سعادة رئيس التحرير في مقالها المعنون ب"ليتهم يفعلون" فتحت د. أمل النار على مقال خط بيمين دكتورنا الفاضل د. خالد الحليبي لا شلت يمينه، ولا أدري حقيقة لم هذا الانفعال الذي لم يعهد في كتابات الدكتورة الكريمة والذي أخرجها بدوره عن فضيلة قرع الحجة بالحجة الى التعدي والتعريض بشخصية الكاتب النحرير ظاهرا وباطنا، مع انه والحق يقال لم يقل إلا حقا واليكم الدليل: 1 تقول اختنا الفاضلة "لا بل امتد الى ان نصبوا أنفسهم نقادا لمن تتجرأ وتحاول ان تغمس ريشتها بالمداد وكأنه حكر على الرجولة" اقول: ان ما ذكرت ليس إلا دليلا ضدك وليس لك أبدا، ذلك ان الكاتبة يفترض ان تكون شقيقة الكاتب الرجل، فمن غير المعقول البتة ان تتعرض كتابة الرجل للنقد سواء من قبل رجل مثله او من امرأة، على حين ان كتابة المرأة بمنأى عن ذلك النقد وبالذات من قبل الرجل، فهل تعتقد الدكتورة ان ذلك عدل؟ أم أنها تؤمن بمقولة بعض المنتمين الى الأدب بأن هناك أدبا أنثويا وآخر ذكوريا، مع يقيني التام بأن الدكتور لو صرح ولا أراه كذلك بذلك لأوسعته الكاتبة قدحا وذما!! 2 تقول الدكتورة: لنبدأ من العنوان الذي صاغه الكاتب بأسلوب استفهام يحمل روح الانكار للكاتبات ب "من" التي من أوجهها الاستفهام والتعبير عن نكرة!! واليها أقول "ولماذا افترضت ان الدكتور يقصد هذا الوجه "الإنكار" بالذات، مع ان المعلوم ان هذا الوجه يعد أحد أوجه دلالات "من" بل لعله من اضعفها، فما الذي حدا بالكاتبة ان تستغل هذا الوجه الضعيف وتحمل مقصود "من" في سياق كلام الدكتور عليه، ألا يعد هذا من قبيل التعدي والافتئات بالرأي، ام ان الكاتبة تملك شفافية في البصر نفذت بها الى أعماق الكاتب وعرفت نيته ووجهته وفهمت ما لم يفهمه الآخرون!! فعجيب أمر الكاتبة تدخل في القلوب لتستشف المعاني الباطنة، وهي التي تنعي على الكاتب مثل هذا السلوك وتراه مشينا في قولها "فهل دخلت الى قلوبنا حتى تحكم". 3 تقول أيضا "هل راجعت عباراتك عن النوع من الكاتبات في تصنيفك حيث قلت: (الكاتبات ذوات الاطروحات المؤدلجة.. الى قولها: واللاتي يتبنين فكرا معينا يختفي وراء سترة شفافة من القيم الأصيلة يخدعن بها المجتمع المحافظ..) واليها أقول: وماذا يضير ان يوجد في أي مجتمع من يشذ عن أعرافه وقيمه ومبادئه خصوصا ان الدكتور ذكر بأن أولئك قلة، فهل يضيرنا كمجتمع إسلامي محافظ ان يتواجد بيننا من يشذ عن ويتنكب درب الاستقامة فكرا وقولا وعملا او شيئا من ذلك، واذا كان خير القرون وجد بينهم من اعتبر بنص القرآن من المنافقين، فهل مجتمعنا أفضل من أولئك او نحن ملائكة اطهار لا يأتينا الباطل من بين أيدينا ولا من خلفنا، أم ان الدكتورة ترى ان كاتباتنا وكاتباتنا فقط قد بلغن الكمال فلا ينبغي بحال ان يتسرب الشك لاحداهن ولو أتت نكرا، كما لا ينبغي ان تصل اليهن سهام النقد ولو قلن او كتبن إفكا؟ اذا كانت الدكتورة ترى ذلك فهي قد وقعت في شرك الفكر الأحادي الذي تنعي على الدكتور وصمهن به! وهذا من باب "من قولك أدينك" وليس تجنيا بأية حال. 4 وتقول كذلك "هل تعتبر ما دار على الانترنت من حديث حول نشاط جمعية الاحساء الخيرية من قيمنا الأصيلة.. الخ قولها: فماذا عن التشهير بالناس والسخرية والهمز واللمز؟! أقول: ياكاتبتنا الفاضلة ما الذي جاء بأمر الجمعية النسائية هنا والدكتور لم يتطرق الى ذلك لا تصريحا ولا حتى تلميحا، كما ان الدكتور الكريم لا اعتقد انه يملك وقتا يهدره في تصفح مواقع انترنتية لا تعود عليه بالنفع وهو الكاتب والأديب والشاعر والمحاضر ومدير مكتب احدى صحفنا السيارة وإمام المسجد وخطيب الجمعة، فاذا أضيف لذلك هموم الأسرة ومتطلبات الحياة فهل بعد ذا يبقى له بقية من وقت يسكن فيه الى نفسه فضلا عن ان يزاول ما يزاوله الفارغون؟! 5 ثم تستطرد قائلة "أتحكم بذلك الحكم الذي لا يتناسب مع "سيماك التي في الصورة" واليها أقول: هل معنى ان يكون المرء ذا خلق ودين ان ينأى بنفسه عن قول الحق والذب عنه، اذا كنت ترين ذلك فأنت جد مخطئة، فالصالح حقا هو من لا يسكت عن الخطأ وكشف غواره، وان لم يفعل ذلك فهو شيطان أخرس ولو تزيا بأعظم مما ألمحت اليه في الصورة إياها!! 6 تتساءل الدكتورة عن عدم غض الدكتور طرفه عن تلك القلة من الكاتبات اللاتي يحملن الفكر إياه لا بل تطالبه بذلك مع انها تعترف ان الدكتور يقصد رصدا للكتابة النسائية، فهل جهلت او تجاهلت الدكتورة ان الرصد معناه الاتيان على كل جزئية مهما صغرت ودقت وان كانت لا تمثل نسبة تذكر؟ 7 تستغرب الدكتورة مما أثاره الدكتور من أمر أغلب الكاتبات ذوات المرجعية الواضحة من ان كثيرا منهن لا يعبرن عن آرائهن لأسباب اجتماعية متوارثة؟! وأنا بدوري استغرب مما تستغرب منه وهو من الأمور المعلومة عندنا ومما لا يحتاج الأمر معه الى مزيد بيان. 8 تستأنف الدكتورة هجومها قائلة "وهاهي ذي حركتك الراصدة صفر اليدين.. فلا حركة راصدة اذا طالما ان هذا هو مقياس الرصد والحكم" وفي موضع آخر "كأنك ياأبا زيد ما غزيت" واني هنا لأسجل اندهاشي من هذا المنطق المعوج الذي ما زال راسبا في ذهنية بعض الباحثين العرب من ان النتيجة السلبية لبحث ما دليل على انه خاطئ وغير ذي قيمة، مع ان المتعارف عليه وعند أهل العلم الراسخين ان النتيجة السلبية تعد بكل المقاييس نتيجة يستفاد منها، ودعونا نقرب الصورة حتى تتضح للجميع: لو ان طبيبا بيطريا أجرى بحثا عن احد الأمراض الوبائية في منطقتنا مثلا ثم خلص في نهاية بحثه التي قد تستغرق أعواما الى ان هذا المرض غير موجود نهائيا عندنا، فهل سيأتي من يقول ان البحث كان خاطئا، وان الباحث قد أضاع وقته ويقال له "كأنك ياأبازيد ماغزيت!" مع ان تلك النتيجة منعت هدرا ماليا ضخما ان يستنزف في جلب تحصينات لذلك المرض لو ان النتيجة كانت بالايجاب! أرأيتم كيف ان حكم الدكتورة على النتيجة التي خلص اليها الدكتور جراء رصده وهي نتيجة صادقة بكل المقاييس كان جائرا، فهل تريد الدكتورة من زميلها حتى تحكم له بقيمة بحثه وبموضوعيته ان يصرح بأننا ولله الحمد لدينا كاتبات راقيات الفكر 100% واضحات الرؤية 100%، ونهجهن قويم 100%؟! 9 في افتتاحية مقالتها شنعت الدكتورة أمل على نهج الدكتور خالد في طرحه المتناقض كما تقول "فجاءت متناقضة حائرة بين اغضاب وارضاء.. فما يشقه في سطرين يرقعه في الثالث" والعجيب انها وقعت فيما اتهمت به زميلها من إيراد ألفاظ منافية لما سبق ذكره كعملية ترقيع وارضاء للطرف الآخر، وذلك في آخر حديثها المكتوب. "في النهاية ياأخي كلنا سواء نحن وأنتم فكل منا يعبر عن رأيه الخاص" وهذا واضح انه يخالف نهجها الذي سارت عليه طوال المقالة والذي أجزم يقينا انها لو كانت تؤمن به لما احتاجت الى تدبيج تلك المقالة ولما استدعى الأمر كما تقول في بداية كلامها الى ان تتحزب هي مع زميلات الحرف فتنبري لابداء رأي. ختاما: مازالت العقلية النسائية عندنا بل وحتى عند غيرنا أسيرة عقدة النقص، ولا أظن إلا ان ذلك سيقيم في دواخلهن ما أقام عسيب. وأجمل تحياتي أزجيها الى كاتبتنا وكاتبنا الفاضلين، وعذرا للجميع. سعادة رئيس التحرير.. آمل ألا يكون مصير هذه الوريقات كمصير سوالف لهن عندما كان الأمر يتعلق بإحدى كاتبات "اليوم" ومقالة لها، واذا كان الأمر وآمل ألا يكون كذلك، فالرجاء تذليل كل مقالة نسوية بعبارة "غير قابل للنقد" ولتوجه السهام الى الرجال فهن أهل الحرب والصدام والجلد!! د. ابراهيم عبدالرحمن الملحم المختبر البيطري بالاحساء