ثمة جنون يجتاح الساحة الرياضية، وحرائق تلتهم زواياها، وتعرجات كثيرة في طرقاتها، وأمطار غزيرة تغرق مبانيها. أصبحت قريبة جدا من أفلام هوليود، كل سكناتها وحركاتها تصب في الأكشن، فكل شيء يتحول إلى مطاردة ومشاغبة وحتى مضاربة. المشي في أروقتها تحول إلى هرولة، والأخيرة تحولت إلى سباقات "بولت"، فالخطوات تتسارع بشكل جنوني. أصبحنا لا نعرف من هو الجاني ومن المجني عليه، حتى بتنا لا نفرق بين الفعل وردة الفعل. كل شيء تغير، حتى الخريطة الرياضية لم تعد صالحة للسير في بحرها وبرها، لم لا ونحن نشهد أن التراشق والتناحر بين أبناء النادي الواحد هو القاعدة، وغيره استثناء، فالمعادلة أصبحت بالمقلوب، والحابل اختلط بالنابل. لا تستغربوا، ولا تندهشوا، ولا تضربوا كفا على كف، عندما ترون في القضايا الرياضية لدينا بدايات تخلو من النهائيات العنوان الأبرز في الساحة الرياضية يدرج تحت مقولة "كل شيء جائز"، فالرياضة ليست كالسياسة، فإذا كانت السياسة تؤمن بأن الأصدقاء قد يصبحون أعداء والعكس صحيح حسب المصالح، فإن الرياضة في الآونة الأخيرة تؤكد أن الخصم ثابت والصديق أيضا ثابت، حتى لو كانت المصلحة تتطلب عكس ذلك، ويبدو أن أهل الساسة يتمتعون بالدبلوماسية، وأهل الرياضة يرون فيها ضعفا وإهدارا للكرامة وحتى أنها تمس العرض والشرف، وأقصد بذلك "الدبلوماسية". الاختلاف يتحول لخلاف، والأخير يتحول لخصومة تصل في نهاية المطاف لمحاكم وتشكيك في الذمم ومسرحية يبدأ فيها "اللاعبون" الفصل الأول، أما النهاية فلا يحددها من بدأ التمثيل، فهناك مستثمرون كثر في لعبة "مع وضد" لتمتد لآخر مد وربما تحرق الأخضر واليابس. لقد استمرأ الرياضيون تحويل "الحبة إلى قبة"، وتحت مبدأ "الجمهور عاوز كذا"، تم تأليف روايات متناقضة فقد يتحول الموقف التراجيدي إلى كوميديا، حتى الدراما التي تجمع المتناقضين التراجيدي والكوميديا، أصبحت لا تتحمل المواقف الرياضية التي لا تصنف وهي تعرض مسرحياتها ضمن الدراما الذكية أو الغبية، فهي قريبة جدا لملحمة "الفالصو". لا تستغربوا، ولا تندهشوا، ولا تضربوا كفا على كف، عندما ترون في القضايا الرياضية لدينا بدايات تخلو من النهائيات. وثقوا في المقابل، أن الحرية في الرياضة هي ديكتاتورية من نوع آخر، وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها في الوقت الراهن. من "يفرمل" هذا الجنون الذي أصبح قاعدة في السلك الرياضي، والالتزام بالنص هو الاستثناء؟! تفعيل الجهات المعنية، وإعطاؤها كافة الصلاحيات هو طوق النجاة وسط الأمواج المتلاطمة في بحر الرياضة السعودية. امنحوهم الدعم في إيقاف أصحاب النفوذ، حتى لا يصل الأمر لتكون الرياضة معضلة كبيرة في (درعمة) الشباب، بدل أن تكون حاضنة لهم. والخطورة، أن لا نلتفت لهذه الظاهرة إلا بعد وقوع الفأس على الرأس، كما هو الحال في القضايا غير الرياضية، وبعدها نحتاج لعمل مضاعف من أجل "التصحيح".