التفوق في حد ذاته احساس رائع يسعد صاحبه والتكريم يحفز ويشجع ويمنح القدرة والمثل للآخرين ويدفعهم للإبداع والتنافس الشريف.. اما التجاهل وعدم تكافؤ الفرص فهو يكرس الاحباط ويثبط الهمم ويجرح النفوس.. هذه هي الخلاصة التي خرجت بها (اليوم) وهي تجري هذا التحقيق مع عدة طالبات متفوقات تحدثن عن ذكرياتهن مع جائزة التفوق وهن على مقاعدهن الجامعية.. حالة وحيدة تركت الجائزة في نفسها ألما لكنها تجاوزته بمزيد من التفوق. تقول أريج عبدالله علي الوكيل طالبة بالسنة الثانية بكلية الطب وحاصلة على المركز الأول في القسم العلمي انها لم تخطط للحصول على الجائزة ولكنها بالطبع خططت للتفوق بهدف الالتحاق بكلية الطب ولم استعد نفسيا للفوز بجائزة التفوق او حتى ان أحصل على المركز الأول على المنطقة. وان كان أهلي يتوقعون ذلك ويأملونه.. وتحكي أريج ذكرياتها قائلة.. بعد الصف الدراسي الاول وبعد حصولي على 100% قضيت فترة طويلة وأنا أترقب نتائج تفوقي وأثناء تصحيح الرئاسة العامة لم أكن متفائلة بصورة كبيرة ولكن بعد انتهاء الامتحانات أخبرتني مديرة المدرسة بانه قد وصلها امر تفوقي دون تحديد وبعدها جاءت أول تهنئة بالجائزة من أختي وابنة خالتي اللتين قامتا بايقاظي فجرا بمجرد ظهور الصحف لتبشراني بالجائزة وتلتهما تهنئة أمي ثم والدي. الجائزة والحافز وتقول أريج عبدالله ان الجائزة في حد ذاتها تحفيز قبل التكريم وتشجيع للاستمرار في التفوق فالمرء يشعر ان الدولة توليه اهتمامها وليست الأسرة فقط ففي خلال مراحل الدراسة السابقة كانت الأسرة هي المشجعة فقط وهي التي تعطيني الحافز للتفوق بهدف تحقيق ذاتي من خلال هذا التفوق ولكن بالجائزة أصبح المعنى مختلفا وأصبحت أهميته اكبر.. وعن تأثير فوزها بالجائزة على تعاملاتها مع الآخرين وخاصة زميلاتها تقول أريج.. لا بالطبع فزميلاتي بكلية الطب جميعهن متفوقات ومن الأوائل وطالبة الطب بالذات تبني حياتها من جديد وليس على أثر تفوقها السابق او فوزها بالجائزة.. وتقول في كلمة لكل فتاة طامحة للفوز بالجائزة ان التفوق أمر يدل على قيمة الانسان في مجتمعه وانه لا يعيش حياته بعشوائية بل يخطط لها من خلال اهتمامات شخصية مميزة ورغبة قوية في تحقيق طموحه ويجيىء التفوق على قدر تمسك الإنسان بتحقيق هذا الطموح وسعيه اليه.. فالتفوق مسؤولية تجاه النفس اولا واثبات للذات وليس تجاه من قاموا بتكريمنا فقط فالانسان لا بد وان يتطلع دوما الى الأفضل. احباط المديرة! أما فاطمة أحمد حسن ابراهيم هلال والحاصلة على المركز السادس القسم الأدبي بنسبة 99.43% وهي الآن بالسنة الثانية بقسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب بالدمام تقول: ان الحديث عن الجائزة يثير شجوني لأنني استرجع تفاصيل علاقتي بالجائزة وهي لا تخلو من غرابة.. فقد كنت في النصف الدراسي الاول وحصلت على مجموع 100% وتوقع الجميع حصولي على الجائزة بمن فيهم أنا وأسرتي وحين حصلت على المركز السادس انتظرت ان تتوجه لي دعوة او بطاقة او حتى شهادة فلم يحدث شيء من هذا القبيل, وانتهى الحفل وترك هذا الأمر جرحا غائرا في نفسي.. وكان لا بد وان تتابع أسرتي الموضوع لمعرفة سبب عدم حصولي على الجائزة وقامت والدتي بالاتصال بالرئاسة وبعد جهد اسندت الأمر لأحدى الموظفات والتي ذكرت لوالدتي ان الموضوع (قرعة). أما مديرة مدرستي فقد احبطتني فلم أتلق يوما تشجيعا منها بل على العكس فقد كانت احدى المتفوقات من زميلاتي في القسم العلمي في مدرستنا هي التي تحظى برعايتها بشكل لافت ويوم حفل التخرج الذي اقامته المدرسة قامت المديرة باحتضانها امام جميع أولياء الأمور والطالبات وأشارت الى انها حتما ستكون من متفوقات الشرقية. أما أنا وبرغم تفوقي فلم تذكرني بكلمة وانتظرت حتى ينتهي الحفل وذهبت الى المنزل وانخرطت في بكاء وحسرة لأنني لم استطع تحمل تجاهلها الذي لا اعرف له سببا حتى الآن.. حتى والدتي عندما سألت المديرة عن تكريمي او شهادتي قالت لها التكريم للمتميزات ممن حصلن على 100% فقط.. وتواصل فاطمة بحرقة حديثها قائلة: إحدى المعلمات التي كانت تشجعني هي وبقية معلمات كثيرا ما سألتني عن الجائزة او الشهادة ولكن لم يكن لدي جواب لأنني لم احصل على شهادة تكريم.. فهل الشهادة هي الأخرى خاصة فقط بمن تحصل على 100%.. أقول هذا لان الرغبة في الحصول على الجائزة كانت هي الدافع للتفوق.. وتضيف فاطمة بجدية بالغة لا تخلو من شجن.. أنا ما زلت متفوقة في دراستي في الكلية والحمد لله علاوة على شعوري بتحمل المسؤولية وهدفي هو التعليم وزيادة المعرفة بالدرجة الأولى وليس التحصيل للدرجات كما كان في المرحلة الثانوية.. لكنني أود أن أوضح انه اذا كان تكريم المتفوقات حقا فقط لمن يحصلن على 100% دون بقية المراكز العشرة الأخرى من الأوليات فليت القائمين على القرعة يعلنون ذلك من خلال الصحف ووسائل الإعلام وان كان هناك خطأ وان العشرة الأوائل يستحقون التكريم او على الأقل شهادات تكريم بدون جائزة فلنعلن ذلك.. لانني بصراحة لا اتمنى ان يحدث لأي طالبة متفوقة ما حدث لي.. لأن الجائزة بالرغم من هدفها السامي وتحفيزها على المثابرة والجهد إلا انه عندما يحين موعدها في مثل هذه الأيام تنتابني حالة محزنة لذكرياتي معها على عكس زميلاتي اللاتي حصلن عليها.. وهذا دليل على قيمتها الكبرى في حياة كل من حصل عليها وتأثيرها على استمرار تفوقه. البداية في الأسرة تقول رانية آل قو احمد في السنة الثالثة بكلية الطب وحاصلة على المركز الأول بالقسم العلمي حول حصولها على نسبة 100% وتفوقها.. كان كل همي وهدفي هو مجموع الدرجات لكي استطيع الالتحاق بكلية الطب فقد وضعت في بالي هذا الأمر واعتبرته طموحا ممكن ان يتحقق. وجاءت النتيجة أفضل بحمد الله وحصلت على الجائزة الى جانب التحاقي بكلية الطب.. واستطيع ان أقول ان الجائزة لم تغير مسيرة حياتي لان هدفي ما زال كما هو ولكنها منحتني حافزا رائعا دون شك ساهم الى حد كبير في رفع معنوياتي.. وبلا شك فقد منحتني الجائزة وضعا متميزا خاصة في بداية حصولي عليها وبالذات على مستوى الأسرة والأقارب والزميلات خاصة وان الفرحة بها كانت جماعية ولكن بعد مضي الوقت تعود الأمور الى طبيعتها ولكن يستمر التكريم في منح المتفوق القدرة على الاستمار فأنا ما زلت متفوقة في الكلية وأحصل كل عام على تكريم في الحفلات التي تقيمها الكلية للمتفوقات.. وأقول لكل طالبة لديها الطموح الى التفوق.. (من طلب العلا سهر الليالي) وان لا شيء يأتي من فراغ فكل مجهود نبذله لا بد وان تعقبه نتائج على قدر جهدنا.. والتفوق يسعد صاحبه ويجدد مسؤولياته عن استمراره.