع الطبيعة الاستثنائية لجرائم الإرهاب.
وأضاف أنّ من الملاحظ في أعمال هذه المحاكم أنّها تعمل على توفير ضمانات التقاضي لكل من يمثل أمامها، كالسماح لهم بتوكيل محامي، ووجود مراقبين من هيئة حقوق الإنسان، ومبدأ التقاضي على درجتين، إلاّ أنّها في بعض القضايا تغفل مبدأ علانية الجلسات.
دور محوري
وشدد "د. محمد بن عبدالله المشوح" -محامٍ ومستشار قانوني- على أنّ نظرة المملكة للإرهاب حازمة صادقة، عبرت عنها في العديد من المحافل الدولية والمؤتمرات، حيث أكّدت على ضرورة التصدي لهذه الآفة الخطيرة بحزم، وأهمية تكاتف جميع الدول والشعوب لمواجهه الإرهاب بشتى صوره، وأشكاله، وألوانه، مؤكّداً على أنّ إحالة المملكة جميع المتهمين إلى محاكم عادلة يؤكّد جدية المملكة للتصدي لخطر لإرهاب وتداعياته، مهما كانت أسبابه ومبرراته.
وقال إنّ دور المملكة في محاربة الإرهاب دور محوري وضروري بإجماع العالم، حيث أنّ المملكة من أوائل الدول التي عانت وتضررت من الإرهاب، إلاّ أنّها -بفضل من الله- استطاعت عبر إستراتيجية أمنية وفكرية التصدي لظاهرة الإرهاب، وانحسارها ليس في المملكة فحسب، بل في دول العالم؛ بسبب التعاون معها أيضاً، لافتاً إلى أنّ تقييم مستوى الأحكام القضائية تجاه الإرهابيين تتطلب من الجميع احترام الأحكام القضائية، وعدم التدخل في شؤون القضاء والقضاة.
وأضاف أنّ البعض قد يرى أنّ في بعض الأحكام فيها ليونة وسهولة، لكن القضاء له نظرته ورؤيته التي لا نعلمها، كما أنّه من المؤكّد أنّ القضاء لديه حيثيات تخفى على الكثيرين، وما نرجوه هو أن تكون هذه الأحكام رادعاً وزاجراً لكثير ممن تلطخوا بالأعمال الإرهابية، أو لمن تسول له نفسه الوقوع في مثل هذه الأعمال المشينة، مشدداً على أنّ القضاء يمثل زاجراً مهماً ورئيساً في ذلك، وإحالة الإرهابيين لتلك المحاكمات يمثل أيضاً العدالة الناجزة المنصفة، فلا عقوبة من غير حكم قضائي مكتسب للقطعية، وبحضور هيئات وجمعيات حقوق الإنسان وكفالة حق المحامي، مؤكّداً على أنّ المحاكمات كانت عادلة ومنصفة وحازمة ومتوافقة تماماً مع الأصول القضائية وحفظ حقوق المتهم.
قضاء حازم
وبيّن "محمد بن سعود الجذلاني" -محامٍ وقاض سابق- أنّ نظرة المملكة للإرهاب يمكن استخلاصها من خلال عدة مصادر: التوجه السياسي والمواقف الواضحة للمملكة، التي يؤكّد عليها قادتها داخلياً وخارجياً وفي كل مناسبة، والموقف الشرعي الذي صدر عن جهة الفتوى الرسمية في المملكة من قبل أحداث سبتمبر الشهيرة في أمريكا، وهو ما أجمع عليه كل علماء المملكة ودعاتها، بالإضافة إلى أنّ الأنظمة والقوانين الصادرة في المملكة المتعلقة بهذا الشأن، ورؤية المملكة للإرهاب أنّه كل عمل إجرامي منظم يهدف لتخريب الممتلكات، والإفساد في الأرض، والإخلال بالأمن، وإزهاق الأنفس، وإراقة الدماء المعصومة، أيا كان التوجه، والدين، والمذهب، وأهداف مرتكب هذا الفعل الإجرامي.
وقال إنّه من خلال كلمة خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- التاريخية قبل مدة قصيرة فإن المملكة تؤكّد أنّ إرهاب الدول والأنظمة الحاكمة الطاغية أشد وأشنع من إرهاب الجماعات والتنظيمات، وعلى رأس ذلك الإرهاب الصهيوني، وإرهاب النظام السوري، والجماعات الشيعية المتطرفة المدعومة من حكومات إيران والعراق، وغيرهما، لافتاً إلى أنّ دور المملكة في محاربة الإرهاب يرتكز على عدة أسس أهمها رؤيتها الشمولية المتجردة للإرهاب، تنطلق فيها من أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم الإفساد في الأرض، وسفك الدماء المعصومة لمسلمين أو غيرهم من المسالمين، إضافةً إلى أنّها أكثر الدول تضرراً من الإرهاب، ومن أوائل الدول التي ضربها الإرهاب المتذرع بذرائع الإسلام والجهاد، إلى جانب مكانة المملكة الدولية المرموقة وكونها قبلة المسلمين ومأوى أفئدتهم.
وأضاف أنّ تلك الجهود جاءت متنوعة وشاملة داخلياً، وخارجياً، وفكرياً، وأمنياً، وسياسياً، منوهاً بأنّ مواجهة المملكة للإرهاب الداخلي كان له طابعاً خاصاً استقطب العديد من الإشادات الدولية، -وبفضل الله- ثم بفضل هذا الجهد الناجح كسرت شوكة الإرهاب داخلياً، وأوقفت مسلسل الاعتداءات الإجرامية، والتفجيرات، وفككت الكثير من مخططاتها وتنظيماتها، مبيّناً أنّ المملكة سعت لتشكيل تعاون دولي واسع لمواجهة الإرهاب، من خلال التنسيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أبرز الدول، ودعوات خادم الحرمين الشريفين ورعايته لجهود الحوار العالمي والمحلي وجهود محاربة الإرهاب الدولية.
وأشار إلى أنّ من الجهود العظيمة للمملكة في محاربة الإرهاب الموقف الحازم للقضاء السعودي الذي جاء متوجاً للجهود الأمنية الجبارة، في رصد وتتبع وضبط كل من ينتمي لهذا الفكر الضال، ومن ارتكب أياً من الأفعال الإجرامية، أو ثبت انتماؤه للجماعات الإرهابية التي أناط الأمر الملكي الصادر قبل مدة بتجريمها، وكلّف وزارة الداخلية الإشراف على لجنة تتولى تحديد هذه الجماعات الإرهابية، مشدداً على أنّ أحكام القضاء جاءت متنوعة العقوبات بحسب تنوع الأفعال الإحرامية، كما كانت محايدة مستقلة تقرر باستقلال تام مدى إدانة المتهم من براءته، ودرجة عقوبته، حتى لو خالف ذلك رؤية وطلب الادعاء العام، وهو ما نراه واضحاً من خلال اعتراض المدعي العام على الكثير من الأحكام الصادرة بالبراءة أو بتقرير العقوبة.
أحكام عادلة
واعتبر "سعيد بن أحمد العُمري" -محامٍ ومستشار قانوني- أنّ المملكة تبذل جهوداً حثيثة من أجل تصحيح مفاهيم بعض المغرر بهم، وذلك بأنّ النظام أتاح للتائبين من الإرهابيين فرصة الإصلاح، موضحاً أنّ المادة (27) من ذات النظام نصت على أن تُنشئ وزارة الداخلية دوراً تسمى "دور الإصلاح والتأهيل"، تكون مهماتها الاعتناء بالموقوفين والمحكوم عليهم وتسهيل اندماجهم في المجتمع، وتعميق انتمائهم الوطني، وتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم، مبيّناً أنّ قضايا الإرهاب تنظر أمام المحكمة الجزائية المتخصصة وفقاً للاختصاصات الجديدة وتفاوتت الأحكام بين حد الحرابة والسجن مع المنع من السفر، لافتاً إلى أنّه يتم الاعتراض على الأحكام التي تصدر ضد الإرهابيين أمام محكمة الاستئناف وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ العلم بالحكم.
وأضاف أنّ الإرهاب أضحى جريمة دولية فهو لا يستهدف دولة دون أخرى ولا يفرق بين صغير أو كبير، نساء أو أطفال، مؤكّداً على وجوب أن يتعاون أعضاء المجتمع بغرض اجتثاثه من جذوره، لافتاً إلى أنّه أمر يحتاج لفترة من الوقت وتعاون تام، وأن يتم سن القوانين وتطويرها وتطبيقها بحزم وتجفيف مصادر تمويله، موضحاً أنّ العقوبات المغلظة في الأحكام الصادرة مؤخراً تتوافق مع النظام، وتتناسب مع حجم الجرم المرتكب وستكون رادعا لمن يسلك طريقهم، مطالباً بأنّ تدرس كليات الشريعة والقانون مادة تحت مسمى الأمن الوطني والنظام كما هو موجود في الدول التي تحارب الإرهاب.
نظام تجريم الإرهاب واضح في تنفيذه أو تمويله
لفت "سعيد بن أحمد العُمري" إلى أنّ الإسلام دين تسامح، ومحبة، ورحمة، وليس كما يدعي البعض دين كراهية وعنف، لافتاً إلى أنّ المسلمين الأوائل نشروه بالحجة والإقناع، ولم يحاربوا من يرفض الدخول إليه، إلاّ إذا اعتدى عليهم، منوهاً بأنّ الكثيرين دخلوا الإسلام نتيجة المعاملة الحسنة من المسلمين، فالدين المعاملة.
وقال إنّ الإرهاب انتشر في الألفية الثالثة بشكل كبير، وظهرت العديد من الجماعات المتطرفة في عدد من البلدان، تعتدي على الأبرياء، من خلال التفجيرات، وغيرها من أعمال العنف، موضحاً أنّ تلك الجماعات أنشأها ودعمها أعداء الإسلام؛ لأنّها تحقق لهم أهدافهم التي سعوا إليها حثيثاً من أجل تشوية صورة الإسلام والمسلم، وخاب مسعاهم، مؤكّداً على أنّه عندما تطورت جرائم الإرهاب كان لابد من تطوير النظام؛ لذا سنت المملكة نظم وقوانين مكافحة الإرهاب، وأصدرت نظام مجلس الأمن الوطني السعودي الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم أ/296 وتاريخ 13-9-1426ه، الذي يهدف إلى المحافظة على مصالح الدولة الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وحمايتها وسلامة شعبها.
وأضاف أنّ المملكة أصدرت بعد ذلك "نظام مكافحة الإرهاب وتمويله"، اعتباراً من ربيع الثاني 1435ه، وعرّف هذا النظام "جريمة الإرهاب" في المادة الأولى منه بأنها: (كل فعل يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر، يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها)، كما جاء بالمادة نفيها في الفقرة (ب) منها تعريف "جريمة التمويل" بأنها: (كل فعل يتضمن جمع أموال، أو تقديمها، أو أخذها، أو تخصيصها، أو نقلها، أو تحويلها -أو عائداتها- كلياً أو جزئياً لأي نشاط إرهابي فردي أو جماعي، منظم أو غير منظم، في الداخل أو في الخارج، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر من مصدر مشروع أو غير مشروع أو القيام لمصلحة هذا النشاط أو عناصره بأي عملية بنكية أو مصرفية أو مالية أو تجارية، أو الحصول مباشرة أو بالوساطة على أموال لاستغلالها لمصلحته، أو للدعوة والترويج لمبادئه، أو تدبير أماكن للتدريب، أو إيواء عناصره، أو تزويدهم بأي نوع من الأسلحة أو المستندات المزورة، أو تقديم أي وسيلة مساعدة أخرى من وسائل الدعم والتمويل مع العلم بذلك؛ وكل فعل يشكل جريمة في نطاق إحدى الاتفاقيات الواردة في مرفق الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، وبالتعريف المحدد في تلك الاتفاقيات).
وأشار إلى أنّ ما يميز نظام مكافحة الإرهاب وتمويله لا يخضع لمبدأ الإقليمية مثل الأنظمة الأخرى، وهذا ما نصت عليه المادة (3) منه على أنّه استثناءً من مبدأ الإقليمية، تسري أحكام هذا النظام على كل شخص سعودياً كان أم أجنبياً ارتكب -خارج المملكة- جريمة الإرهاب أو تمويله أو ساعد على ارتكابها، أو شرع فيها، أو حرّض عليها، أو أسهم فيها، أو شارك فيها، ولم يحاكم عليها، وكفل النظام في المادة (10) منه الحق لكل متهم أن يستعين بمحامٍ ممارس للدفاع عنه قبل رفع الدعوى إلى المحكمة بوقت كافٍ تقدره جهة التحقيق.
السماح لأسر السجناء بزيارة أبنائهم والجلوس معهم بدافع إنساني
القضاء كفل للمتهم المحاكمة العادلة وفق الأصول القضائية
د. أنور عشقي
د. عمر الخولي
محمد الجذلاني
د. محمد المشوح
سعيد العمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.