عندما تصبح الدراما وجهة للمال واللهث وراء شهرة وإخراج عمل، عندها تقتل أبطالها وتطرحهم أرضا! الدراما العربية ضرب من الهوس ونوع من الركض وراء الشهرة والمال. مع أن حقيقة الدراما في أقسامها المتنوعة من كوميديا وتراجيديا وتراجيكوميدي تهتم بالتفاعل الإنساني وتقديم ما يهدف إلى نفعه. هدف الفنان محتوم قبل سطوع ضوئه وغايته معروفة ومنهجه لا يختلف عليه اثنان، فأول ما تشاهد فلما عربيا سوف تصاب بخيبة أمل، إذا كنت من الناس الهادفين الذين يحبون أن يتابعوا ما يوصل لنتيجة! أصبحت كثير من الأفلام المصرية مهزلة، يبدأ الفيلم من حيث لا تعرف وينتهي دون سابق إعلام أو إنذار، هذا فضلا عن الإساءة للمجتمع وتبسيط أمر السوء عند الناس حتى يصبح عادة لا يلتفت إليها. أما عن المسلسلات الدراما المصرية فهي لا تكاد تخلو من الصراع المتصارع في وسطها، ومن خلع الحشمة، وجل الممثلات يخرجن بأقبح صورة وأردى هيئة، وعلاقة الشباب مع البنات، وهمس سيئ القصد والنية. وإن قارنا الأفلام العربية مع الأفلام الأجنبية تجدها تسقط من دون مرجح؛ لأن الفلم الأجنبي في غالبيته له وجهة واحدة ومقصد واحد لا يوجد فيه خلط، فمن يريد أفلام علمية وأفلام لها هدف أو قتال يجدها كما هي، أما الأفلام العربية الواحد منها يحتوي على كوميديا وآداب وقتال.! في وقت واحد وربما في لقطة واحدة.! وبالنسبة للمسلسلات في الدراما السورية فكانت أضبط بعض الشيء عن المصرية ونراها الآن ستتحدى الدراما المصرية في فشلها.! المسلسلات السورية بدأت تأخذ خط الانحناء السفلي وتنزل رويدا رويدا للهاوية السحيقة، كثيرا ما تمثل الدراما السورية أن المتدين ساذج فقير،، وتصور بالمقابل أن الغني ماجن فاجر يلعب بأعراض الناس ويأكل من لحومهم كيف شاء، وهذا جانب ما أقبحه في هذه الدراما. وأما عن الغرائب التي تطفو على سطح هذه الدراما فهي متناقضة في اتجاهات متباينة بحيث لا يمكن الجمع بينها إلا بغايات تافهة وتبريرات باردة، ولعل أشهرها ما ظهر في مسلسلات رمضان حيث إن بطل باب الحارة ذاك الرجل القوي صاحب القيم والأخلاق والمبادئ والقيم المسمى (أبو شهاب) يتحول إلى سائق تكسي كثير المهزلة واسع الذمة وينتحل اسم (أبو جانتي) فالاسم يكفى لكي يثبت مهزلة هذه التناقض. ومقابله شخصية (النمس) التي تعني الشخص الساذج الذي يضحك الناس عليه ومنه في باب الحارة يتحول في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» إلى شيخ ذي قيم وذقن طويلة وعنف في الدين ليخرج في آخر المطاف كذاب مدع منتحل للدين! وقس على ذلك الدراما الخليجية، والكويتية تحديدا. هذه هي حال الدراما العربية، والحق يقال إن هناك إثراء لجوانب قيمة في توجه بعض الأعمال في الدراما العربية كالمسلسلات التاريخية والأفلام التي تجسد سيرة رجال عظماء وربما كان أمهر من كتب وأخرج هو الراحل مصطفى العقاد فجاء بما لم يستطع أن يأت به أحد بعده. على أمل أن نرى في الدراما العربية ما يفتح النفس ويسر الخاطر. جعفر عبد الله الوردي