عزيزي رئيس التحرير "كل يؤخذ من كلامه ويرد عليه الا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم" , هذا هو المنهج الذي عقلناه من أسلافنا العظام الذين كانوا سادة الدنيا في العلم والأدب . أما لماذا فهذا مرده الى أن الإنسان ببساطة يستحيل أن يملك إزاء أي موضوع نظرة شمولية لا يتخللها خلل , نعم لا يملك الإنسان إلا عينين تدوران في محجريهما بزاوية محددة لا يمكن لهما تجاوزها , ومن هنا فإن نطاق الرؤية محدود , وهذا ينطبق على الفكر البشري فله تصورات ورؤى قد تختلف من إنسان لآخر بحسب القوة العقلية والتجربة الحياتية لكنها مهما كانت من القوة عند احد فانها تظل قاصرة عن امتلاك الحقيقة الكاملة ! لذا كانت كل الأنظمة والقوانين التي تسنها الدول والجماعات نتاج تلاقح أفكار عقول راجحة متخصصة ومع ذلك تظل أيضا عرضة للأخذ والرد خصوصا مع تعاقب الأيام واكتشاف ما كان بالأمس خافيا أو غامضا ! إذا كان هذا النقص يعتري الشمولي الشوري , فماذا يمكن ان يقال عن الفكر الفردي, انه والحالة تلك لا يمكن إلا أن يكون عرضة لنقائص كثيرة ومثالب كبيرة وأخطاء جسيمة وقد تكون مميتة!! تطرقت كثيرا في مقالات منشورة بعدة صحف محلية لوضعية الطبيب البيطري عندنا وكيفية الارتقاء بها , وما ذاك إلا لحبي لتلك المهنة التي أود أن أراها يوما وقد احتلت مكانتها اللائقة بها , وهو يوم آت لا محالة , أسأل الله أن يكون قريبا , وكم كنت أتمنى أن يتكرم علينا أحد المسئولين المحترمين بالرد على كل الجزئيات المطروحة وبأسلوب مغلف بالأدب الذي هو ديدن كبار المسئولين, وبعيدا عن استخدام التجريح الشخصي الذي لا يخدم في النهاية ولا يحل مشكلة , لكن قد طال بنا الامر ومع ذلك فلن نفقد الامل ابدا, فقول الحق مرة تلو مرة ستحيله في النهاية الى واقع ملموس بإذن الله , قام بالاتصال بي عدد من الاخوة الاطباء البيطريين منهم أساتذة جامعات والآخرون منتمون لوزارتنا الموقرة , وأعربوا عن رضاهم عن بعض الجزئيات المطروحة في مقال ( احذروا الطب البيطري) وأبدوا في البعض الآخر ملاحظات لا تتفق ورؤاهم , على أني لم أر تشخيصا للموضوع بصورة منطقية كتلك التي تشرفت بسماعها من احد الأطباء السودانيين تعليقا على المقال نفسه بعد أن قرأه , وكان قد جاءنا زائرا للمختبر لأول مرة , ولم يكن إذ ذاك يعلم عن الكاتب لأنه لم ينتبه إلى الصورة المرفقة ! .. من هنا آثرت حقيقة أن آخذ ملاحظاته على محمل الجد فهو يتحدث نقدا للموضوع من غير ان يكون واقعا تحت تأثير أي مؤثر , وأهمها المجاملة الشخصية ! إن أهم ما تطرق إليه هذا الدكتور الفاضل هو أن المطالب التي تطرق اليها الكاتب مع جزمه بصحتها , مبالغ فيها نوعا ما على الأقل في المرحلة الحالية ! فالطبيب البيطري لم يتجاوز عمر معرفة المجتمع به إلا سنوات معدودة , لم تكن كافية بحيث أن تكون له صورة شمولية تضع مسئولياته الجسام أمام أنظار الناس , فيعلموا هناك أن خط الدفاع الصحي الأول والسد الوقائي لأمراض عديدة قد تتسرب إليهم وبعضها مميت , وهو الطبيب البيطري الذي لو فرط في أداء عمله بداءة كان الأمر في بعض الأحوال كارثيا ! ولا داعي لكثرة التدليلات فأمر ( الوادي المتصدع) وهو مرض حيواني أصلا ينتقل للإنسان , معروف لدى الجميع وغيره مما قد كفانا الله شرور انتقالها إلى وطننا الحبيب كثير لا داعي لشغل الأذهان بذكره, أمنت أخيرا على كرم الدكتور (السوداني) الفاضل وأثنيت ! على بعد نظره , وأعلمته إذ ذاك أن كانت المقال ليس إلا (محدثه) وأنني جد معجب بأسلوب نقده ( المحترم جدا) نعم , هأنذا اعترف أنني كنت عجولا , وان الأمر في النهاية سيأخذ شكله الطبيعي من غير ما عنف لن يولد في النهاية إلا عنفا مضادا ولم يخدم أحدا أبدا ! ختاما : زارنا في بداية حياتي العملية أحد الاستشاريين البريطانيين موفد من قبل الوزارة إلى مختبرنا بالأحساء , وبعد أن شارف على نهاية جولته , التفت إلي قائلا: هل يعامل الطبيب البيطري عندكم كما هو معمول به عندنا ؟! فرددت عليه سريعا: وكيف تعاملونه؟! , أجاب قائلا: عندنا إذا مشى الطبيب البيطري في طريق , فمر على نفر جالسين , يقفون له احتراما وتقديرا !!! عندها أطرقت رأسي قليلا , وقلت ضاحكا ضحكة يشوبها كدر: every thing will be changed evenminds كل شيء سيتغير وفق ما أشرت د. إبراهيم عبد الرحمن الملحم